عصام المطري
المناهج والمقررات الدراسية الحالية لا تشجع على إحداث نوع من التنمية والتقدم السياسي والاقتصادي، فالمناهج والمقررات الدراسية الحالية مبهمة ولا يستطيع التعاطي معها أولياء الأمور والتلاميذ هذا فضلاً عن المعلمين والمعلمات أنفسهم الذين يقولون إنهم لا يفهمون المناهج والمقررات الدراسية، فإحداث تطور تعليمي ورفع محصلة وحصيلة التعليم ومعالجة بعض الاختلالات التعليمية إنما نبدأها من هنا. . من تغيير المناهج والمقررات الدراسية الحالية إلى الأفضل، فللإنصاف أقول إن المناهج والمقررات الدراسية السابقة كانت مناهج تعد مناسبة لأعمار التلاميذ ويفهمها ولي الأمر الذي يستذكر لابنه ويفهمها التلميذ، ويفهمها المعلمون والمعلمات، هي للأمانة مناهج سلسة ومرنة.
أن المناهج والمقررات الدراسية الحالية لا تعد مناهج أو مقررات دراسية بالمفهوم الواضح ذلك لأنها حشو من الصور والطلاسم والرموز الذي لا يقدر على حلها سوى واضع المنهج ذاته، فقد ابتعدت هذه المناهج عن الوضوح، وانزوت تحت ظلال الغموض لا تفهم جاهلاً، ولا تساعد على إكساب التلاميذ قدراً رفيعاً من المعلومات حتى دليل المعلم الذي أعد هو الآخر يشكو من المتناقضات ومن الغموض فالمفسر يحتاج إلى مفسر، ومن الضياع أن يقضي أبناؤنا الطلاب أوقاتاً طويلة في استذكار تلك الدروس ليستبين الخبر بعد ذلك "وتقفش" طالب في الصف الخامس لا يستطيع التمييز بين الحروف، فهذه هي أزمة المناهج والمقررات الدراسية الحالية التي تضاعف من أزماتنا وترمي بنا وحيدين في مزبلة التاريخ السياسي.
وكان مجلس الشورى قد أوصى بضرورة تغيير المناهج والمقررات الدراسية الحالية ولا ندري إلى أين وصلت تلك التوصية في الوزارة المعنية التي ما عادت تلبي احتياجات ومطالب التلاميذ، ولم تتمكن من متابعة مدراء ومديرات المدارس وتقيمهم، فهنالك مدراء ومديرات مدارس عفى عليهم الزمن وغريب إذ أن هنالك من يقبع على كرسي الإدارة لمدة خمسة وعشرين عاماً من غير تجديد ولا حتى إبداع ثم نأتي لنشكوا تدهور التعليم العام الأساسي والثانوي.
إننا أمام مسؤولية جسيمة ضمن هنا نبدأ من تغيير المناهج ومن إصلاح التعليم لإصلاح كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والإعلامية والقضائية وغيرها الكثير من مجالات وميادين الحياة المتعددة والمتنوعة، فإصلاح التعليم مدخل مناسب إلى إصلاح كافة مناحي الحياة، فإذا استمر التعليم على ما هو عليه من الضعف فإن معظم مجالات وميادين الحياة ستظل هكذا تشكو من الأزمات والإحباطات والتخطبات في جميع المناحي الحياتية المتعددة والمتنوعة، فمن هنا نبدأ من تغيير المناهج والمقررات الدراسية، ومن إصلاح وضع التعليم منهجاً ومعلماً ومبنئ مدرسياً، فهل تصدقون أننا قمنا في التدريس في عمارة في قلب عاصمة تعز، فلا تتوافر مبانٍ مدرسية وأصحاب الأرياف يلقون حصصهم من على عشش وتحت الأشجار فهل هذا تعليم بربكم؟ وهل هذا تقدم وتطوير ورفاه؟ أجيبوا علينا أيها الأخوة فقد بلغ السيل الزبا وطفح الكيل في ظل حكومتنا المتعاقبة على الحكم من ذلك الزمن الغابر الذي تخلصنا فيه وللأبد من حكم بيت آل حميد الدين الذين جوعوا الشعب وأذاقوه ويلات الحرمان والجهل والتخلف والمرض، وها هو اليوم وفي ظل الثورة المجيدة لم يتمكن من مبارحة عقده ولم نستطع التخلص من الآفات والأمراض والأسقام في ربوع هذا البلد الطيب الذي أعاد وحدته، وتمكن من استعادة اللحمة، فكانت الوحدة اليمنية الوطنية نقطة مضيئة في ظلام العرب الدامس.
فهيا بنا إخوتي إلى تغيير المناهج والمقررات الدراسية والإصلاح من وضع التعليم منهجاً ومعلماً ومبنئ مدرسياً، فقد عربد الشر وجهاز التربية والتعليم عليه عصابة أشاعت فيه الفساد المالي والإداري ولن يتحرر التعليم إلا من خلال القضاء المبرم على تلك العصابة، فنحن في مسيس الحاجة إلى تعليم راقٍ يقدر المعلم ويشد على يدي الطالب، تعليم راقٍ يستطيع إخراج الإنسان الصالح المصلح وهو المستهدف الوحيد من العملية التعليمية والتربوية، فإلى إصلاح التعليم لا بد وأن تتجه قبلتنا، فنعم لإصلاح التعليم، ولا وألف لا للتجهيل باسم التعليم، فبلادنا تشكو الكثير من الأزمات، والأزمة التعليمية والتربوية هي ملف أشد الأزمات، فمتى يا ترى سنعقل ونتوجه إلى إصلاح التعليم؟ فإصلاح التعليم بات أمراً ضروري وضرورة أكثر من ملحة في ظل هذا الركام في مختلف جوانب وميادين الحياة المتعددة والمتنوعة والله من وراء القصد. <