بقلم/نواف الزرو *
هل يا ترى صدق الرئيس الفنزويلي «هوجو تشافيز» عندما أعلن أن باراك اوباما لديه نفس «الرائحة الكريهة» لسلفه بوصفه رئيسا أميركيا، وهو معرض لخطر القتل إذا حاول تغيير «الإمبراطورية الأميركية». . . ؟
وبالتالي هل ينجح الرئيس الجديد في تجميل الوجه الأميركي البشع - في عهد بوش. . . ؟! والى أي مدى صدق روبرت فيسك حينما كتب في صحيفة الاندبندنت اللندنية قائلا: مرة أخرى السياسة الخارجية للولايات المتحدة تمليها إسرائيل؟
تتراصف جملة كبيرة من الأسئلة على الأجندات السياسية الإسرائيلية والعربية خاصة فيما يتعلق بسياسة اوباما المستقبلية تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية واحتمالات الحل. . . ! وربما تفيدنا في هذا الصدد قراءة عاجلة مكثفة لردود الفعل والتقديرات الإسرائيلية. . . !
فالواضح وفق جملة كبيرة من التقديرات والاستخلاصات القرائية والإستراتيجية أن قصة «احتمالية تجميل الوجه الأميركي البشع في عهد اوباما» مرتبطة ارتباطا استراتيجيا بما سيفعله بالسياسات الأميركية المنحازة انحيازا تحالفيا سافرا الى جانب دولة إسرائيل، ومرتبطة كذلك ب «ملف اوباما الإسرائيلي» فماذا يقول هذا الملف الاوبامي الإسرائيلي. . . ؟ وكيف تنظر المؤسسة الإسرائيلية للرئيس الأميركي - الأسود - الجديد. . . . ؟ وعليه هل نستبشر يا ترى حقا بتغيير سياسي شرق أوسطي في عهد اوباما. . . ؟!
نعود إلى «ملف اوباما الإسرائيلي» لنقرأ بالأساس ماذا يقول الإسرائيليون أنفسهم في هذا الشأن المحدد، ففي أعقاب «اليوم التاريخي- تنصيب الرئيس الجديد» في واشنطن، كشفت المصادر الإعلامية الإسرائيلية عن حقيقة كانت طي الكتمان حتى التنصيب.
وهي "أن عددا من كبار المسؤولين الإسرائيليين كلفوا وقاموا منذ عامين بإعداد ملف عن الرئيس الجديد أسموه «ملف اوباما»، وقد أعلن هؤلاء بعد القسم والتنصيب بمنتهى الثقة: أن إسرائيل سوف تبقى شريكا استراتيجيا مقربا للولايات المتحدة، وأضافوا: إن هذا الرجل الذي دخل للبيت الأبيض هو صديق حقيقي لإسرائيل، ويتعاطف مشاعريا ليس فقط مع الدولة وإنما أيضا مع شعب إسرائيل.
وأكدت المصادر إن هذه الأقوال تعكس موقف القيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية، من رئيس الوزراء أولمرت مرورا بوزيرة الخارجية ليفني، ووزير الدفاع باراك، والكثير من الوزراء وقادة الأجهزة السياسية والأمنية، حتى أولئك الذين كانوا يتخوفون من اوباما، بل حتى اليمين الإسرائيلي والليكود على رأسه يعتبرونه صديقا لإسرائيل.
ويشتمل «ملف اوباما الإسرائيلي» الذي أعده طاقم من وزارة الخارجية الإسرائيلية على: معلومات شخصية عن اوباما، مواقفه، مفهومه السياسي، وحتى مواقف المقربين منه، وقد جمعت هذه المعلومات منذ ان عرض نفسه كمرشح محتمل، وإضافة إلى تصريحاته العلنية، جمعت انطباعات إسرائيليين كثيرين التقوا به خلال حملته الانتخابية وكذلك بعد انتخابه في الرابع من نوفمبر 2008. إذن نحن عمليا أمام حملة متابعة وتجسس وإعداد إسرائيلية كاملة أحاطت باوباما. . . !.
فالعين الإسرائيلية تابعت تحركات اوباما منذ بدايات الحملة الانتخابية: أفكاره ومواقفه ونواياه في تشكيل طاقمه الداخلي والخارجي، ولم يخيب اوباما «إسرائيل» في اختيار أعضاء فريقه كما هو معروف، ومنهم رام عمانوئيل وهو من أصل إسرائيلي الذي عين رئيساً لطاقم البيت الأبيض.
ومع أداء الرئيس الأميركي الجديد أوباما، اليمين القانونية، قال إيهود أولمرت «إنه على قناعة بأن علاقة إسرائيل مع الولايات المتحدة سوف تتعزز»، وقال إن «الولايات المتحدة بكل أحزابها شكلت الصديق الحقيقي لإسرائيل، والذي اعتمدت عليه لسنوات طويلة، وخاصة في ظل إدارة الرئيس بوش».
اما الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز فأكد: أن دولة إسرائيل ستكون «شريكا جيدا لأوباما»، واختتم «إنه لا يخشى من نية الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما إجراء حوار مع حركة حماس وإيران»، وصولا إلى بنيامين نتنياهو الذي ترجح استطلاعات الرأي أن يكون رئيس الوزراء المقبل.
حيث أعلن: أن الرئيس الأميركي المنتخب اوباما يتفهم «يأس» الإسرائيليين، مضيفا لإذاعة الجيش الإسرائيلي: تشكل لدي الانطباع بان باراك اوباما يتفهم جيدا يأسنا وضراوة الأعداء الذين نقاتلهم، فيما أعرب وزير الخارجية السابق سلفان شالوم للإذاعة الإسرائيلية عن ارتياحه قائلا: اعتقد أن أوباما سيكون صديقا حقيقيا لإسرائيل بالنظر إلى كافة مقترحاته السابقة المتعاطفة معها في الكونغرس، وأكد حاييم رامون نائب رئيس الحكومة الإسرائيلي من جهته أن السياسات الخارجية للولايات المتحدة لن تتغير في جوهرها خلال عهد أوباما.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن داني أيالون قوله إن العلاقات الإسرائيلية الأميركية لن تتغير، ورأى أيالون أنه لن يكون هناك أي تغيّر، بل على العكس، وأوضح أن خارطة مصالح الولايات المتحدة ليست متعلقة بهوية القاطن في البيت الأبيض، وستستمر واشنطن في التعامل مع إسرائيل على أنها حليفتها المخلصة.
ومرة أخرى- لم يخيب اوباما تفاؤل القادة الاسرائيليين والتقديرات المختلفة، اذ طالب حماس بالاعتراف بإسرائيل، ووقف إطلاق الصواريخ، ووصف إطلاق حماس الصواريخ على إسرائيل ب «الهجمات الإرهابية»، مضيفا ان إدارته ستبذل جهودا كبيرة لمنع تهريب الأسلحة لحركة حماس، بينما تجاهل اوباما «محرقة غزة» ولم يشر ولو بكلمة واحدة الى المجازر التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في القطاع ضد النساء والأطفال.
وهكذا- كما نتابع عبر هذا الكم من التقديرات والاستخلاصات الإسرائيلية المتعلقة «إسرائيل في فكر وسياسة اوباما»، وكذلك ب «ملف اوباما الإسرائيلي»، فانه ليس من المنتظر ان يرتقي اوباما في سياساته الشرق أوسطية على نحو يخرج فيه عن الاستراتيجية الأميركية المنتهجة إزاء المنطقة، وعلى نحو يتقدم فيه الى حد ما نحو خط الاحياد مثلا، او الى مستوى التدخل الحقيقي من اجل فرض تسوية على اسرائيل تلزمها بتنفيذ القرارات الأممية المتراكمة على الرفوف، وتلزمها بالانسحاب مثلا من الأراضي المحتلة عام1967 وبإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ما يستدعي من الفلسطينيين والعرب على سبيل المثال ان يكون لهم بدورهم «ملف اوباما العربي»، وان يكون لهم لوبيهم الخاص ووزنهم وحضورهم هناك لدى البيت الأبيض وفي مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، فهناك «مربط الفرس» ومركز القرار في رسم السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بقضايانا وحقوقنا. . . !. <
* كاتب فلسطيني