فاروق مقبل الكمالي
ما الذي يجري؟ تستمر الكهرباء بالانقطاع لساعات طويلة ونحن ندفع نهاية كل شهر ثمن فاتورة الكهرباء بالريال والحكومة تدفع "200" مليون دولار لشركة أجريكو البريطانية مقابل تزويد كل منزل بالظلام بكل بساطة..
ماذا يجري؟ ونحن نشاهد ملائكة الرحمة بلباسهم الأبيض على صعيد ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء أو إلى جوار رئاسة الوزراء يطالبون فقط وبكل بساطة الأجهزة الحكومية المعنية بإلقاء القبض على قاتل طبيب طليق ويسير في شوارعنا بكل راحة وهاهم اليوم مضربون عن العمل لا لشيء ولكن لأنهم لم يعودوا يشعرون بالأمان؟
ماذا يجري حين يكون علينا أن نطلب من رئيس الجمهورية والحكومة توجيه وزير بأن يقوم بما هو أساس عمله الذي يفترض به القيام بتنفيذه بموجب قوانين ولوائح وخدمات صارت هذه الأخيرة لوحات معلقة على أسوار كل وزارة وكل مرفق حكومي وكأنها إرشادات سياحية لأماكن أثرية.
ماذا يجري حين يكون علينا أن نطالع كل صباح أخبار المماحكات السياسية القائمة بين الأحزاب السياسية في المعارضة والحكومة وكل طرف يتخدنق ضد الآخر فيما الفساد يتخدنق ضد الوطن في كل مشروع وكل مناقصة وكل صفقة وكل جولة وكل شارع وكل وزارة.
وكل نافذ وكل قاطع طريق فيما يكون علينا كنا باحثين عن وظائف أو بائعو شراشف أو أصحاب عربيات بيع البطاطا أو عمال نظافة أو سائقو دراجات أو طلاب جامعات أن نتوجه إلى أمام دار الرئاسة أو رئاسة الوزراء للحصول على توجيه إذا حالفنا الحظ طبعأً إما إلى الوزير أو المدير للنظر في شكوى المتجمهرين وحتى كلمة متجمهرين تضل إشارة إلى نكرة غير معلوم هو نحن كل ما سبق.
ماذا يجري إذا كان على عشرات المواطنين أن يحملوا اللافتات القماشية ويتوجهون صوب وزارة العدل يطالبون إنصافهم من قاضي وليس من قاطع طريق ثم لا يجدون رغم ما يحملونه من وثائق ومستندات حتى ولو رسالة وزارية ولقد كثر شاكوك وقل شاكروك فأما اعتدلت وأما اعتزلت.
ماذا يجري حين يكون علينا أن نشاهد العالم من حولنا يبيع ثرواته من الغاز بأسعار خيالية ولسنوات قليلة فيما علينا أن نتحمل بيع ثروتنا من الغاز طوال عشرين عاماً وبثمن بخس لا يتجاوز الدولارات الثلاثة للمليون وحدة قرارئية.
ماذا يجري حين يكون حديثنا المتواصل عن الفساد أثبته بعرض مسلسل مدبلج ثم لا يلتفت أحد من المعنيين إلى ما نقوله أو إلى ما يحدث أساساً.
ماذا يجري حين يكون علينا أن نتحدث عن الشفافية ولا نسمع من يصرخ فينا حي على مكافحة الفساد ولو من باب صدى أصواتنا ترتد إلى أذاننا لندرك فقط إننا نتحدث وأننا أحياء ولسنا أموات؟
ماذا يجري حين نتحدث عن الشفافية في ظلام دامس إثر انقطاع متواصل للكهرباء وارتفاع متزايد في تعرفة استهلاك الكهرباء ثم لا ندرك في الوقت الضائع إن ثمة شركة أجنبية بريطانية تدعى "إجريكو" قد دخلت بلادنا وفي حين غفلة وبدأت تمارس تصدير الظلام عبر الشبكة الحكومية وتطالب بالقيمة الكاملة والقيمة المضافة بملايين الدولارات التي تكفي لتزويد كل بيت أو كل منزل من المنازل اليمنية البالغة حوالي "2" مليون منزل بمولد كهربائي مستقل والناس أحرار.
صدقوني هذه الأسئلة ليست مطروحة على طاولة الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد لسبب بسيط حالياً هو أن كل ما سبق موجود مسبقاً ومن الصعب على الهيئة الوليدة أن تقوم بتنظيف آثار فساد امتد على مساحة وتاريخ نظامي شطرين اتحدا في نظام واحد ولم يكلفا نفسيهما قبل عناء تنظيف مخلفاتهم السامة والمميتة والقاتلة متسببين بتراكم كل تلك السموم والآفات في جسد دولة الوحدة التي ما لبثت تتوجع من كل مفصل وكل عضو وكل خلية تتوجع في ملف الأراضي في ملف البطالة في ملف التعليم في ملف السياحة في ملف النفط والمعادة في ملف المناقصات ورصف الطرق في ملف كرة القدم في ملف الأمن في ملف الأسعار في ملف الغاز المنزلي والديزل والأسمنت والثارات والصحة تتألم في كل ذلك وأكثر وتتوجه ونحن نسكن الألم بقطع الثلج والكمادات المؤقتة والمهدئات.
ولكن أطرح هذا أمامنا نحن الشباب فقط وفقط فقط.<