عصام المطري
أضحى في حكم المؤكد أن الاقتصاد يلعب الدور الأساسي في إنعاش الحياة العامة، وإليه يعزى الاستقرار والهدوء الأمني السياسي، فالدول التي تعد في مصاف الدول المتقدمة تولي الاقتصاد أهمية بالغة وترعاه وتهتم به وتجعله من ضمن أولويات الاهتمام ذلكم أن الاقتصاد العصا السحرية للأمم والشعوب، ودعامة الاستقرار النوعي في البلاد، فالحضارات والدول العظمى حين تسقط يكون السقوط في الجانب الثقافي والجانب الاقتصادي.
وإذا كان الاقتصاد بهذه الدرجة من الأهمية البالغة، فإنه يستدعي الاهتمام به، وتحسين مخرجاته وانتهاج سياسة اقتصادية واضحة المعالم فلا مجال هنا للانتقاء والترشيح، فالاقتصاد منظومة متكاملة من الخبرات على المسار الكلي أو الجزئي للاقتصاد الوطني، فينبغي علينا الاهتمام بالاقتصاد، ووضع الخطط الممنهجة الصالحة للتطبيق والابتعاد عن حياة التقليد والمحاكاة الغير علمية ذلك أن بناء الاقتصاد يجب أن يكون على أساس علمي بحت يزود المقدرات والامكانات الاقتصادية بالأسس والدعائم الاقتصادية الثابتة من أجل تدشين حلقات أوسع من الرعاية الاقتصادية الفعلية.
وحتى يكتب للأمة اليمنية قدراً رفيعاً من التطور والنهوض الاقتصادي ينبغي علينا أن نولي الاقتصاد اهتماماً بالغاً، وأن لا يكون في هامش اهتمامنا، وعلينا اختيار الكفاءات والخبرات المؤهلة الممتازة من أجل إحداث نهوض اقتصادي كبير في العديد من حلقات الاقتصاد على أن تدشين الاقتصاد الممتاز يرتكز أساساً على بناء الإنسان، فالتنمية تعريفها الوظيفي واضح وجلي وهي "تنمية الناس بالناس من أجل الناس" فالإنسان مجال التنمية ووسيلتها وغايتها، فعلينا الاهتمام بالإنسان من هذا المنطلق وإيلاء مهام بنائه وتثقيفه وتعليمه أهمية قصوى من أجل الرفاه والتقدم.
إن التهريب الذي يمارسه قراصنة الاقتصاد يضر بالمصالح والمنافع الوطنية، والمهربون إخوان الشياطين ومخربون لا يقل دورهم عن دور المخربين السياسيين، فالتهريب يدمر الاقتصاد الوطني ويزعزع مكانته، وهو إفلاس حقيقي من الوطنية الحقة، فهو عمل جبان حاقد على الأمة اليمنية، فأخطاره كثيرة ومتنوعة منها على سبيل المثال لا الحصر أن التهريب خطره فادح على الاقتصاد من خلال ما يقومون به من تهريب بضائع أو مواد غذائية قد تكون تالفة، ومنتهية الصلاحية فتتسبب بقتل الأبرياء والمساكين من أبناء هذه الأمة وتحرم الخزينة العامة للدولة من أثمان الضرائب والجمارك الباهضة.
إننا نعلن من خلال هذا المقام الحر المستقل الثورة على المهربين الذين يتزودون بأسلحة لمواجهة قوات الأمن الأشاوس ويشتبكون معهم، المهم أننا يجب أن نكون متأكدين بأن التهريب يخسرنا مئات الملايين ويضربا لاقتصاد الوطني، فعلى الإعلام الأهلي والرسمي والحزبي المقروء والمرئي والمسموع إحداث توعية شامله عن أخطار التهريب ورفد قوات الأمن بالمواطنين الصالحين الذين يذودون عن الحمى ويدافعون عن حرمة اليمن أرضاً وإنساناً.
ولئن كان التهريب آفة خطيرة، فإنه ينبغي على عقلاء الأمة تضييق الخناق عليه وحصره في سماء محددة، فالتهريب يلتهم المال العام، وتذهب مئات الملايين هباءً منثورا ذلك لأن التهريب عصي على الأجهزة الأمنية، والمهربون لديهم إمكانات جبارة وكبيرة يحاربون من خلالها كل الأيادي الوطنية الشريفة، فهم يقدمون إغراءات كبيرة لضباط الأمن، وضعفاء النفوس هم وحدهم الذين يسقطون من أول وهلة لأنهم ماديون ولا يتحلون بالنزاهة، وهنالك في مصلحة الضرائب ومصلحة الجمارك من يعفي المهربين من دفع الضريبة مقابل حفنة من المال، فمثل هذا العمل هو عمل خياني يصب في خانة التعامي عن الوطنية الحقة النزيهة.
إننا ندين التهريب بكافة أشكاله وصوره وهو كما أسلفنا نوع من التخريب المنظم لمقدرات الأمة، والدولة عاجزة عن مكافحته لأنها لا تمتلك السبيل وهو بناء الإنسان بناءً إسلامياً ووطنياً وقومياً تدله على النظافة والنزاهة والقناعة والشموخ والإباء، وتحرص على تزويده بمقبلات الأمانة والحرص الشديد على المال العام ويذكر أن عمر بن عبدالعزيز عندما كان يتناقش هو وحارس بيت مال المسلمين كان موقداً شمعه، وحينما غيرا وجهة الحديث إلى الأمور الشخصية أوقد شمعة أخرى وقال الشمعة الأولى خاصة ببيت مال المسلمين وهذه الشمعة خاصة بالأمور الشخصية والله المستعان. <