يوسف الزمزمي
غزة تعاني حرباً مدمرة ومذبحة يقوم بها طرف واحد والآخر صامد يتلقى الضربات الموجعة وينهي الشباب ويقتل الشيوخ ويذبح النساء والأطفال ويهدم المساجد والمنازل على رؤوس ساكنيها وقاطنيها ويقف الشارع العربي مذهولاً بما يحدث من تواطؤ أنظمة وخيانة حكام طالما تحاملوا على حماس ولا يستغرب المرء ولا يندهش من تصرف هؤلاء أو ما يطلق عليه محور المعتدلين فذلك، ودائماً كان ديدنهم: خذلان الأمة في محنها وقضاياهما المصيرية يوم أن احتلت أفغانستان والعراق وقبلها... وقبلها...
ولكن الذي انكشف بضرب غزة هو ذلك المحور.. محور الممانعة.. محور المماطلة.
أين حزب الله؟
كررت مصادر أمنية رفيعة المستوى للحياة أن حزب الله ليس في أجواء القيام بأي رد على العدوان انطلاقاً من الأراضي اللبنانية لأن لا مصلحة له بذلك، وأن التحركات القائمة حتى الآن استنكاراً للمجازر مضبوطة، وأن القوى الأمنية شددت إجراءاتها إزاء أي احتمالات أخرى مثل تكرار جهات ما فلسطينية محاولة نصب صواريخ لإطلاقها على المستعمرات الإسرائيلية انطلاقاً من الجنوب.
لم يزد رد فعل حزب الله على الخطبة العنترية المعتادة لحسن نصر الله وبدلاً من أن يعلن عن بدء حملة قصف لإسرائيل أو خطف جنود إسرائيليين كما كان يفعل سابقاً اقتصر رد فعله على التنديد والشجب وشن الأمين العام لحزب الله هجوماً لاذعاً على الحكومة المصرية.
فلم يزد رد فعل الحزب على الخطبة العنترية المعتادة لحسن نصر الله وبدلاً من أن يعلن عن بدء حملة قصف لإسرائيل أو خطف جنود إسرائيليين كما كان يفعل سابقاً اقتصر رد فعله على التنديد والشجب وشن الأمين العام لحزب الله هجوماً لاذعاً على الحكومة المصرية، مطالباً إياها بفتح معبر رفح الحدودي مع غزة من أجل فك الحصار المفروض على القطاع وصب نصر الله جام غضبه على النظام المصري مطالباً الشعب المصري وجيشه وجنوده وضباطه إلى محاسبة إسرائيل، كما طالب نصر الله الشعوب العربية بالتظاهر للضغط على حكوماتها من أجل وقف ما وصفه بالعدوان على غزة.
والمثير أن نصر الله قال مخاطباً الحكومة المصرية إن لم تفتحوا معبر رفح وتنصروا الفلسطينيين فإانكم شركاء في الجريمة ولم يتطرق نصر الله إلى الذي ترك جنوب لبنان ليحرس حدود إسرائيل ويمنع حتى الفلسطينيين في لبنان واللبنانيين السنة وهم أنصار الفلسطينيين الحقيقيين.
واعتبر نصر الله أن لا خيار أمام الفلسطينيين في قطاع غزة إلا المقاومة مبشراً الغزاويين بانتصار حماس على إسرائيل على غرار انتصار حزب الله عليها عام 2006م وتظاهر شيعة لبنان أمام السفارة المصرية ورشقوها بالحجارة والعجيب أن الجمهور الشيعي الذي كان مع نصر الله في خطابه ما فتئ يردد لبيك نصر الله لبيك نصر الله طوال إلقاء كلمته وكأن الخطاب هو للتعبير عن إعجابهم بنصر الله ومدى إخلاصهم له وليس دعماً للشعب الفلسطيني مؤيداً لكفاحه فلسان الحال هو أن التأييد لنصر الله وليس للفلسطينيين.
وأكد نصر الله أن لا علاقة لحزب الله بالصواريخ الثمانية التي عثر عليها الخميس الماضي في جنوب لبنان وكانت موجهة نحو إسرائيل ومعدة للإطلاق.
وقال نصر الله عن الصواريخ الثمانية نحن في حزب الله نملك شجاعة أن نتحمل مسؤولية أي عمل نقوم به ولا نختبئ وراء أصبعنا ولسنا في موضع التهمة لندفع عن أنفسنا تهمة وتساءل من الذي وضع هذه الصواريخ قبل بدء الحرب على قطاع غزة، مضيفاً أن ما جرى مشبوه، وأضاف ألا تستطيع إسرائيل أن تتسلل إلى جنوب لبنان وتضع صواريخ من هذا النوع؟ ألا يستطيع عملاء إسرائيل أن يقدموا على عمل من هذا النوع لتقديم التبرير لإسرائيل لتشن عدواناً على لبنان؟ وأكد أن الحزب مستعد لمواجهة أي عدوان إسرائيلي على لبنان وكشف أنه طلب من عناصر المقاومة في الجنوب أن يكونوا محتاطين وحذرين.
وضح الهدف الرئيس من خطاب نصر الله فهو يريد أن يطمئن إسرائيل أنه لن يقف مع حماس وأنه لن يستغل وضع إسرائيل في مواجهة حماس ليشن حرباً في جنوب لبنان أو أي عملية ولو حتى صغيرة يعكر بها صفو الحرب القذرة الإسرائيلية على غزة في هذه الفقرة بالذات من خطاب نصر الله وضح الهدف الرئيس من كلمته تلك فهو يريد أن يطمئن إسرائيل أنه لن يقف مع حماس وأنه لن يستغل وضع إسرائيل في مواجهة حماس ليشن حرباً في جنوب لبنان أو أي عملية ولو حتى صغيرة يعكر بها صفو الحرب القذرة الإسرائيلية على غزة.
ولكن الحكم المصري بخذلانه الفلسطينيين ووضع نفسه موضع الشبهة في علمه بالضرب من قبل وتحريض إسرائيل عليه بل خديعته لحماس عبر إيهامها بأن إسرائيل لن تضرب غزة فهو بتصرفاته تلك أعطى الحجة والذريعة لفريق الممانعة "سابقاً" ليشن هجومه العنتري الكلامي مدعياً وزاعماً الدفاع عن الفلسطينيين وليأخذ مساحة جديدة من الشعبية داخل صفوف المسلمين والعرب.
أما النظام السوري وله خط تماس مع إسرائيل في الجولان فهو مستمر في مفاوضاته مع إسرائيل حيث طلب أن تكون المفاوضات مباشرة ولكنه أعلن شكلياً عن مقاطعته لهذا المفاوضات ولكننا متأكدين أنه سيرجع إليها حالماً ينتهي ضرب غزة فالمفاوضات مع إسرائيل هي حاجة ملحة وضرورية للنظام هناك، ولعل اقتراب موعد المحاكمة الدولية في اغتيال الحريري والتي تتربع قيادات النظام على رأس المتهمين بتلك الحادثة تجعله في موقف القابع والمنتظر عفو الغرب عنه.
أما رأس الأفعى فهي طهران فقد خرجت في مظاهرات عن بكرة أبيها لتندد بإسرائيل وهو المتوقع دائماً وتوالت الخطب العظيمة في تهديد إسرائيل وتوعدها بالويل والثبور ويعم الغضب والتساؤل أين صواريخ إيران الطويلة المدى؟ أين تعليماتها لأداتها حزب الله كما فعلت في حرب تموز 2006م عندما أوعزت للحزب بخطف الجنديين الإسرائيليين لتبدأ الحرب كما تريدها إيران وتثبت للولايات المتحدة أنها قادرة على إيذاء أقرب حليفاتها وصنيعتها وهي إسرائيل لكي تجلس في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة لعلها ترضي وتنصب إيران القوة الإقليمية الكبرى في المنطقة وتوكل إليها الحفاظ على أمن الإقليم والمنطقة العربية برمتها وخاصة البترولية منها أو على الأقل إعطاءها نصيبها في الكعكة العراقية والأفغانية وقد سبق أن ساعدتها في احتلالهما؟
ولكن هل آن للمخدوعين والمفتونين بنماذج الممانعة الهزيلة تلك أن يفيقوا من هذا الوهم، وأن يعوا أن الأمة تواجه خطرين اثنين: الحلف الصهيوني بشقيه الأميركي والإسرائيلي والحلف الشيعي بشقيه الإيراني والسوري وأدواتهما؟