عصام المطري
لا يختلف عاقلان على أن الإعلام بمختلف أقسامه وتشكيلاته يلعب دوراً أساسياً في عملية الصياغة والتشكيل للنشء والشباب ومختلف الشرائح الاجتماعية، فالإعلام المرئي والمسموع والمقروء يحتل حيزاً كبيراً من التأثير في نبض الشارع الإسلامي والعربي، واليوم تضاعف التأثير أضعافاً مضاعفة لقاء انتشار الفضائيات والقنوات الفضائية عبر الأقمار الاصطناعية.
ومن هذا المنطلق كان لزاماً على مجاميع فأحزاب وشرائح وقوى المجتمع الإسلامي والعربي سرعة التحرك لوضع إستراتيجية موحدة للإعلام العربي الرسمي والأهلي والحزبي والمرئي والمقروء والمسموع ذلكم أن الإعلام صار ذا أهمية كبيرة، وهو جهاز فعال بمختلف ألوانه وأقسامه، فهو يؤثر تأثيراً بالغاً في الأفكار والمبادئ والتطورات والأفعال.
ولئن كان الإعلام العربي مؤثراً للغاية فإنه من الواجب علينا كإعلاميين الذود عن حياض الأمة وعدم التقوقع والانكفاء على الذات من خلال المشاركة والمساهمة في تحفيز الإعلام العربي المرئي والمقروء والمسموع عن طريق الدفع بأنفسنا في المشاركة والمساهمة في وضع الاستراتيجية العامة القومية والوطنية والإسلامية للإعلام العربي المرئي والمقروء والمسموع.
والحقيقة التي لا يمكن أن تخطئها ملاحة الحصيف والذكي هي أن الإعلام آلية من آليات إعادة الصياغة والتشكيل في مستويات عديدة منها الفكر والثقافة ومنها التطورات والإدراك ومنها الحركات والسكنات، فالإعلام غدا مؤثراً كبيراً في النسيج الاجتماعي ولا توجد بيت إلا وفيها وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في الوطن الحبيب.
ولا نخالف عين الحقيقة إن قلنا إن حربنا مع الكيان الصهيوني ليست حرباً عسكرية محصنة وإنما تتعدد ساحات القتال والنزال، فمن الحرب العسكرية إلى الحرب الاقتصادية، ومن الحرب الاقتصادية إلى الحرب التعليمية والتربوية، ومن الحرب التعليمية والتربوية إلى الحرب الإعلامية فنحن نخوض حرباً ضروساً شرسة مع العدو الصهيوني ينبغي علينا أن نكون عند مستوى الثقة، وأن تكون لدينا دراية بما تتكبده الأمة حيث تواجه العديد من المعارك والكثير من المخاطر والتحديات في مختلف مجالات الحياة العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والتعليمية والتربوية وغيرها الكثير من مجالات الحياة الهامة الأمر الذي يفرض علينا سرعة الإدراك والدراية التامة والكاملة وعلى مختلف المستويات والصعد.
وإذا كان الإعلام هادفاً ومهماً كما أسلفنا فإن ذلك يستدعي منا الوقوف ملياً أمام عمل الإعلام العربي والمقروء والمسموع لنشاهد وبكل بساطة أن الإعلام العربي الرسمي والأهلي والحزبي "المرئي والمقروء والمسموع" يعمل بدون أن تكون لديه أهداف وغايات ومضامين ناهيك عن الاستراتيجيات والخطط والبرامج الثابتة والمتحركة.
ولن يتأتى النصر على أعدائنا في مجال الإعلام إلا إذا سارعنا الخطى صوب التخطيط والتقعيد والتقنين لعمل الإعلام العربي الرسمي والأهلي والحزبي ، وعلينا أن نقدم خططاً ممنهجة نرتشف من خلالها انتصارات الإعلام العربي على خصومه انتصاراً كبيراً ومؤبداً في جميع مجالات الحياة المتعددة والمتنوعة.
وما لا يمكن فهمه هو إصرار بعض الأقطار والأمصار الإسلامية والعربية على السير في هذا الطريق "طريق الإعلام العربي" بدون هدى أو نور أو كتابٍ منير فيختلفون في التخطيط ولا يقولون بالبرمجة ولا يعترفون بوضع الاستراتيجيات في هذا الزمن الصعب الذي غدا زمن التخطيط والبرمجة، ووضع الاستراتيجيات.
وعطفاً على ما سبق يتأكد علينا أن نعد العدة لحرب إعلامية كبيرة لا سيما بعد الاعتداءات السافلة والوحشية والقذرة على قطاع غزة والذي كان للإعلام العربي حضوره على مستوى القنوات الفضائية التي تألقت مها غير واحدة هي قناة الجزيرة في قطر تلك القناة الناجحة التي غطت الأحداث لحظة بلحظة وثابتة بثانية.
ولقد أضحى في حكم المؤكد أن الأمة الإسلامية والعربية عاجزة كل العجز عن تقديم إعلام ممنهج هادف له غايات استراتيجية بعيداً المدى تخدم القضية الإسلامية والعربية، وتنافح عن حياض الأمة، وتدافع عن الوجود العربي والإسلامي وتحضر للإنقاذ من هذا الضعف والوهن الشديد في بقية النظام الرسمي العربي.
ومن الغريب إدراكه هو تعامي بعض القنوات الفضائية عن الحرب الضروس التي تخوضها الأمة ضد أعدائها المتربصين، فتعمد إلى الهبوط بذوق المشاهد العربي، وتأخذه إلى الرقص والمجون والمياعة، فهذه القنوات تهدم إطلاق النشء والشباب، وتساهم في استلاب الشخصية الإسلامية والعربية الأصيلة، ومسخ الشخصية الإسلامية والعربية فضلاً عن الأفلام الهابطة التي توقظ الشهوات لدى الشباب وتقديم نماذج ساذجة عن المثل العربي، فهذه القنوات لا تخدم المشروع الإسلامي العربي النهضوي القومي، وإنما تخدم مخططات الأعداء وتروض الشعب العربي ترويضاً كبيراً لعشق حياة الدعوة والكسل والتراخي.
ومهما يكن فإنه يمكن لنا أن نحدد أهم المهام المفروضة أمام الإعلام العربي على خلفية الصراع المسلح في قطاع غزة على النحو التالي:
أولاً/ مهام التعبئة الإعلامية الممتازة طويلة المدى والتي لا تتأثر بظرف حالي وتجديد هذه التعبئة عبر خطط ممنهجة تعطي للمستهدف أهمية مقاومة الاحتلال الصهيوني الجاثم على صدر الأمة الإسلامية والعربية، وهذا يتطلب مضافرة الجهود، وأن ترقى الحكومات إلى مثل هذه التعبئة الممتازة التي ستخلف الشيء الكثير في طريق إعادة الدور الريادي والقيادي للأمة الإسلامية والعربية.
ثانيا: مهام بناء الشخصية الإسلامية والعربية الأصيلة من خلال الأناشيد الدينية الإسلامية الحماسية والأغاني الوطنية والقومية والإسلامية المعبرة وعن طريق الأفلام السياسية التي تجسد إعلام الأمة الإسلامية والعربية مثل دروس في حياة الصحابة ودروس في حياة الخلفاء الراشدين، وتقديم نموذج إسلامي راقٍ عن الشخصيات الإسلامية القومية أمثال عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وغيرهم من الشخصيات الإسلامية كصلاح الدين وعمر المختار في العصر الحديث.
ثالثاً: مهام التسلية والإثارة والتشويق بعيداً عن المجون والعرى والتفسخ والتحلل الأخلاقي، وهذا يفرض على المبدعين عملاً شاقاً متواصلاً لإعداد المواد الهامة التي تجمع عناصر الاستفادة والمتعة والتسلية في آن واحد.
رابعاً: مهام تربية النشء والشباب ومختلف الشرائح الاجتماعية على الأخلاق الفاضلة من صدق وأمانة وتضحية وإيثار وشجاعة وإقدام وخلق المواطن الصالح المصلح الذي يغير الركام من حوله مجدداً في الدين الإسلامي الحنيف وباذلاً أقصى درجات المشقة من أجل تقديم شخصيات ونماذج إسلامية
وأخيراً:
تلكم في اعتقادي هي أهم مهام الإعلام العربي الرسمي والأهلي والحزبي المرئي والمسموع والمقروء ونأمل أن يلتزم فيها صناع القرار السياسي وأن لا تكون حبراً على ورق، فنحن حقيقة نريد تفعيل دور الإعلام العربي والله من وراء القصد.