عصام المطري
الناظر الفاحص للواقع الإسلامي والعربي يدرك بداهة هزالة النظام الرسمي العربي الذي يئن تحت طائلة الجهل والتخلف حيث أصبحنا عبارة عن قطيع من الغنم بدون راعي، فالزعامات والقيادات الإسلامية والعربية يمثلون الأمة الواقعة بين أزمتين اثنتين، أزمة الفكر والثقافة وأزمة انتماء ذلكم أن العالم الإنساني الكبير قد عبث بالأخلاق والقيم النبيلة والسامية.
إن أزمة الفكر والثقافة هي التي دوخت الأمة، فيوجد شعبان تحت سقف واحد، وثقافتان في أمة واحدة، وفكران في ذات الأمة، فقد فلح المحتل الأجنبي الدخيل في تقسيم وتقطيع الأمة إلى أشلاء، فأزمة الفكر والثقافة فرضت أفكاراً متباينة بين المجاميع والنخب والقوى السياسية والاجتماعية على نحو صعب معه تحديد مفردات المشروع القومي النهضوي وهذا ما أخر الأمة، وألقى بظلام كثيف على مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها الكثير من مجالات الحياة المتعددة والمتنوعة.
لقد تباينت الآراء ولم تتطابق، فهذا ذا توجه إسلامي وآخر صاحب توجه علماني، وثالث صاحب توجه قومي وهكذا عبثت هذه الأزمة بالحياة الثقافية والسياسية، ونجم الصراع الدبلوماسي بين قوى الأمة، وامتد ليشمل صراعاً مسلحاً، فمن يا ترى المسؤول عن هذا الصراع؟ هل هي المجاميع والقوى السياسية والثقافية؟ أم القيادات العربية والإسلامية، فنحن نعاني من هذه الأزمة المدوية، وقد صرنا حبيسي الجهل والتخلف والانحطاط لقاء تغلغل هذه الأزمة في الأوساط الشعبية والجماهيرية، فلقد أصبحنا مقيدين في هذه الأزمة المدوية الكبيرة.
ولم نفلح بأي شيء، فلا نحن الذين تقدمنا وتركنا الدين جانباً مثل أوروبا الغربية ولا نحن الذين تمسكنا بالدين وتطورنا مثل الحضارة العربية والإسلامية التي قامت ذات مرة في أرجاء المعمورة، فالصراع بين الأفراد قائم وامتد ليشمل المؤسسات السياسية والثقافية، وأكل الحرث والنسل، وحطم الأمة في جميع المجالات، فلو تمكنا من تجاوز أزمة الثقافة والفكر فإننا سنستطيع تحقيق أعلى معدلات النمو والنماء على وجه هذه البسيطة.
ونقصد بأزمة الانتماء تأكيد الفرد والجماعات السياسية والثقافية انتماءات سياسية ووطنية وقومية وإسلامية، فالفرد حين يغلب الانتماء للذات يتحرك وفق هذا الانتماء، فيقدم مصلحته على مصلحة الحزب السياسية، وقد يغلب انتمائه الفردي على انتمائه للوطن، فيقدم مصلحته على مصلحة الوطن ويعمل للذات، وهذا شأن القيادات والزعامات الإسلامية والعربية التي لا ترى سوى مصالحها وتأكيدها على المصلحة الوطنية لجموع الأمة، فيأتي كل شيء في خدمة ذواتهم الإنانية.
لقد جنينا السموم الحنظلية جرار هذه الأزمة المدوية فالرئيس لا ينظر إلا لمصالحه الأنانية الذاتية فقط، ويحمي كرسي الملك والحكم حتى لو كلفه ذلك التضحية بخيرات البلاد والعباد، فلن تستقيم الحياة إلا بتنظيم الانتماء بمعنى أن ينظم الانتماء بمنظور الإسلامي من القرآن والسنة النبوية المطهرة بحيث ينتمي الفرد لذاته ولكن في الحدود الدنيا التي لا تتضارب مع مصالح الأمة قال تعالى: "وابتغي فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك".
وكم نتمنى أن تنقشع هذه الأزمات فعلينا أن نحصن النشء والشباب بالانتماء إلى الدين الإسلامي الحنيف، وتمثل الثقافة والفكر الإسلامي الذي فيه العزة والغلبة لنا، ويحقق آمالنا وطموحنا وتطلعاتنا السياسية والفكرية والثقافية فنحن أمة ذات رسالة واحدة، وذات دين إسلامي رائد يمتلك مقومات الحياة السعيدة ويشيع حرية الأديان قال الله تعالى في محكم الآيات البينات: "لا إكراه في الدين"، ومن ثم فإنه يتوجب علينا التوحد والإتحاد لأننا جميعاً مسلمون، ونترك للأقليات غير الإسلامية حرية الانتماء والاعتقاد والانتماء في نهاية المطاف إلى الوطن الواحد والأمة الواحدة. <