د. محمد أحمد عبدالله الزهيري
السياحة مورد اقتصادي مهم لبعض الدول وقد تكون هذه السياحة دينية أو بحثية أو تروحية أو استطلاعية، وينشط الإعلام اليمني في الترويج للسياحة في اليمن بصورة لافتة للنظر، وحقاً تمتلك اليمن الكثير من المقومات الأساسية لتنشيط السياحة وأهم هذه المقومات التاريخ الحضاري الغني لعشاق الآثار والخصوصيات الاجتماعية لهواة العادات والأزياء والتقاليد ومدارس وعلماء العلم الشرعي واللغة العربية لطلاب العلم والموقع الجغرافي المميز والمناخ المعتدل طوال العام والتضاريس المتنوعة والسواحل الطويلة، وتزايد السائحين في السنوات الأخيرة خاصة من الدول الخليجية أمر لافت للنظر وبحاجة لمزيد من الخطط والدراسات لإنجاح السياحة في اليمن، هذه السياحة التي تواجه عدة عقبات كفيلة بالقضاء على مستقبل السياحة في اليمن، هذه العقبات بحاجة إلى توقف ودراسة موضوعية مخلصة جادة تعمل على إنجاح هذا المورد الهام وتبتعد عن الخضوع للأهواء والأمزجة والميولات الشخصية والفكرية، وأهم هذه العقبات التقليد والنمطية واستيراد تجارب ومظاهر مجتمعات أخرى تختلف مع خصوصياتنا وشخصيتنا ومجتمعنا ومنها افتقاد الأمن والاستقرار الذي يظهر في مظاهر عدة أهمها ظاهرة قتل السياح واختطافهم ومنها عدم إعداد البنية التحتية للسياحة من مرافق مناسبة وكوادر مدربة ووسائل نقل مريحة وتوعية اجتماعية صحيحة مستمرة، ويمكن أن نقول إن أهم مقومات السياحة في اليمن هي: السياحة النظيفة..
فالسياحة النظيفة هي السياحة الواعدة في اليمن وغيرها محكوم عليها بالفشل وإثارة القلاقل والاضطرابات؛ لأن السياحة النظيفة تناسب ديننا وقيمنا وأخلاقنا وأعرافنا وتقاليدنا ووطنيتنا ووضعيتنا الخلقية والخلقية، فديننا وقيمنا وأعرافنا وتقاليدنا لا يمكن أن تقبل بالتبرج والسفور والاختلاط فضلاً عن امتهان البغاء والدعارة وتجارة الحشيش وبيع الخمور الذي هي "80 %" من السياحة العالمية وقد عرفنا ذلك في ردة الفعل الشعبي والرسمي على ما أشيع بزواج الخميس عند بعض العشائر فنفته الحكومة على لسان وزير الثقافة فكيف يقبل أو يرضى أحد بالتجارة الجنسية للترويج السياحي وفي القيمة الكبرى حول ما سمي بالزواج السياحي الذي هو زواج صحيح بولي وشاهدين ومهر وإيجاب وقبول، لكن كانت له بعض النتائج السلبية أو الفاشلة ومع أنه لم يكن ظاهرة إنما كان حالات فردية بلغت "56" حالة ومع ذلك اضطرت الدولة إلى إصدار قوانين رادعة وعقوبات قوية ضد من يشارك فيه وامتنع الناس عن القبول به كما تظهر المصداقية في الغيرة التي يبديها الناس من تعرض امرأة للمعاكسة من قبل يمني فضلاً في أن يكون خارجياً وفي سلوك الشباب والشابات المتخرج والمتعفف والحي في أي موقف مختلط في الباصات أو قاعات الجامعة إذ يضطر الشباب إلى الانزواء في ناحية والشابات في ناحية وفي نظرة المجتمع لأي امرأة اختلطت بالرجال التي يرفض أقرب الناس إليها الزواج منها ويذهب يتزوج بمعرفة أمه من امرأة أمية لا يعرفها وكم مرة دفعت الطلاب في الجامعة إلى الزواج من زميلاتهم المتعلمات المحتشمات التي لم يعرف عنها ما يشين وأقول: الذكي من يخرج "بشهادتين" شهادة بكالاريوس وشهادة زواج فافأجأ أن الشباب قد تزوجوا من قراهم وبالمقابل إذا أردت تتزوج تشترط إكمال دراستها وبعد الزواج تترك الدراسة وقد سألت الكثير من الطالبات والقريبات أيهما أهم عندك؟ الزواج أو الدراسة فيجيب بلا تردد الزواج وقد كنت أظن هذه الظاهرة في العراق فوجدتها باليمن أيضاً وقد ذكرت رئيسة منتدى الشقائق أن عدد السافرات في اليمن ثلاثون امرأة يتعرضن لكل أنواع الازدراء والاهانة والشتم كما تظهر المصداقية في عدم ملائمة البيئة اليمنية لسياحة المحرمات وقد تدافع الجميع عسكريين ومدنيين أثناء دخول حيش الشرعية عدن لقصف وتدمير وحرق المصنع الوطني لصناعة الخمور مع مراجعة البعض بأنه يمكن تحويله والاستفادة منه حتى لا يتساهلون لأنهم تأثروا بالغرب وأفكاره وثقافته أو لأنهم قد دفعوا الأجر كالمنظمات التسوية لا يرضون ذلك لأسرهم وبذلك حكم على المشروع بالفشل، فاليمنيون لن يرضوا شيئاً يتصادم مع الإسلام وقيمه وأخلاقه وأحكامه، وأكبر دليل الحجاب الذي انتشر في اليمن في وقت انتشار التبرج في العالم العربي والإسلامي وإذا كان نجاح أي مشروع يعتمد على ملائمة البيئة الذي يقام فيها فإنه لن تنجح في اليمن إلا السياحة النظيفة لأسباب كثيرة منها ما سبق من تعاليم الدين الإسلامي وأخلاقه وقيمه وأحكامه ولا يغتر البعض من الضعف الذي أصاب المجتمع لأسباب كثيرة ثقافية وإعلامية واجتماعية وعسكرية حتى حسب المتابع أن المسألة قد حسمت وأنه لا يعد يعارض إلا المتشددون الإرهابيون والحقيقة أن هذا الضعف والانهيار والأثر ما هو إلا صلداً عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلد وردة الفعل في العالم الإسلامي وانتشار الصحوة دليل واضح على تحول الإسلام من الدفاع إلى الهجوم، فما بالك ببلاد الإيمان والحكمة والفقه واليمانيين الذين هم ألين قلوباً وأرق أفئدة، ومن هذه الأسباب إن هناك الكثير من الناس لا سيما المسلمون يبحثون عن هذه المنتجعات السياحية ولا يرضى لأهله وأولاده أن يذهب إلى سياحة المحرمات، وهناك من بنى فللاً وقصوراً في اليمن ليتنزه هو وأهله وأولاده وهناك الآلاف من السياح الخليجيين يأتون مع أهلهم للسياحة فينبهرون بطبيعة اليمن الخلابة وينجذبون إليها عاماً بعد عام وهناك من يأتي لطلب العلم ومشاهدة الآثار التأريخية كل هذا مع افتقار اليمن لمقومات السياحة الناجحة من لوحات إرشادية وطرق ممهدة ومتنزهات مناسبة ومطاعم إذ لا يعقل أن السائح وعائلته وأولاده سيظلون يدورون ولا يحتاجو إلى أماكن يستريحون بها ولا ننسى أثر الطاعة والمعصية في النجاح أو الفشل بل التوفيق والعون الالهي أو العقوبة والعذاب إذ من المعلوم تأريخياً وواقعياً أن التاييد والتوفيق والعون الإلهي للمؤمنين المتقين: "واستغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهار"، وقد اتضح ذلك في الله الأنصار بدعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في خطابه لهم يوم حنين: "ألم تكونوا ضلالاً فهداكم الله بي وعالة فأغناكم الله بي وأعداء فألف الله بين قلوبكم"، وهم يقولون بلى المن والفضل لله ورسوله، وقال عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه: نخشى أن تكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا وقال عمر رضي الله عنه أعرضنا عن الدنيا فأتتنا راغمة، وقد حل الإسلام المشكلة الاقتصادية في زمن قياسي حتى كان الرجل يخرج بزكاة ماله إلى أطراف العالم الإسلامي فلا يجد من يأخذها، فالمشكلة ليست مشكلة اقتصادية أو عسكرية أو سياسية أو اجتماعية إنما هي مشكلة كفر ومعاصي وذنوب أي مشكلة سماوية والحل ليس في الربا ولا في السياحة ولا في تجارة المحرمات إنما الحل إيماني يتمثل بتقوى الله وطاعته واتباع أوامره واجتناب نواهيه: "وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا"، "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض".
وقد أجمع المؤرخون أن سبب زوال الدول وانهيار الحضارات هي الفواحش والترف واللهو وقد قال الله تعالى: "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا"، والعقوبات والمصائب والكوارث التي تصيب العالم كافة من كوارث وحروب وخسائر مادية وأمراض وعلل لم تكن معروفة وما أصاب المسلمين خاصة من ذل وهوان وتفرق وضعف وفقر واحتلال ما هي إلا بسبب ذنوبهم ومعاصيهم وانحرافهم عن الدين الإسلامي وكارثة سونامي التي ضربت السواحل الأسيوية في ليلة الكرسمس والتي تحولت بعد هرب السياح من الغرب بسبب الإيدز والبرودة إلى ما خور كبير فهذا الزلزال أو الطوفان الذي قتل مئات الآلاف من البشر ودمر الآف المباني وقدرت الخسائر بمليارات الدولارات لم يكن إلا عقوبة إلهية وعذاب رباني مصداق لقول الله تعالى: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون.." والفساد وإن كان داخل فيه الفساد العقائدي والأخلاقي إلا أن المقصود به الأول هنا هو الهلاك والعذاب بدليل مجيء قول الله تعالى: "بما كسبت أيدي الناس"، أي انحرافهم وذنوبهم ومعاصيهم بعدها، ولا يقول أحد إن ما يصيب هؤلاء كوارث طبيعية ويرجع الأسباب إلى مسبباتها دون أن يربطها بالله فما نزلت مصيبة إلا بذنب ولا رفعت إلا بتوبة قال تعالى: "مما خطيئتهم اغرقوا فادخلوا نارا.." والله خالق السبب والمسبب، ولا يقول أحد أن الذي يحصل قضاء وقدر من الله وليس عقوبة أو عذاب من الله بسبب الناس فإن الله تعالى يقول: "أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم.."، وقال تعالى: "فلما نسوا حظاً مما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون"، ولا يقولن أحد إننا لم نبلغ مبلغهم أو نصير مثلهم أو أننا مسلمون فإن الله تعالى يقول: "فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود، ويقول : "وما هي من الظالمين ببعيد"، والمسلمون أولى بالعقاب والعذاب لأنهم ورثوا الكتاب وأخذوا الدين وعرفوا الحق وقد ورد في الأثر أن الله أراد هلاك قرية فقال الملك: إن فيها فلاناً صالحاً قال: به فابدء وقد أحسن من قال:
وعالم بعلمه لم يعملن
معذب من قبل عباد الوثن
ومن بغير علم يعمل
أعماله مردودة لا تقبل
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما أسكر كثيره فقليله حرام"، وعن أنس رضي الله عنه قال: إنكم لتعملون أعمالاً هي في أعينكم أدق من الشعرة كنا نعدها على عهد رسول الله من الموبقات أو من الكبائر، ولفتة لطيفة تقول إننا لن نستطيع أن ننافس في سياحة المحرمات لا في جمال الأجساد ولا جودة المشروبات ولن تكفي عائداتهما في تغطية نفقاتهما وآثارهما السلبية من أمراض اقترن بهما الإيدز والزهري والسيلان وغيرها المرتبطة بالممارسة الجنسية المحرمة أو السرطان والربو والحوادث المرتبطة بالسكر فضلاً عن أن الشبق الجنسي والميل إلى الجنس الآخر لم يعودا موجودين إلا عندنا لحكمة يعلمها الله وأمراً يريد تهيئته حتى تمكين هذه الأمة وتكثيرها كما في الحديث: "تزوجوا الودود الولود فإني مباهٍ أو مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" بينما يعاني العالم الغربي من برود جنسي وعزوف عن الزواج والتناسل والميل إلى الشذوذ والزواج المثلي وقد ذكر مصطفى محمود في كتابه "حكاية مسافر" أنه حضر في لندن محاضرة عن الجنس لشاب سوداني فقال المحاضر: أنا أرى الرجل والمرأة معلقة يد فلان الفرقة وبعد خمس دقائق قد خرجوا فسأل وكم تستمر العملية عندكم؟ قال: ثلاث ساعات فضجت النساء اللاتي في القاعة بالتصفيق، والعالم يتجه للتحذير من المحرمات لا سيما الجنس والمسكرات.