احمد عمرابي
المظاهرات التي خرجت في العواصم العربية وعواصم العالم الإسلامي للإعراب عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تعكس رد فعل طبيعي بالنظر إلى وشيجة العروبة من ناحية ووشيجة الإسلام من ناحية أخرى. لكن ما هو جدير بالتوقف والتأمل هو المظاهرات الأوروبية العارمة التي انتظمت لندن وباريس ومدريد وفيينا التي بقدر ما كانت تعبيراً عن تضامن مع الفلسطينيين عكست أيضاً مشاعر غضب أوروبي جماهيري على إسرائيل.
ورغم أن المظاهرات الأوروبية دعت إليها أو شاركت فيها منظمات عربية وإسلامية في بلدان أوروبا إلا أن أغلبية أو على الأقل نصف الجماهير المشاركة كانوا أوروبيين مما دحض اعتقاداً عاماً سائداً لمدى عقود زمنية بأن شعوب أوروبا وخاصة أوروبا الغربية تتعاطف شعورياً مع إسرائيل أكثر من تعاطفها مع الفلسطينيين والعرب والمسلمين عموماً.
ومما اجتذب انتباه المراقبين أيضاً ان بعض هذه المظاهرات شارك فيها منظمات يهودية تتخذ موقفاً معارضاً للمسلك الإسرائيلي العدواني ضد العرب والحركة الصهيونية العالمية، وكانت أكبر وأقوى المظاهرات تلك التي جرت في لندن علماً بأنه خرجت أيضاً مظاهرات في مدن بريطانية أخرى في مقدمتها مانشيستر وغلاسكو.
وكان من أبرز مشاهد مظاهرات لندن والعواصم الأوروبية الأخرى ان الجماهير الأوروبية توجهت صوب مقار السفارة الإسرائيلية في كل عاصمة قبل ان تتصدى لها قوات الشرطة.
ماذا نستخلص من ذلك كله؟
قبل بضع سنين أظهر استطلاع للرأي أجري في دول الاتحاد الأوروبي ان 51 في المئة من الأوروبيين يرون ان أخطر تهديد للسلام العالمي يتمثل في إسرائيل، كانت تلك نتيجة مفاجئة للزعامات الإسرائيلية وقادة المؤسسات اليهودية الصهيونية في الغرب، كان التفسير السائد حينئذ لهذه النتيجة هو أن الشعوب الأوروبية عبرت من خلالها عن غضب جماهيري مكتوم ضد الابتزاز اليهودي. .
والتوق إلى التحرر من عقدة «معاداة السامية» التي تفرض على المواطن الأوروبي عدم التعرض بالنقد إلى اليهودي واليهودية. . وبالتالي إلى دولة اليهود الإسرائيلية. فمثل هذا النقد يعرض صاحبه لمساءلة جنائية.
لقد أدركت شعوب أوروبا إذن أن لها قضية مشتركة مع الشعوب العربية والإسلامية.