عصام المطري
* إن المتأمل الأريب الفاحص للنظام الرسمي العربي يجد ببداهة اختلال هذا النظام واهترائه بصورة ملفتة للنظر، وقد راعني الموقف العربي الرسمي من اغتيال غزة وتحويلها إلى محرقة على أيدي الصهاينة اليهود حيث لم يتصدر زعيم عربي للتنديد الشديد بهذا الاغتصاب الوحشي البربري، ولم يقاطع أحدهم هذا الكيان اقتصادياً، بل على العكس تماماً تقوم قوى عربية رسمية بتمويل هذا الكيان بالبترول والغاز.
وإزاء المذبحة والمحرقة التي ارتكبتها الترسانة العسكرية المسلحة الصهيونية كان الشارع العربي الجماهيري والشعبي يؤمل على الحكام العرب الشيء الكثير في سبيل نصر إخواننا في غزة، ودعت النخب السياسية والثقافية والفكرية القيادات العربية إلى عقد قمة عربية طارئة عاجلة تخرج بقرارات تاريخية حاسمة وحازمة بيد أن جامعة الدول العربية التي نطلق عليها جامعة العجز العربية لم تتمكن من جمع القيادات والزعامات العربية في قمة طارئة، فلقد دعا أمير قطر لعقد قمة طارئة إلا أن السواد الأعظم من القيادات والزعامات العربية غابت عن القمة التي عقدت يوم أمس في قطر بحضور ستة رؤساء عرب، فما فائدة جامعة الدول العربية؟ فالمنظومة العربية منقسمة من الداخل، حتى أن الذين نادوا ودعوا إلى عقد قمة عربية طارئة يغيبون عن هذه القمة في موقف هزيل للنظام الرسمي العربي الذي لم يتمكن من نصرة القضية الفلسطينية التي تتعرض للتصفية حيث أثبتت الزعامات والقيادات العربية تواطؤها مع المحتل الأجنبي الدخيل.
ولئن كانت جامعة الدول العربية مؤسسة عربية رائدة للم الشمل العربي، وتفعيل النظام الرسمي العربي فإننا نضرع إلى الله سبحانه وتعالى من خذلان الحكام العرب الذين يستوجب عليهم الالتفاف حول هذه المؤسسة العاجزة في ظل عجزهم عن كفكفة الآلام، فمساحة الألم واسعة، والزعامات والقيادات العربية باعوا القضية الفلسطينية وقبضوا الثمن، فليس هنالك من زعيم عربي وقف ضد هذا الطغيان حتى الشجب والتنديد بالمهزلة لم يجرؤ عليه أحد، فلهذه الدرجة أصبح الحكام العرب عاجزين، ولهذا الحد أصبح النظام الرسمي العربي عاجزاً لا يستطيع فعل شيء يذكر للتاريخ وللأمة العربية والإسلامية.
إن جامعة العجز العربية فتكت النخوة والرجولة والإباء والصمود حيث لم تصبح هذه الجامعة سوى ديكور فقط، فإخواننا في غزة يذبحون بإملاءات أميركية للكيان الصهيوني، والمجتمع الأوروبي الرسمي في أيدي الصهاينة، ونحن لم نتمكن من عقد قمة عربية طارئة تضم بين جوانحها القيادات والزعامات العربية وتجري المصالحة بين النظم العربية المتشاكسة التي تهوى الإنقسام والانشطار، وعيش حياة الذل والمسكنة والانكسار والتبعية المقيتة للغرب الكافر، ففي أيدي الحكام العرب أكثر من سلاح يمكن أن يدخلوا به المعركة ويوقفوا إطلاق النار من سلاح البترول والغاز، ومن سلاح قطع التطبيع وأسلحة كثيرة إلا أن الحكام العرب أدركوا أن اليهود يستهدفون الإسلام فاطمئنوا لذلك.
وأخيراً نقول الله أكبر على الحكام العرب، الله أكبر على التخاذل الرسمي العربي، الله أكبر على العملاء ومن خالفهم، وعلى الشعوب العربية أن تستمر بالضغط على الزعامات والقيادات العربية حتى لو أعلنوا العصيان المدني والله حسبنا ونعم الحسيب والوكيل.
