عبدالمجيد السامعي
الفرق بيننا وبين الأوروبيين شاسع وكبير في مجال العلم والمعرفة والمدنية فقد ترجموا مؤلفات ابن سيناء وابن النفيس والحسن بن الهيثم والخوارزمي وجابر بن حيان وبن رشد وغيرهم كثير، بل وقاموا بتدريس مؤلفاتهم في الجامعات وكانت هذه المؤلفات أساس النهضة التي تعيشها أوروبا حالياً.
ليس ذلك فحسب، بل إن بناء القلاع والحصون البحرية واستخدام الدروع في الحروب حتى استخدام الشارات العسكرية كلها أخذها الأوربيون من المسلمين، ولا ننسى أيضاً أن الأوربيين نقلوا صناعة الورق والأقمشة من المسلمين، أي أن تعاون الحضارات عملية مستمرة، وعليه فإن أي تقدم علمي هو حق لكل البشرية والأمثلة كثيرة عن بساطة النمو العلمي وسهولته والأخذ بالأسباب وتجاوز الفروق بنقل ما وصل إليه الشرق أو الغرب، وكذلك بساطة انشاء مراكز للأبحاث العلمية كل ذل سيحقق المطلوب، فكثير من العلوم ليس فيها سر ولم يخلقنا الله أغبياء وخلق غيرنا أذكياء، لكن القضية هي أن أنظمتنا لا تسمح بالتقدم بل يكبتون المواهب منذ بداياتها.
فلا تتخيل على الأقل خطة واضحة تبدأ بالقضاء على اللصوص وتنحية الأغبياء والخونة على مراكز القرار وتبدأ بيننا قتواعد علمية.
علينا أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون، الدول المتقدمة بمنظومة متكاملة للبحث والتطوير في مختلف المجالات إيماناً منها بأن السبيل الوحيد للحفاظ وضمان رفاهية شعوبها يكون بإحراز التفوق العلمي والتقني في ميادين المنافسة العالمية، فالامم لا تزدهر إلا إذا تيقنت بأن أمنها الإستراتيجي مرتبط بقدراتها على توطين التخصصات العلمية والتقنيات الدقيقة، ذلك لأن المستويات المعيشية في أي مجتمع من المجتمعات تعتمد على العلوم وتقنياتها.. والطريق إلى التفوق العلمي والتقني ليس مجرد العلم وتطبيقه وإنما يتطلب فقه العلم واستيعابه أولاً، ثم المهارة في استخدامه وتطبيقاته.
وقد فند أسلافنا في هذا الباب كثيراً، فقد كان جابر بن حيان ير أن العلم والمعرفة المسبقة من أهم شروط نجاح أي تجربة، حيث يقول في كتابه "التجريد: إياك أن تجرب أو تعمل حتى تعلم"، ويقول في مؤلفه الآخر: "أنه ينبغي أن نعلم موضوع الأوائل والثواني في العقل كيف هي حتى لا نشك في شيء منها"، أن أمتنا مطالبة بأن تحقق تفوق في جميع التخصصات على جميع المهارات وصولاً إلى المستوى المناسب في الجوده على جميع الاتجاهات، ولن نستطيع تحقيق ذلك إلا إذا ابتعدت أنظمتنا عن برامج الإقصاء للآخرين والتهميش للخبرات والنوابغ والله الموافق.<