سعد الخفاشي
> محزن جداً حالك يا وطن، بعد أن تحولت إلى مرتع للقاصي والداني من اللكعين والنهابين وعديمي الضمائر والذين تجردوا من كل صفات الصدق وسمات الوفاء فأصبح لا هم ولا غاية لهم إلا العبث بمقدرتك ونهب كلما تطاله أيديهم من الأخضر واليابس!
> محزن أنت أيها الوطن لأن أبنائك الذين أغدقت عليهم بدفئك ورعايتك وعطائك وأنعمت عليهم بكل النعم الغالية والنفيسة ووهبتهم كل شيء فيك حلالاً زلالاً تجردوا من كل معاني الوفاء والحب المقدس لك أيها العظيم، وتناسوا أفضالك عليهم وجعلوا منك مرتعاً للنهب والطمع وكسب الغنائم، وتحايلوا على كل شيء بكل الطرق والحيل الممكنة لديهم.
> فها أنت أيها الوطن الغالي تعاني كل يوم من عبث وهتك ونهب واستهتار من علمتهم وربيتهم وأنعمت عليهم وانتظرتهم طويلاً طويلاً لأجل أن يلبوك في وقت حاجتك إليهم، فيا أسفاه أيها العظيم لقد خاب ظنك في أبنائك الذين ربيتهم وأنعمت عليهم وخسرت ما كنت تظنه مكسباً من المكاسب النافعة.
> القليلون جداً أيها الوطن هم الذين أوفوا بوعدهم وبعهدهم لك وانتفعت بهم، أما الكثير فهم الضد الناقم الذي أصبحت تشكو من مضراتهم وجرائم عبثهم وهتكهم ومزايداتهم، ونتيجة ذلك فقد عمت الفوضى والنهب والاحتكار السيء للوظيفة والتخريب وسياسة التفنن في سرقة واحتكار مقدراتك في كل الأماكن والبقاع وأصبحت أيها الوطن مضرب للمثل للأوطان المستهتر بها أبنائها والعابثون بمقدراتها وإمكانياتها.
> لقد احتكرتك فئة قليلة من ذوي الكروش المنفوخة فعبثوا وهتكوا ونهبوا واغنوا واغتنوا وضيعوا وأضاعوا وولوا وتولوا وصاطروا وسيطروا، وأصبحت أيها الوطن في مفهومهم كضيعة من الضياع التي يملكونها ويتحكمون بكل شيء فيها من نعم ونقم.
أما البعض منهم فأنت في مفهومهم مجرد "بقرة" حلوب يحلبونها متى شاؤوا ويتنعمون بحليبها وحقينها وجبنها وسمنها متى شاؤوا وكيفما شاؤوا ومتى دعت الحاجة ذبحوها وتلذذوا بشهية لحمها ودسمها ولا يهمهم عقبى ذلك.
> ن لصوصاً من هؤلاء أيها الوطن الحبيب نكتشفهم كل يوم يحتالون عليك وعلى أملاكك ومقدراتك وينهبون ثرواتك وبترولك ويسرقون أموالك ومدخراتك باسم المشاريع وباسم مكافحة الفقر والبطالة وباسم وباسم، فيهدرون وينهبون مئات الملايين بل المليارات دون أن تستنفع ولو مجموعة قليلة من الناس البائسين بشيء مما يتشدقون ويمنون به عليهم وعليك.
> ولهذا فأنا حزين جداً عليك أيها الوطن العظيم واتألم كثيراً من أجلك وأبكي على كل شيء فيك بدموع غزيرة وما يزيد من غبني وشجوني أنني أجد نفسي عاجزاً عن فعل شيء أو حتى البوح عما في نفسي من عبارات الاستنكار والتنديد والشجب.
هل تدري لماذا؟ لأن أخطر اللصوص وأعتى مجرمي ومحترفي النهب للأسف هم من بأيديهم كل شيء في هذه البلاد ولهذا فحزني لا حدود له.