د. عبدالله الفضلي
1- إن عصر جورج بوش قد ولى ولن يتكرر بوش مرة أخرى أبداً، فلقد عاش العالم كله ثماني سنوات عجافاً من القهر والظلم والابتزاز والغليان والحقد والكراهية والبغضاء التي زرعها المستر بوش في جميع دول العالم وبصفة خاصة في منطقة الشرق الأوسط وما ألحقته سياسته الهوجاء وتصرفاته الرعناء بنا من كوارث وحروب تدميرية.
وقد قامت سياسة بوش على مبدأ استعماري قديم هو فرق تسد وكان له ما أراد فقد استغل غزو ا لكويت عام 1990م وخطط لما بعد الغزو فعمل جاهداً على شق الصف العربي والوحدة العربية والتضامن العربي وقسم العرب إلى جناحين متصارعين متنافرين متباينين جناح أسماه الجناح المعتدل وجناح أسماه بالجناح المتشدد والمتطرف فظل بوش يعزف على أوتار هذين الجناحين فأوجد بينهما الريبة والفرقة وزرع بينهما الحقد وباعد بينهما وجعل كل جناح عدواً مبيناً للجناح الآخر.
وهكذا زعم بوش أنه سيحقق السلام في الشرق الأوسط بين العرب والكيان الصهيوني في ظل الجناح المعتدل خلال فترة رئاسته الأولى وانتهت الفترة الأولى ولم يحقق السلام المزعوم ثم وعد العرب بأنه سيحقق لهم السلام حتماً في الفترة الثانية وانتهت مدته الثانية ولم يحقق للعرب شيئاً بل خلف وراءه تركة ثقيلة من الحروب والكوارث والحقد والكراهية والإفلاس المالي وانهيار أسعار النفط ونهب ثروات العرب من البنوك الأميركية وقال لهم جميعاً: "باي باي" شوفوا لكم مخرج مع أوباما.
فهل بالإمكان أيها القادة العرب أن تنسوا عصر بوش ومشروعه التدميري الشرق الأوسط الجديد الذي سار عليه على مدى ثماني سنوات وهو يقسم العرب إلى يسار متطرف ويمين معتدل بعد أن عجز عن إنجاز أي شيء للعرب وهل ما زلتم مؤمنين بمشروع بوش الفاشل في تحقيق السلام بعد أن أدار لكم ظهره وولى إلى غير رجعة.
2- حينما انتقل الفلسطينيون من الكفاح المسلح والثورة الفلسطينية بعد مؤتمر أوسلو إلى الدولة والحكم والانتقال إلى السلام مع إسرائيل وتنحية الكفاح المسلح استأثروا بالسلطة فأحبوها ونسوا قضيتهم الكبرى وهي قضية فلسطين وتحريرها من الاحتلال الصهيوني.
وحين استأثروا بالسلطة والحكم أهملوا الكفاح المسلح وخلدوا إلى الاسترخاء والنوم وظنوا أن السلام سيعم فلسطين وسيعود اللاجئون إلى وطنهم بلا محالة.
فدخلوا في لعبة الديمقراطية الأميركية فانقسموا وتفرقوا وتقزموا وتشذرموا فانقسموا على أنفسهم وضيعوا قضية فلسطين في صراعاتهم الداخلية على السلطة ووجهوا بنادقهم إلى صدور بعضهم بعضاً فاقتتلوا في الشوارع وأريقت دماؤهم ليس من أجل قضية فلسطين ولكن من أجل السلطة والتمسك بالحكم والاستئثار بالسلطة والمال.
وكانت النتيجة مزيداً من التمزق والعداوة والبغضاء والذل والهوان وانكسار الثورة الفلسطينية وتكررت كارثة غزة مرات عديدة، فلماذا لا يعود كل الفرقاء الفلسطينيين إلى الثورة والكفاح المسلح؟ لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة؛ لأن هذا العدو الصهيوني لا تجدي معه التهدئات ولا يجدي معه السلام أو الأمن والأمان.
3- نريد من قادة الدول العربية المعتدلة التي صنفها بوش إلى جانبه كدول تحب السلام أن يقولوا رأيهم بصراحة هل من حق الشعب الفلسطيني في ظل عدم تحقيق السلام مقاومة الاحتلال الإسرائيلي أم لا؟ فإذا كان من حقهم مقاومة الاحتلال فلماذا لا تدعوهم يقاومون هذا الاحتلال بكل طاقاتهم وبكل إمكانياتهم وبكل عتادهم المتاح لهم، وإذا كان من رأيكم عدم السماح لهم بالمقاومة فما هو الحل؟ وما هو البديل لاسترجاع الأرض المحتلة والقدس الشريف؟ وهل التهدئات والمماطلات والمساومات والاختراقات والحصار الصهيوني القاتل للفلسطينيين يجدي مع هذا الكيان؟ وهل أنتم قادرون على إحلال السلام وإعادة الحقوق إلى أصحابها؟ وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس؟ أم أن ذلك مجرد تضييع للوقت وبيع أوهام من السلام الضائع مع إسرائيل، فالقانون الدولي يجيز للشعوب المحتلة مقاومة الاحتلال بشتى الطرق وبكل الوسائل، فلماذا تحرمون الفلسطينيين من حق المقاومة وتحرير الأرض؟ ولماذا تدعونهم دائماً إلى التهدئة مع العدو الصهيوني التي لا تخدم إلا العدو بالدرجة الأولى.
4- إن العدو الصهيوني ليس صديقاً للعرب ولا مسالماً لجيرانه، فهو عدو ماكر وشرس ووقح ومتغطرس فستون عاماً من الزمن والعدو الصهيوني يحتل فلسطين بقوة السلاح ويطرد مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى خارج فلسطين لتستقبلهم الدول المجاورة وتتحمل تلك الدول أعباءهم ومشكلاتهم ومعيشتهم وتعليمهم.
ويصر العدو الصهيوني على عدم عودتهم إلى أراضيهم تحت أي مبرر بينما يدعو العدو الصهيوني يهود العالم إلى الهجرة والوصول إلى فلسطين والسكن والعيش والبقاء في أرض فلسطين باعتبارها أرض الميعاد.
ولا يزال القدس الشريف تحت الاحتلال وتحت التهديد بتدميره، إذاً فهو العدو ليس إلا شيطاناً مريداً وعدواً مبيناً ومحتلاً جباراً، وإذا بطشوا بالعرب بطشوا جبارين، ولا ينبغي أن ننتظر من هذا العدو أن يكون مسالماً أو جاراً هادئاً "بل هم العدو فاحذرهم" ولقد طال أمد اليهود الصهاينة في فلسطين وتمادوا وظلوا في طغيانهم يعمهون، فهذا العدو الجبار المتغطرس المستكبر لا يمكن الركون إليه أو التعويل عليه في إقامة سلام دائم مع العرب وإقامة دولة فلسطينية مستقلة حرة عاصمتها القدس.
فهو لا يزال يتربص بمصر الدوائر ويتآمر عليها ويتجسس عليها ويغرق مصر بفساد المخدرات وضياع شباب مصر على الرغم من إقامة علاقات دبلوماسية ضمن معاهدة سلام دائم.
فكيف يمكن إقامة سلام دائم مع عدو لا يريد السلام لأنه قد نشأ وترعرع على المجازر وسفك الدماء والمحارق التي يرتكبها في حق جيرانه العرب، فهل لا زلنا نؤمن بأن هذا العدو يستحق السلام مع العرب وهو بهذه الشراسة والعدوانية والازدراء والاحتقار للأمة العربية.<