حسن بن حسينون
النظام العربي الرسمي في طليعته النظام المصري المتصهين يرى إن إقامة إمارة صهيونية في غزة هي الأفضل ولا يمكنه أن يتحمل إقامة إمارة إسلامية يهيمن عليها حزب إخوان المسلمين المحظور في مصر وسبب صراعاً للنظام المصري خاصة ما بعد إبرام معاهدة كمب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1979م.
النظام الذي تخلى بالتعامل عن دوره ودور الشعب المصري الريادي تجاه القضايا الوطنية، والقضايا القومية والإسلامية حتى أصبح حليفاً إستراتيجياً ليس لأميركا والغرب وإنما للكيان الصهيوني والحركة الصهيونية العالمية خاصة ما بعد إبرام تلك المعاهدة السيئة السمعة والدليل على ذلك عزلة ذلك النظام الذي دخل في شراكة مع القوى الاستعمارية على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والدليل على ذلك دوره المتخاذل والتآمري عند اجتياح الجيش الإسرائيلي للبنان واحتلاله، ذلك الاحتلال الذي تم مباشرة بعد التوقيع على معاهدة كمب ديفيد، فعلى ذلك دوره الريادي الذي مثله الرئيس المصري تجاه ما تعرض له العراق والشعب العراقي أثناء الإعداد والمحاولات المختلفة لانسحاب القوات العراقية من الكويت، وبدلاً من حل ذلك الانسحاب في الإطار العربي وجامعة الدول العربية فقد أصرت مصر على تذليل قضية الانسحاب الذي أعطى الضوء الأخضر لقوات التحالف للقدوم إلى المنطقة براً وبحراً وجواً المزودة بأحدث ما أنتجته الصناعات الحربية من أسلحة فتاكة دمرت كل ما يمتلكه العراق من إمكانيات وقدرات مادية عسكرية وبشرية، لم يقتصر التآمر المصري عند هذا الحد بل شارك قوات التحالف أثناء الحرب وفرض الحصار على العراق الذي دام أكثر من ثلاثة عشر عاماً والذي أدى إلى سقوط بغداد بالحرب العدوانية واحتلاله.
ومن أهم التآمرات التي شارك فيها النظام المصري بقوة بعد احتلال بيروت عاصمة لبنان عام 82م واحتلال عاصمة الرشيد جاء دوره ومشاركته الإجرامية ضد المقاومة اللبنانية ودعماً للعدو الصهيوني في حربه على لبنان عام 2006م وقد شاركه في ذلك التآمر الصهاينة من الحكام العرب وعلى وجه التحديد في دول الجزيرة والخليج، غير أن أحلامهم وتوقعاتهم قد انقلبت رأساً على عقب وانقلب السحر على الساحر بانتصار المقاومة اللبنانية على ذلك الجيش الصهيوني الذي لا يقهر والذي أرعب النظام العربي الرسمي منذ نكبة 1948م وحتى الوقت الحاضر رغم الانتصار الكاسح الذي تحقق في لبنان، الانتصار الذي لم يستوعب الحكام العرب كل الدروس والعبر التي نتجت عنه.
وهاهم اليوم يكررون مرة أخرى مؤامراتهم الشيطانية وهذه المرة ضد أصحاب قضية العرب والمسلمين في فلسطين الذي بدأ خطواته الأولى في قطاع غزة واحتلاله حتى يأتي الدور القادم على الضفة الغربية ومن ثم المدن التي أطلق عليها بالخط الأخضر أو حرب إسرائيل على طريق تهويد فلسطين بالكامل.
أن الحرب الغير متكافئة والإبادة الجماعية لمواطني القطاع وتدمير البنية التحتية وبالذات التركيز على تدمير المساجد وأماكن العبادة لدليل واضح على المشاركة في ذلك المخطط الجهنمي والإجرامي، كما يعطي أكثر من دليل مشاركة النظام المصري في ذلك المخطط الأميركي الصهيوني.
ونتيجة لكل ما يحدث في غزة والذي سوف يتكرر بالتأكيد فيما تبقى من فلسطين فقد تحركت الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج كما تحركت أغلب حكومات وشعوب العالم منددة ومستنكرة لهذه الحرب العدوانية، حتى أن البعض من الحكام العرب قد أنبه ضميره وأصبح متعاطفاً مع مواطني غزة وضد الحرب العدوانية التي ذهب بسببها آلاف الضحايا الأبرياء وقد تناثرت أشلاؤهم في كل مكان من القطاع والتي شاهدتها شعوب الكرة الأرضية على مدار الساعة وبالذات أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ وقد دخلت أسبوعها الثاني، الجميع تحركوا وتحركت إنسانيتهم ورجولتهم وأخلاقهم الدينية على القائمين على النظام المصري والسعودي وكأنهم على موعد مع هزيمة المقاومة الفلسطينية وسقوط القطاع وتهويده، أن هذا الموقف المخزي يدل دلالة واضحة أن هناك التزام واتفاق مع أميركا وإسرائيل وكل من النظامين في التخلص من المقاومة وحركة حماس وإلا لماذا كل ذلك الصمت المريب والموقف المتخاذل.<