إسماعيل صالح السلامي
لقد سقطت أوهام إسرائيل عن إمكانية تصفية المقاومة أو حول إرغام قيادة المقاومة على التراجع سياسياً عن شروطها التي تضع الرادع الصاروخي مقابل فك الحصار كما سقطت بالتجربة في الميدان على تدمير قدرات المقاومة العسكرية والقتالية في القطاع مع أنه لا مجال للمقارنة على الإطلاق بين قطاع غزة وإسرائيل من حيث عدد السكان والمساحة الجغرافية والقوى المقاتلة وطبيعة السلاح ونوعيته أو من حيث النفوذ فالقطاع محاصر بصورة محكمة من الجانب المصري ومعزول من جهة بقية الأراضي الفلسطينية بواسطة جيش الاحتلال الإسرائيلي كما يشمل الحصار أيضاً شاطئ غزة الذي استعانت إسرائيل بالحلف الأطلسي بعد الحرب لإحكام إغلاقه، بينما إسرائيل تحظى بممرات مفتوحة برية وبحرية وجوية.
إضافة إلى ذلك لا مجال للمقارنة بين الواقع الاقتصادي لقطاع غزة المستنزف بالحصار والتدمير المتواصل وبين الكائن الصهيوني بآلته الاقتصادية الثقيلة التي تحظى بدعم أميركي وأوروبي وغيرهم، ولكن رغم هذا كله هل حققت إسرائيل أهدافها؟ وهل سقطت حماس؟ وهل سقطت حكومتها؟
من هذه الرؤية للمقارنة والأهداف يمكن القول إن انتصار غزة شعباً ومقاومة هو انتصار أسطوري ليس مجرد انتصار تاريخي يبدو ذلك من خلال الأهداف، فأهداف المقاومة هو الصمود ومنع العدو من تحقيق أهدافه وصد محاولات التوغل المتكررة من جانب جيش الاحتلال إلى داخل المناطق المكتظة بالسكان وهذا ما حصل، إضافة إلى ذلك تمكنت المقاومة من قتل ما يزيد عن "50" جندياً إسرائيلياً، وجرت المئات خلال الاشتباكات والكمائن وعمليات القنص وأطلقت المقاومة ما يزيد على "600" صاروخ على إسرائيل مما أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين إسرائيليين وإصابة العشرات بجروح، لكن إسرائيل لم تعترف إلا بمقتل عشرة جنود فقط وإصابة العشرات منذ بدء عدوانها، بين إسرائيل تبحث عن سبيل للخروج من مأزق الفشل والعجز إضافة إلى ذلك الجيش الإسرائيلي يؤكد عجزه في الميدان عن مواجهة المقاتلين ويلجأ إلى إطلاق النيران الكثيفة المحرمة دولياً على أجساد الأطفال والنساء في غزة.
أما موقف الحكام العرب فقد أجبرتهم شخصيتهم الهزيلة على الصمت، واتخذوا من القضية الفلسطينية مجالاً للمجاملات والنفاق وإرضاء الطرفين حتى أن القمم العربية سواء قمة قطر أو الكويت كانت أهدافها الأساسية هي مناقشة حول الاستعمار الاقتصادي الذي يعانون منه وليس لها أي علاقة بما يحدث في غزة، فالزعامات والقيادات العربية كانت تؤثر سلامتها والمحافظة على كراسي الحكم فلم يرتق موقفها الضبابي إلى مستوى الحدث، ذلكم أن الشارع العربي والإسلامي انتفض عن بكرة أبيه مؤيداً المقاومة الإسلامية في غزة ولم يجرأ أي زعيم عربي على إدانة العدوان الصهيوني فدرس غزة يعلمنا الكثير من الدروس أولها على سبيل المثال لا للحصر أن الزعامات والقيادات العربية والإسلامية لا تمثلنا سياسياً وعلينا مجاهدتها عن طريق النضال السياسي السلمي وأن ننتصب إلى حماية المال العام الذي تهدره الزعامات العربية على أهوائها والبذخ السياسي فقد جربناهم في هذا المقام المتواضع الشعوب العربية والإسلامية صاحبة الدور المساند للمقاومة الإسلامية في غزة ونحيي بكل إكبار وإجلال كتائب عز الدين القسام التي دوخت العدو الصهيوني وجرعته السم والعلقم فهنيئاً لغزة هذا الانتصار العظيم على قوى الظلام ونتمنى أن يتحول هذا النصر إلى دعامة أكيدة للوحدة الوطنية فقد آن الأوان للأمة الفلسطينية أن تتحد على ترابها الوطني الطاهر.