ممدوح طه
في كل يوم، بل في كل ساعة، ينكشف للعرب وللعالم مدى فظاعة جرائم الحرب الصهيونية والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها عصابات الجيش الإسرائيلي الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة.
وستمضي أيام بل أسابيع ليتكشف للعرب وللعالم مدى البطولة الأسطورية التي أبداها الشعب الفلسطيني بصموده وثباته وقدرته على التضحية بالنفس والمال والبيت تصدياً للعدوان وتمسكاً بإرادة المقاومة وبثوابت الحقوق دون أي استعدادا للاستسلام أو للتفريط بشبر من الأرض.
كما ستمضي شهور وربما سنوات قبل أن يتكشف للعرب وللمسلمين مدى المكاسب الهائلة الروحية والمعنوية، والوطنية والقومية التي أحرزتها مقاومة الشعب الفلسطيني في غزة على هذا العدوان الهمجي الإجرامي. وهو ما يفوق بكثير مدى الخسائر البشرية والمادية والإنسانية الهائلة التي دفعها هذا الشعب المناضل ثمنا لإصراره على التمسك بأرضه وثباته العظيم في إعلاء إرادته، والدفاع عن قضيته.
مثلما ستمضي نفس الفترة إن لم تكن أقل، لتتكشف لمن لم يرحل الآن مدى الخسائر المادية والبشرية والمعنوية الهائلة التي فقدها الكيان الصهيوني الإرهابي وأهمها الخسارة الأخلاقية. . وسيبدو معها أن ما دفعه وما سيدفعه هذا الكيان الإجرامي ضد الإنسانية من ثمن يفوق بكثير ما دفعه الشعب الفلسطيني والعربي من ثمن!
فليس هيناً ما ارتكبه هذا الكيان من إجرام وإرهاب خرقاً للقانون الدولي والإنساني، وخروجاً على كل الشرائع السماوية بما فيها الشريعة اليهودية ذاتها التي لا يمكن أن تبرر قصف مستشفيات وقتل أطفال وتدمير مساجد بما فيها من مصلين. وليس هيناً ما تكشف وما سيتكشف من قصص البطولات والبسالة والتضحيات التي أبداها وقدمها الشعب الفلسطيني العظيم في غزة الذي يواجه في صبر وثبات كل أنواع المعاناة من احتلال وحصار وعدوان بهدف تجويعه وابتزازه وتركيعه.
وهو من أثبت للعدو والصديق وللمنافق قبل الشقيق بصموده البطولي أنه قد يفرض عليه الاحتلال لكنه يرفض الكف عن المقاومة إلا بزوال الاحتلال، وقد تفرض عليه المعارك ولن يتردد في تقديم التضحيات ثمناً للحرية ولحقوقه الإنسانية.
كما لن يكون سهلاً ولا هيناً مدى الخسارة الأخلاقية الهائلة التي خسرتها العصابة الصهيونية وكل شركائها لما ارتكبته من جرائم ضد الإنسانية صنعت لها صورة من أبشع الصور الإجرامية والجنونية والدموية ليس فقط بين شعوب العالم الإسلامي بل بين شعوب العالم أجمع، ستظل راسخة في أذهانهم لأجيال طويلة.
وهنا لا بد أن نسجل في سجلات العار التاريخية الموقف المخزي اللا إنساني بل العدواني الذي كشف العداء الصهيوني الأميركي «البوشي»، والنفاق الأوروبي «الساركوزي» الذي ظهر في مجلس الأمن الدولي في المجلس العالمي لحقوق الإنسان بإعلان الرفض الأوروبي لإعلان حقوق الإنسان.
وذلك برفض إدانة أو إجراء التحقيق في جرائم الحرب الصهيونية والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها «إسرائيل» في حربها العدوانية، والذي استطاع الضمير الإنساني العالمي أن يحبطها بقراره الشجاع في طلب التحقيق فيها وملاحقة المجرم الإرهابي. ولهذا لا بد أن نطالب الدول العربية بإعادة تقييم ما يسمى ب «الاتحاد من أجل المتوسط».
وأن تعلن إدانتها للموقف الأوروبي الغير منصف إنسانياً ولا شرعياً الذي انحاز للكيان الصهيوني المجرم في عدوانه اللا أخلاقي الأخير على الشعب الفلسطيني في غزة. ومن الأولى الآن بالشقيق العربي الاتحاد مع الشقيق العربي من أجل فلسطين ومن أجل العرب والمسلمين لا من أجل «متوسط» ولا من أجل «شرق أوسط كبير» ولا من أجل «إسرائيل». خصوصاً بعدما انتصر الدم الفلسطيني على السيف الصهيوني. <