منيف الهلالي
لقد سألت أحد أصدقائي عن سر هذا الحراك لقادة دول الطوق بعد إعلان إسرائيل وقف إطلاق النار وضرب المبادرة المصرية عرض الحائط.
فأجاب صديقي ساخراً: هذه حداثة السياسة العربية.
هل غزت الحداثة كل تفاصيل حياتنا ولم تبق لنا شيئاً إلا ومرت عليه؟!
لقد كان لها موطئ قدم في زحمة القمم التي توالت على عواصمنا العربية.
فليعذرني شعراء الحداثة الذين لا أفهم من شعرهم شيئاً سوى رفع وخفض أصواتهم المتوازي مع حركة أياديهم مثلما لم أفهم من هذه القمم سوى حراك وحراك مضاد.
ربما لم استوعب الشعر الحديث بسبب عدم علمي وفقهي في فن الصور الشعرية التي تجعل التفاحة تسقط إلى الأعلى وليس العكس، ولكن ما الذي يجعلني لا افهم الرسالة التي يريد توصيلها القائد المهام حسني باراك عفواً حسني مبارك بجلالة قدره لليهود في مثل هذا الوقت المتأخر جداً.
صدقوني لا أعلم لا أعلم!!
ما يحصل هذه الأيام من حراك لم أشهد له مثيلاً في الأيام القليلة الماضية، وقمم للخطابة وتجمعات سياسية تظهر بعض الزعماء بخطابات ثورية، جعلني أحرك عيناي ومعهما رأسي المثقل بالهموم والآهات خلف ما تظهره القنوات الفضائية، وقد أذهلني هذا العهر السياسي لمن كانوا بالأمس القريب يحتضنون ليفني، وقد أعلنت حربها الهمجية على قطاع غزة من بين أحضانهم ليظهروا مباشرة على فضائياتهم ويجلدوا المقاومة بسياطهم التي تؤلم أكثر من القنابل الانشطارية التي ألقتها الطائرات الإسرائيلية على قطاع غزة.
عصي علي أن افهم هل بقي لدى هؤلاء شيء من الحياء؟
حتى يخرجوا إلينا بهذه الكلمات والجمل التي اجتمع عليها حاشيتهم العباقرة صناع الخطابات السياسية كمما يدغدغون مشاعرنا ويسترقون منا ولو شيئاً يسيراً من الرضى والصفح عن تلك المواقف المشينة التي ألحقت العار بالأمة العربية برمتها، ولن يكون لهم ذلك.
بالتأكيد لم يبق من ماء الحياء في أوجههم شيء.
من نراهم هذه الأيام على شاشات التلفزة وبتواتر وهم بكامل وسامتهم تطوق أعناقهم ربطات باهظة الثمن تصل قيمة الواحدة منها ما يساوي تكلفة عشرات الصواريخ الحمساوية هم من حاولوا بكل ما أوتوا من قوة اجتثاث حركة حماس وتدمير ترسانتها الصاروخية التي رفعت هامة الشرفاء من أبناء الأمة العربية والإسلامية عالياً ومرغت كرامة وكبرياء وغطرسة الصهاينة بالوحل.
هل يتوهم هؤلاء أن ظهورهم الإعلامي بهذه الطريقة الحماسية الكاذبة سوف يغسل العار الذي لحق بهم بسبب تواطؤهم المخزي مع الصهاينة؟
هل تلكم الكلمات الثورية المستهلكة المحشورة في حناجرهم باستطاعتها إعادة الشارع العربي إلى كنفهم كما كان في السابق؟
أقول شتان بين الشارع العربي اليوم وما كان عليه في السابق، لقد تعرت مواقف هؤلاء القادة أمام شعوبهم وأصبحت شعبيتهم في الحضيض، لقد تجاهل الأطفال قبل الكبار ظهورهم المقزز على شاشات التلفزة، وأصبح الجميع ينظر إليهم نظرة اشمئزاز، لم تكن قد مرت عليهم من قبل مطلقاً.
قطر هذه الدولة الصغيرة بحكمها، والكبيرة بموقفها من المقاومة، بادرت بطرد ممثل إسرائيل الاقتصادي من أراضيها، فهل سيحذو حذوها أولئك المتواطئين مع الكيان الصهيوني؟ هذا ما ننتظره في قمة الكويت المقبلة، وإن كنت شخصياً لا أمل شيئاً ممن عبرت الدبابات الإسرائيلية على كراماتهم المنبطحة. <
Almonef 86 @ yahoo. com
