بقلو/ ممدوح طه
في كل يوم بل في كل ساعة، تثبت تركيا بالمواقف الحرة الشجاعة لشعبها العظيم للعالم الغربي وللعالم العربي أنها دولة إقليمية كبرى ومحترمة في هذا الشرق العربي الإسلامي لا يمكن تجاهلها.
وبالسلوك الشجاع والمحترَم لزعمائها الكبار المحترمين لأنفسهم والمعبرين عن إرادة غالبية شعبهم ولمكانة ومكان وكرامة بلادهم التاريخية المستند على المبادئ قبل المصالح، تفرض على العالم العربي والغربي معا احترامها وحساب حسابها بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع سياساتها.
ولأن شعوب أمتنا في غالبيتها العظمى لا تخشى إلا الله، ومن لا يخشى إلا الله لا يخشى الناس، ومن لا يخشى الناس في الحق يتسم بالشجاعة ويحظى بالاحترام، فغالبا مالا تجتمع إرادة الأمة إلا على نصرة الحق ونصرة المظلوم ومواجهة الظالم، ولا يمكن أن تجتمع إرادتها على التواطؤ مع باطل، ولهذا بقيت أمتنا العربية والإسلامية أمة محترمة بشعوبها المحترمة وبقياداتها المحترمة التي اختارتها شعوبها بإرادة حرة والتي تحترم الإرادة الحرة لشعوبها.
من هنا لم يكن مستغربا من زعماء تركيا المحترمين تحت مظلة «العدالة والتنمية» الذين أولاهم الشعب التركي ثقته الكبرى مرتين في انتخابات حرة وشرسة باحترامه لقيمه الإسلامية العظيمة وباعتزازه بتاريخ بلادهم المجيد، تلك المواقف الحرة المحترمة العادلة والشجاعة، التي سجلوها يوما بيوم رفضا للعدوان الصهيوني على الشعب العربي الفلسطيني، ومن قبل رفضا للعدوان الأميركي على الشعب العربي العراقي، انتصارا للحق ورفضا للباطل ومواجهة للظلم ونصرة للمظلوم.
كما لم يكن مستغربا من الشعب التركي العظيم خروجه بالملايين في سائر المدن التركية تضامنا مع الشعب الفلسطيني البطل في مواجهة العدوان الصهيوني الإجرامي انتصاراً للحق ومواجهة للباطل، ورفضا للظلم وانتصارا للمظلوم.
ولخروج عشرات الآلاف من أحفاد الدولة العثمانية، التي رفض سلطانها «عبد الحميد» تسليم فلسطين للصهاينة رغم إغراء المال اليهودي وإرهاب السيف الأوروبي، إلى مطار «استامبول» عاصمة الخلافة العثمانية لاستقبال زعيمهم المحترم «رجب طيب أردوغان» استقبال الأبطال، بعد رده الشجاع على أكاذيب مجرم الحرب «شمعون بيريز» بما يستحق.
فالبطل طبقا لتعريف فلاسفة التاريخ، هو من يعبر بشجاعة في الحق عن إرادة شعبه، وهو من ينازل بشجاعة قوة الباطل بقوة الحق انتصارا للمبادئ قبل الحساب الضيق للمصالح، وبغض النظر عن المكاسب أو الخسائر، إذ إن ذلك الطراز الحر من الرجال الأبطال أصحاب الهامات العالية والرؤوس المرتفعة هم الذين يرددون أمام أنفسهم دوما تلك القاعدة الذهبية القائلة «ماذا يجديني أن أخسر نفسي وأكسب العالم كله»!
وموقف أردوغان حظي بتأييد شعبي كبير حيث أظهرت استطلاعات الرأي تأييد 98% من الأتراك، ولو أجريت استطلاعات عربية لحظي بنفس النسبة لموقف تركيا المحترم. فمن يحترم إرادة شعبه يحترم بلده ويحترم نفسه، ومن يحترم نفسه يفرض على الآخرين احترامه، ومن لا يحترم نفسه يدعو الآخرين إلى تجاهله، ومن يعرف «أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين» يعرف معنى العزة والكرامة ويعرف طريق الشجاعة، لكن.. «من يهن يسهل الهوان عليه، ما لجرح بميت إيلام»!!<