رياض الأديب
أضحى من المقرر أن يصل صباح اليوم ( الاثنين ) الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للمنطقة للمباحثات عملية السلام و الهادفة إلى وقف المجازر الوحشية التي تمارسها قوات الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني العزل .
أقول إن التعويل على الرئيس الفرنسي في إيقاف تلك المجازر يعد مضيعة للوقت خاصة في ظل الإخفاقات التي مني بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أوردغان و الذي أستقبله العدو الصهيوني بإعلان بدأ الاجتياح البري على غزة ..
ثمة مواقف نثمنها لكل من رئيس الوزراء التركي و الرئيس الفرنسي و مساعي الاتحاد الأوربي و أيضا رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة على جهودهم التي يبذلونها لأجل إيقاف هذه المجازر الدموية .
الحقيقة أن تحرك هؤلاء الزعماء و معهم أيضا دعاة السلام من الإسرائيليين ما كان ليتم لولا صحوة الضمير الإنساني الذي قارع قلوبهم و هم يشاهدون كيف تزهق الأطفال و النساء و الشيوخ بدم بارد من قبل أعداء الأمة و السلام .
التحركات الغربية لن يعول عليها الشارع العربي الغاضب كثيرا كونها لن تأتي ثمارها في المنطقة خاصة في ظل الهيمنة الأميركية والإسرائيلية على مجلس الأمن , ليبقى الأمل معقوداً على تحرك عربي جاد في إنقاذ المنطقة من حرب ستترك أثارها ولعناتها على مدى التاريخ لكل من تساهل معها.
و بالعودة إلى التحركات الغربية التي تندد بالعدوان الإسرائيلي هنا و هناك بفعل الضمير الإنساني والغضب الشعبي الجامح فأنها تركت أثارها في المنطقة بغض النظر عن نجاحها و ذلك بالمقارنة مع القيادات العربية الفاسدة التي خانت دينها و عرضها بغرض من الدنيا قليل , إن هذه القيادات الرثة لو تحركت بما تمليه عليها شعوبها لكانت هناك تحركات غربية جادة لإيقاف أبشع مجازر التاريخ المعاصر , و لكن ما الذي يتوقعه الشارع العربي من الغرب في إيقاف تمادي إسرائيل في ظل صمت عربي بل بمساعدة عربية و تخلذل مشين ..
حماس أراد الله لها أن تكون حاملة رايه الإسلام و الدافعة عن المقدسات الإسلامية و الكرامة العربية في وجه أعتى قوة في المنطقة جعلت حكامها - أي الدول العربية - يشجبونها نهاراً بينما ينحرون لها القرابين ليلاً بغية رضاها.
الأيام القادمة لن تكون سهلة على الفلسطينيين و لا حتى على الجيش الإسرائيلي و هو ما تؤكده قيادات الجيش نفسه و ذلك أن العدو الصهيوني سيحاول - و أنا أقول هنا سيحاول - أن يعيد ماء الوجه لقواته التي لا تقهر بعدما مرغت أنفها المقاومة اللبنانية في التراب في جنوب لبنان , إسرائيل ستحاول بشتى الطرق و كل السبل أن تعيد الثقة إلى نفوس جنودها بقدراتها العسكرية التي لا تقهر في نظرات القيادات العربية بينما هي لدى حماس أهون من جناح ذبابة .
تفاخر الإسرائيليين لم يصمد طويلا حينما اخترقوا ترددات قناة الأقصى الفضائية لتعاملهم حماس بالمثل حين اخترقت اتصالات الجيش الإسرائيلي و تخاطبهم بكلمات زلزلت الأرض تحت أقدامهم و ربما هو ذات الأمر الذي دعا بعض المهفوفين إلى القول بأن الحرب في المنقطة بين قوتين متكافئتين .
القصف الوحشي الذي تمارسه قوات الاحتلال من البر و البحر و الجو لم يزد المقاومة الحمساوية إلا صمودا و قوة و عزة و إجلالاً, أنهم جنود الله في الميدان و إلا ما معنى أن تحافظ حماس على إطلاق صواريخها من غزة رغم الضربات المستمرة من جانب قوات الاحتلال علاوة على الطائرات الاستطلاع و التجسس و الحربية .
تقارب عدد إطلاق الصواريخ الفلسطينية على العدو الصهيوني مع عدد الشهداء الفلسطينيين و الذي قارب 500 شهيد حتى يومنا هذا و في ذلك حكمة من المولى عز و وجل و ما رميت إذ رميت و لكن الله رمى.
إن مما لا يدع مجالا للشك أن الحرب ليس بين قوات متكافئة و إنما هي بين أعتى قوة في الأرض و رجال أختارهم الله ليكونوا ملائكة أهل الأرض فكانت ضاربتهم الموجعة للجيش الاحتلال بمجرد أن أقترب من غزة , أنهم أبطال العروبة و عزة غزة و الإسلام رغم أنوف الأنظمة الخانعة و الفاسدة التي ألحقت العار و الخزي بالأمة و فتحت لنفسها صفحات سوداء في كتب التاريخ ستظل لعنات الأجيال القادمة تصب عليهم حتى يرث الله الأرض و من عليها .
لن آذن لقلمي أن يكتب كل ما يجول في خاطره عن موقف القيادة المصرية من معبر رفح و لا عن وزير خارجيتها المشئوم حين أعلنت ليفني وزيرة الخارجية الصهيونية عن اجتياح غزة من جانيه , لأني و بصراحة أود أن أحافظ على بريق قلمي , إلا أني و بذات الوقت أكن للشعب المصري كل الاحترام فهو الشعب العظيم و هو قاهر الفرنجة في الحروب الصليبية و التتار في الحروب المغولية و أنه لقادر على قهر مصاصي دماء القرن الواحد العشرين وذلك بعد أن يتحرر من أنظمتهم الهزيلة و إني لأرى النصر آت من مصر العروبة و التاريخ و جمال عبدالناصر .
إن حقوق الإنسان المغتصبة في غزة و الدماء لن تذهب هدرا حسب ما وعدت حماس و أنها لتعني ما تقول و ستدمر بإذن قوات الاحتلال الصهيونية مع عدتها و عتادها , و كما هي عادة الجيش المهزوم الذي لم يتعض من الدروس السابقة سيحاول إخفاء كل الحقائق حول عدد قتلاه و هزيمته لكي لا تلحق الصدمات النفسية بجيشه و العار بقوته الضاربة و ما أعترافه بقتل و إصابة بعض جنوده في اجتياح غزة ما هو إلا أول بشائر النصر.<