عبدالمجيد السامعي
ما يحدث في غزة يندى له الجبين ووصمة عار في جبين البشرية كلها، ويكرس مشهد العجز والحيرة داخل مجلس الأمن الدولي إزاء ما يتعين على المجلس أن يفعله لإيقاف المجزرة الإسرائيلية في غزة ليكون عنواناً لعصر هيمنة القطب الواحد بامتياز، فالمجلس الذي عهد إليه ميثاق الأمم المتحدة بمهمة حفظ السلام والأمن الدوليين بات مكاناً ملائماً لتعكير السلم والأمن في العالم، غاب بعيداً فيما انفردت الولايات المتحدة بتقرير مصير الصراعات الدولية إشعالاً أو إخماداً أو تدشيناً، سواء من خلال مجلس ارتضى هذا الدور وقنع به، أو حتى خارج هذا المجلس ورغم إرادته كما حدث في حالة غزو العراق حين رفض المجلس وضربت واشنطن بموقفه عرض الحائط.
الشلل الذي أصاب الإدارة الدولية فيما يقع النساء والأطفال صرعى قنابل أميركية أطلقتها قاذفات أميركية ووفرت لها واشنطن زمناً كافياً لإنجاز أحدث مشروعات التطهير العرقي أو حروب الإبادة قرب نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
هذا الشلل لا يقوض أي أساس المهمة الرئيسية للأمم المتحدة لكنه يقوض أي أساس للتعايش السلمي طالما بقيت أسبابه وعلى العرب الذي يتضجر من صراخ الضحايا وآهات المظلومين وصيحات طلاب الثأر من قتلة الأطفال أن يسارع إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا النظام الدولي الذي تستدرجه إسرائيل إلى حيث مقتله.
غياب العدالة والبطء المتعمد في التدخل لإنقاذ ضحايا آلة الحرب الإسرائيلية من أجل تمكينها من إنجاز مهمتها هو جريمة حرب لا تقل بأي حال عن كل الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها إسرائيل على مدى ستين عاماً مضت.
التباطؤ المتعمد داخل مجلس الأمن لا يهدد حياة الفلسطينيين في غزة فحسب، ولا يطيل عمر العدوان فقط، لكنه ينذر بإهدار آخر فرص السلام في الشرق الأوسط ويفتح باباً لن تستطيع أي قوة أن تغلقه في زمان لاحق إذا ما انطلقت ثورة الغضب ورغبات الثأر المكبوتة لدى شعوب المنطقة، على مجلس الأمن والإدارة الأميركية بالتحديد أن يسارعا إلى إنقاذ ما تبقى من ماء وجه الشرعية الدولية قبل أن يسقط شيمون الإسرائيلي أعمدة الهيكل الأممي على رؤوس الجميع والله أعلم.