;

يا صاحبي: المعسرون كثيرون 885

2009-01-25 22:50:14

شكري عبدالغني الزعيتري

رأيت صديقاً أخذ يغوص غارقاً مع أفكاره وبين إصبعيه قلم وورقة مسندة على فخذه، رأيته وقد كتب عليها الكثير من الأرقام والكلمات والشخابط أشبه بأن تكون "طلاسم"، رأيته وقد ملأ الورقة وعلى وجهيها وبخطوط قلمه فترة مقيل القات "عصراً"، وفجاة نادى منادي الصلاة للمغرب "حي على الصلاة"، فقمنا للصلاة، وبعد الانتهاء منها عدنا جميعنا لاستكمال جلستنا للمقيل "ولمن كانوا حاضر الجلسة"، وقد كان ذاك الصديق يجلس بجواري وأنا أتأمله طيلة ساعات المقيل، وأفكر وأقول في نفسي ماذا يا ترى قد عزل عنا هذا الصديق "فلان" وأبعده عن مشاركتنا الأحاديث والنقاشات والجلسة والفكاهة طيلة ساعات المقيل حيث وقد عرفناه رجل يتسم بروح المرح والنكتة والفكاهة "دائماً" وكثيراً ما نسعد بوجوده معنا إذا اجتمعنا في ديوان المضيف حين يحدث الاجتماع وكأنه قراءة ما يجول في نفسي من تسأل، فقال لي موجهاً كلماته: أعسرت يا "شكري"، فقلت له كيف؟ فأجابني: يا صديقي وصل حالي لمأساة بتزايد ديوني التي أرقت منامي وكدرت عيشتي فقد تراكمت ديوني بسبب الاستلاف من هذا والاقتراض من ذاك لأمشي حالي ومعيشة أسرتي لقضاء حوائجنا المعيشية من الضروريات لاحتياجات العيش فقط "دون الكماليات ودون الرفاهيات"، حتى إني لجأت إلي التقشف تجاه الكثير من أنواع الطعام والشراب، واشترى أرخص أنواعها وأقلها ثمناً، وكثيراً ما اشترى ملبوسات أولادي من الرديئة "جودة"، ومن الباعة "المفرشين والعربيات"، ومن أدنى الماركات الصناعية للغزل والنسيج في مناسبات الأعياد وعند الاحتياج من "الهندي والصيني"، بل وصل بي في أيام كثر أن اشتريت من المستخدم المحسن "ترقيعاً وغسلاً وكيا" والقادم من الدول "البطره الغنية" ومن بقايا ملابس شعوبها ولما يستغنون عنه ليرمى، فيجمع من تجار "الباله" ليحضر ألينا بيعاً بأرخص الأثمان، ولجأت لأسكن وعائلتي في منزل أشبه بأن يكون جحر "نمل" لا تدخله أشعة الشمس ولا الهواء، وغرفه تعشق الرطوبة والندى والصقيع وذلك لتخفيض الإيجار الشهري للسكن، فقلت له نعم بقصد دفعه لمواصلة الحديث ولإشعاره بأني مستمع جيد ولم يمل حديثه عن خصوصياته وحتى لا يقطع الحديث خشية بأن يشعر بأن أكون قد تضايقت من أحاديثه وسماع همومه، فقال لي مواصلاً حديثه فقال لي: قلت في نفسي أعمل مثل "المصريين" واخطط ميزانية أسرية شهرية لمصاريف واحتياجات أسرتي طيلة الشهر بحيث أوزع راتب "دخلي" الشهري الذي قدره "أربعون ألف" ريال، وبدأت طيلة ساعات المقيل "التخزينة" أحدد أهم الضروريات من المأكل والمشرب والتي لا يمكن بتاتاً الاستغناء عنها لأن الاستغناء عنها سيكون بعده الموت "جوعاً" لي ولأولادي، فقلت "نعم": فقال وبعد أن حددت قيمة فواتير الاستهلاك الشهري لخدمات الماء والكهرباء والهاتف المنزلي باعتماد أقل ما يمكن علي أن أرشد الاستهلاك الشهري لكل شيء في حياتنا أنا وأفراد أسرتي لأكثر مما هو قائم، وإبداءها بأن نجتمع طيلة الليل جميعنا في غرفة واحدة وفيها يتم المذاكرة والأحاديث والمسامرة وبحيث تكون الغرف الأخرى وباقي ملحقات السكن غير مضاءة، وبعد أن حددت ترشيد استهلاك المياه بأن يتم الغسل لأولادي كل يوم جمعة "فقط" التزاماً بالسنة النبوية ولولاها لألغيت غسل الجمعة واكتفيت بغسله واحدة شهرياً لكل واحد، وأنا وزوجتي نبتعد عن الجنابة ونكتفي في الشهر مرة والهاتف المنزلي سأغلقه بقفل صغير حتى لا يكثر الكلام به وانخلي عن هاتفي النقال وهذا كله لأجل أن أرشد الاستهلاك الشهري للخدمات، وفي جانب ترشيد المأكل والمشرب ألغيت اللحوم والأسماك وألغيت الفواكة وأبقيت على ما رخص ثمنه "العصيدة والزبادي والوزف" وشراء حبوب البقوليات والخضار "أسبوعياً" من أسواق الجملة والابتعاد عن شراء المعلبات والتجزئة من البقالات، وألغيت الخبز اليومي "الروتي والرغيف" واستبدلتهما بإلزام زوجتي "أن تخبز الملوج" في المنزل تملج الخبز والتوفيه بشراء خبز "الكدم"، أما الإيجار للمنزل هذا لم استطيع التحايل ولم استطيع الاحتراف عليه لأنه مبلغ ثابت ومرتبط بالغير وهو "المالك" وبمبلغ إيجار سكن مشروط مسبقاً قبل استئجاري المنزل وسكنه، وقلت في نفسي: يكفي ما هو محدد بمبلغ إيجار شهري "20.000" ريال وكثر الله خير المالك إذ ثبت علي هذا المبلغ ولم يطلب زيادة في هذا العام الجديد 2009م، ورغم ما تم من ترشيد استهلاك سابقاً وسألجأ إليه برفع وتيرة التقشف مستقبلاً إلا أني طيلة ساعات المقيل لم استطيع حل المسائل الرياضية الصعبة التي لم أواجه صعوبة في حلها لا في رابع ابتدائي عند تعلمي يومها الكسور العشرية والاعتيادية ولا في رياضيات التفاضل والتكامل والاحتمالات عند دراستي الثانوية، فلم أصل إلى توازن بين دخلي الشهري ومصروفات المعيشية التي احتاجها لأسرتي "في حدها الأدنى للضروريات" وكررت الاحتساب عدة مرات وفي كل حسبة انقص وارشد وأتقشف أكثر وأواجه العجز في كل احتساب، حتى أني لجأت إلى إلغاء مصروفاتي الشخصية اليومية ابتداء بأجور المواصلات عند ذهابي إلى الوظيفة يومياً صباحاً وسأمشي على الأقدام "ذهاباً وإياباً" وحتى مصروفاتي الشخصية الأخرى طيلة اليوم ألغيتها، وعزمت على ترك تخزين وتعاطي القات نهائياً بالخميس من كل أسبوع، ورغم إني قبلت أن أكون "طفران" يومياً لا أحمل فلساً واحداً في جيبي، ورغم إني ألغيت مصروف أولادي "الخمسة" اليومي ونقلتهم ليدرسوا في مدارس حكومية قريبة من المنزل ليسيروا إليها مشياً على الأقدام، وسألزمهم بأن يأكلوا "وجبة الفطور" كل يوم صباحاً في المنزل قبل الخروج للمدرسة، ولكن "دون فائدة" لم تتوازن "معادلة الاحتساب" بين راتب "دخلي" الشهري الذي احصل عليه مع المصروفات الأسرية الشهرية لضروريات المعيشة التي اخطط لها طيلة الشهر... وفي كل مرة احتسب الاحتساب وأعيد الأرقام مع التخفيض أكثر لحل المسألة الرياضية ولم استطيع حلها هذا مع أني أواجه أيضاً مشكلة أخرى لم انظر بعد لحلها وهي "الديون التي تراكمت على ذمتي" لبعض الأقارب والأصدقاء وكيف سأسددها؟ "المهم أقول أنها عسرت معي عسرت المسألة ولم أجد لها حل".. قلي كيف اعمل؟ وما هو الحل؟ فقلت له: ليس الشاكي بأفشل من المشتكي إليه، وليس المسؤول بأعرف من السائل بالإجابة على السؤال وفقط أجبته: هناك أغلب عامة الشعب والأسر كمثل حالة السائل والمسئول "وربما أسوء" والحمد لله على كل حال، وقلت له "مازحاً": ستحصل على الإجابة عند "الحكومة"، وسرعان ما رد علي قائلاً: "لا لحقها الله الخير عنا وعن أمثالنا"، وبسؤال وجه إلي من صديق ثالث من أحد الأصدقاء الجالسين في المقيل يسألني فيه عن الرئيس الأميركي الجديد "باراك أوباما" وتوقعاتي لسياسته الخارجية كيف سيكن لونها ومنطلقاتها؟ وبتوجهي إليه للإجابة على سؤاله أخرجني من مجرى وموضوع الحوار مع الصديق السابق وهمومه، فعاد الصديق السابق يغوص مع نفسه حول همومه الأسرية والتي هي نفس همومي وهموم الكثير من أبناء الشعب والأسر اليمنية هذه الأيام "ونسأل الله العون وقضاء الحاجات والعزة من مذلة العيش والغنى بالقناعة".<

Shukri alzoatree @ yahoo.com 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد