أبو باسل أحمد نصر
التاريخ اليمني يبدو بأنه مدفون في عمق الأرض والبحث عنه شاق وفي غاية الصعوبة ليس لقلة الامكانيات وإنما لحساسيته ولتضرر من بداية من خارج الدائرة، فطبيعة التاريخ في البلدان النامية وذات التركيبة القبلية المناطقية معقول جداً تكون فيها الصراعات ذات الطابع الدموي المصلحي المتخلف في الرؤى لما يريد من يرى الصراع فالتأثيرات الخارجية أثرت كثيراً سلباً أكثر مما هو إيجاباً أي بما يرسخ مصالحها على حساب الشعوب المغلوبة على أمرها نتيجة الجهل والتخلف والمصلحة والأنانية والتعبئة الخطأ في تنوير فئات اجتماعية ضد أخرى ومناطق معينة ضد أخرى للوصول إلى كراسي الحكم ولو على جماجم البشر.
فالأحداث التي عايشناها منذ السبعينات في المحافظات الجنوبية أفرزت أشياء كثيرة وهي نتيجة للتعبئات الخطأ في داخل الفريق الواحد الذي كان يدير الحكم لوجود تباينات في الثقافة وكذا الانتماءات المناطقية كأرضية خصبة الإدارة الصراعات الدموية.
فالتأثيرات الخارجية كان لها دور في الصراعات الداخلية وتأجيجها حتى نضجت في 26 يونيو 1978م وكان نتيجتها تصفية سالمين ومجموعة من الموالين له، وكانت تلك الصراعات تداريهم باسم الثورة وحماية لها، وكان ذلك نتيجة التعبئة الخطأ والتنوير المتبادل للصراع الدائر في الخفا وهو نتيجة لثقافة الكراهية المناطقية في قمة السلطة إلى أدناها ثم إلى الشعب نفسه.
وبعد فترة من أحداث 1978م بدأت الأمور تثور من جديد وكان هناك من يغذيها بالخفاء ولم يظهر على الشاشة أي كان يمارس النميمة بين القادة أنفسهم وكانت البداية في مقترح كما أثير بضم الشرطة العسكرية إلى جهاز أمن الدولة كقوة فعالة في ذلك الوقت مما استدعى الآخر بترك ثقافة المناطقية وربما الشطرية التي كانت نائمة ولم تظهر على السطح حيث ذهب علي ناصر محمد رئيس الوزراء آنذاك إلى على عنتر وطرح له بالحرف الواحد بأننا نحن الجنوبيين ناضلنا وطردنا بريطانيا وتجرعنا المرارة والشماليين يستحوذون على السلطة مجلس الشعب وأمانة الحزب وأمن الدولة والشرجبي أي وزير أمن الدولة يطالب بضم الشرطة العسكرية إلى جهاز أمن الدولة فهذا شيء لا أسكت عليه، فرد عليه علي عنتر ببرائته بتصفية عبدالفتاح إسماعيل وتحرك إلى عنده فهدده عبدالفتاح فرد عليه أنت رفيق دربي فأنا لا أفكر بالسلطة ولا أريد أن تسقط قطرة دم وسوف أعلن استقالتي من الأمانة العامة وغادر إلى الاتحاد السوفيتي ولكي تكون الأمور هادئة سيكون ذلك لسبب مرضي لغرض العلاج وتم توديعه وغادر دون أن تراق قطرة دم وتم لتولية علي ناصر الأمانة العامة ورئاسة مجلس الشعب الأعلى وبدأت الأمور تظهر من بداية 82م نحو انكشاف في تصفية كوكبة من القادة الذين كانوا يمثلون قوة لا بأس بها في القيادة من أمثال عبدالعزيز عبدالولي، قماطة محمد صالح مطيع ولم تقتصر تلك التصفيات على الصف القيادي وإنما شملت القيادات الوسطى الذين كانوا يمثلون قوة فعالة نتيجة خبرتهم في النضال المسلح ضد الإنجليز أي من قيادات جيش التحرير، استمرت الأمور حتى قرب انعقاد المؤتمر الرابع في 1984م حيث بدأت الأمور تظهر على السطح وبدأ على عنتر يشعر أن الريش تنتو من هنا وهناك حتى المواهين له وإن على ناصر قد أوقعه في النميمة للتخلص من رفاقه الأقوياء بأي وسيلة وبأي طريقة حتى بدأ مرة أخرى يفكر كيف يعيد قواه التي قد خسرها، وكذا بدأت أوراق علي ناصر تكتشف هنا وهناك حيث تم اغتيال قائد لواء الخامي والخامس مضلات من أفضل قادات الجيش على يد مجموعة في خور مكسر من الاحتلال أنهم من الفلسطينيين الموالين لعلي ناصر وتم رصد تلك النشاطات وتم الإعداد المتبادل للسيطرة على القوى بالطريقة التي يتبعها كل طرف من أطراف الصراع فتم الحشد والتجهيز والاستعداد للمواجهة حيث عمل علي ناصر على تجهيز مجاميع قبلية وتمكينها في الفنادق والعمارات المحادية للطرقات مع تركيز قوته على القوى البحرية كونها قريبة من العاصمة وقادرة على إيصال الدعم من الداخل والخارج وكذا على مجموعة قليلة من أفراد الأمن والجيش والسيطرة على أهم المحافل في عدن، وبعد أن شعر علي عنتر بتلك الخطورة التي يعد لها غريمه علي ناصر حرك قواه بشكل سريع وبالذات على سلاح الدروع والسلاح الجوي ومعظم الألوية في القوات المسلحة وبعد أن اشتدت الأزمة وكانت مهيئة لأن تفجر في 84 لولا تدخل بعض الفصائل الفلسطينية وجورج حاوي زعيم الحزب الشيوعي اللبناني وتم سحب فتيل الصراع أو هدأت الأمور وأخذ في اتجاه الكسب في سلطة إصدار القرارات في المكتب السياسي واستطاع علي عنتر أن يؤثر على فرع الشمال وكذا إقناع عبدالفتاح بالعودة ليتسلم في البداية سكرتير الدائرة التنظيمية وبذلك يكون علي عنتر قد حشد إلى جانبه ثلثين من الأخوات التي سوف تهزم فيها على ناصر في التصويت في يوم 13 يناير 1986م.
فقد كان الاتجاه الآخر الذي يقوده علي ناصر يتجه فيما تصدير ممارسة للنميمة إلى الخارج، فإذا ذهب إلى الدول العربية وبالذات السعودية يظهر نفسه بالمعتدل وإن جماعة علي عنتبر ماركسية متشددين، وكذا يذهب إلى الاتحاد السوفيتي وأوربا الشرقية يطرح بإن جماعة علي عنتر محافظين ورجعيين ضد التوجه الاشتراكي للحزب الاشتراكي اليمني، فاستطاع كسب ود الطرفين المتعادين واستطاع أن يحصل على الخبرات في التصفيات من الشرق والغرب ويجلب المرتزقة من كل مكان ويسكنهم في العمائر والفنادق قبل أحداث 13 يناير 86 بست أشهر وأكثر وبالذات جماعة تبوك الذي صفت أعداد كبيرة من الكوادر إضافة أخوة شتيلا والفلسطينيين الذين توزعوا على خور مكسر من بداية المعركة.
فالأسبوع الذي يسبق الاجتماعات الاستثنائية ثم التبليغ بتلك التحركات ولم يتم الرد عليها من طرف علي عنتر واعتبروا بأن التصويت هو الحل بينما على ناصر يرى التصفية هو الحل.
يوم 13 يناير 86 الصباح كل شيء جاهز الكشوفات أعدت باتفاق الطرف الذي أعد لحضوره الاجتماعات كولائهم في المهرة حتى الضالع مسقط رأس علي عنتر ولم يحضر الطرف التاسع علي ناصر إلا بالكشوفات والأسلحة كون أفرادهم مشعرين بعدم دخول مقر الاجتماعات، حيث تم تجهيز منزل محمد علي أحمد المرتفع على تبت اجتماع المكتب السياسي بحوالي مائة متر بمدفع في عشره والذي أطلق قذيفة صدت يجذع شجرة كبيرة مغطية على مقر الاجتماع.
حضر علي عنتر واستقام على الطاولة وفتح ملفه اليوم يوم التصويت واثقاً من نفسه في الانتصار في التصويت بينما هو يناقش الذي في القاعة ومنهم صالح مصلح وعلي شايع وعلي أسعد حضر المدعو حسان من المهرجان من الجيش بعد أن أخذ الثلاجة التي هي من يد السكرتيرة وبدأ يطلق النار على ظهر علي عنتر من سكروبياً إسرائيلي أبو أربعين طلقة وحسب الرواية بأنه صاح وقال غدرو بنا يا صالح يقصد صالح مصلح قاسم فرد عليه بإطلاق النار على حسان فأرداه قتيلاً ومن ثم تقدمت كتيبة الموت في المسرحين والمرتزقة بإطلاق النار على بقية أعضاء المكتب السياسي فواجههم صالح مصلح وعلي شايع وعلي أسعد مثنى مدير مكتب علي ناصر وبقية أعضاء المكتب السياسي اختفوا تحت الماسات حتى تم وصول الدبابات من صلاح الدين سلاح الدروع.
في نفس اليوم من 13 يناير حضر قائد سلاح الدروع إلى باب وزارة الدفاع لحضور الاجتماع ونتيجة لتأخره سمع إطلاق النار في المكتب السياسي ومنطقة الفتح وعاد على دراجة فاتصل بأركان الدروع حيث كان هناك خطة في 84م وتم توجيه الأركان بتنفيذ الخطة بشكل طارئ لتفجير الموقف مفاجئة حيث توزعت الدروع في العلم المطار قاعة الاجتماع حيث تعرضت لقصف من الطيران سنحيو البحرية ولم تتوقف حتى وصلت إلى قاعة الاجتماع وحركت بعضها إلى مستشفى باصهيب حيث دارت معارك عنيفة داخل منطقة الفتح ولم تستطيع مجاميع علي ناصر السيطرة على الوضع لأن معظمهم من خارج المنطقة حيث كانت السفن الحربية تأتيهم من مناطق شبوه وأبين وتفر بعضها إلى الجيش الذين كانت وضعت قواتها في حالة تأهب للتدخل مع علي ناصر.
الصدف التي جعلت علي ناصر يهتزم شر هزيمة، المخطط كان محكم على مستوى الجمهورية اللواء الخامس مضلات لم يجهز إلا عند استلام الشفرة نتيجة الخطأ بتجهيز سريتين من الموالين لعلي ناصر وتم استلامها من المواليين لعلي عنتر الذي يمتلك الثقل الأكبر من اللواء نتيجة لاغتيال قائد اللواء عبده صالح سيف الصبيحي.
وتم ترك أفراد أبين يقادرون المعسكر مشياً على الأقدام دون تعرضهم لأي إذاء وتم تحرك اللواء إلى عدن ودخوله المعركة وبالذات مع قوة شاتيلا حتى خور مكسر.
إعلان البيان بإعدام القادة في المكتب السياسي طبعاً بالنسبة لعلي ناصر فقد ترك السيادة الخاصة بالرئاسة للتمويه وغادر أبين بالفجر ليترك الأمر لمحمد علي أحمد، فعند إعلان البيان كان هناك من المتحفظين على إعلان البيان مثل المنصب أركان وزارة الداخلية الذي انتحر بعد ذلك، فبعد أن سمع البيان هبت مجاميع المواطنين ابتدءاً من طرف الحدود كجيش عارم استطاع أن يفك لأفراد الجيش المحاصرين داخل الاجتماعات في الضالع، وتم القبض على جماعة علي ناصر وقد أرادوا الهروب هاربين باتجاه قعطبة سناح وتم تحرك تلك المجاميع باتجاه الحبيلين لحج حتى وصلوا إلى عدن والمعنويات عالية بالرغم من الخسائر التي تعرضت لها بعض المديريات كالضالع وردفان في اليوم الأول والثاني والثالث تصفيات في الاجتماعات لأفضل القادة العليا والوسطى فالضالع خسر خسارة كبيرة وكذا أبناء المحافظات الشمالية حيث تم تجميعهم إلى محافظة أبين حيث تم تجهيز لواء الوحدة المبادرة لرفد ساحة الشهداء بالكرى والتيس ولم يلبسوا غير القنابل والراويل النصر وبعد أن وصلوا إلى السيلة طوقت عليهم "40" طقم مسلح وتم جمعهم وفرز الضباط من الأفراد عبر سؤالهم عن رتبهم حيث تم تصفية الضباط بالكامل الأمن ادعاء أنه جندي والذين تم نقلهم في عربات كنتيز إلى بعض المحافظات ووجد بعضهم في الطرقات.
قائد لواء الوحدة ويدعى عبدالواحد كان في إجازة فعند دخولهن مقر لواء الوحدة وجدنا على أحد الصناديق هدية قائد اللواء الذي كانت برفقته وطلبت من المتواجدين بالانتظار بعيداً عن الصندوق لنشوف الهدية فوجدنا بداخل الصندوق قلوب ضباط اللواء مع بعض من المطلوبين إلى اللواء لحضور الاجتماعات، فوجد بالاسم والرتبة إلى جانب القلب، منهم الرائد العصار، الرائد العفريت، الملازم علي سيف الصيادي، عبود وغيرهم لا أذكرهم في هذا الحيز، وكذلك ما حصل في شرطة البريقاء عندما جمعوا أولاد محمد المفلحي الاثنين وفريد نايف ومجموعة من الضباط وتم تصفيتهم في المراكز، وكذا الجريمة البشعة بحق قائد مثنى مأمور مديرية الضالع الذي تم قتله وهو مخدر إجراء عملية وسحبه من الستشفى وجدوه في الساحل مع التشويه بجثته فمنقطة الضالع فقدت كوادرها ذات الخبرة في جيش التحرير دون قتال أمثال فيصل رشيد أركان استطلاع القوى الجوية، وصالح محسن الجبري وكذا فريق نايف وغيرهم من الكوادر.
إن أحداث يناير جريمة بشعة بحق الإنسانية لم تشهد لها البشرية مثيلاً من حيث الإعداد لها وخسارتها وتصفية الجرحى في المستشفيات، الزي الرسمي للدكتور كان يلبس فوق الميري فمدير أمن لحج عبدالقادر الجنيد صفى محمود ناجي عشيش وهو جريح وغير ذلك بما يسمى هذه خبره المانيه والله أعلم؟
نظراً للبشاعة وكثرة القتلى خلال "3، 4" أيام أكثر من عشرة ألف كادر تم تصفيتهم في الاجتماعات والولائم الدموية فكان منا نحن الناجون من المذابح الآن نقوم بتأمين كل شيء وإيقاف سفك الدماء على ضلاله مع استعدادنا الكامل للمواجهة حيث أخرجنا صواريخ أرض أرض وإغلاق الحدود بالكامل وتم التحرك باتجاه أبين حتى وصلت مكيراس ولم نواجه أي مشكلة حيث تم رصد تحرك لقوات أثيوبية محتملة قوة فلسطينية تحت ذريعة التدخل للصلح بينما كان الأمر نفذا علي ناصر من هزيمته الشنعاء ودخول أكثر من طرف مع علي ناصر في الصراع حتى السوفيت والأثيوبيين الذين ظلل عليهم حتى جاء دور المخابرات الكوبية لفضح المخطط ووضع النقاط على الحروف وتفهم السوفيت بعد فوات الأوان وأبدوا الخبراء السوفيت بالتعويض بدل القوات البحرية التي قد دمرت أو هربت إلى أثيوبيا وإذا عدنا إلى الوراء سنجد بأن أحداث 13 يناير اشترك فيها الشرق والغرب بضرب طرف بريء في الصراع تحت تضليل النميمة على رؤوسهم كانت تلك النتيجة المفزعة حتى الآن.
فالكشفوات التي تم الحصول عليها في مباني غرف عمليات جماعة "تبوك" محمد علي أحمد كانت تستهدف بدرجة أساسية أبناء المحافظات الشمالية وأبناء الضالع حتى ولو كانوا من البسطاء الذين لا يفقهون السياسة ولا يميلون لأي طرف من أطراف الصراع.
إن العودة إلى الماضي يعني تذكر المأساة الظالمة وتذكر ثقافة الكراهية التي أساسها التعصب السياسي والمناطقي التي يكون فخرها للانتقام والقتل من أجل التسلط والحصول على المال كعصابات قطاع الطرق.
في 19 يناير تقريباً أبلغ إلى مسامعنا بالتحرك إلى عمارة "BB" أمام فندق 26 سبتمبر التواهي لنقل عبدالفتاح إسماعيل إلى كريتر منزل فضل محمد عبدالله فذهبنا طقمين وأخذنا ثلاثة ملثمين لا لا نعرف من هم من بدلات أعضاء المكتب السياسي فأوصلناهم إلى منزل فضل محسن بكريتر وعدنا بالطقمين إلى مقر اللواء الخامس مضلات.
فعند سماعنا لبيان الشعب والاستشهاد استغربنا وردينا عليهم في اجتماع للقيادة فكنا نفكر أن بيان الشعب لغرض الحرص والعلاج وهناك أسرار تحت الكتمان عند بعض القادة نظراً لتأثر التعبئة المناطقية والشطرية عقلية بعض القادة المتمصلحين على حساب الوطن.<