عصام المطري
يعيش الوطن العربي والإسلامي الكبير مسغبة حقيقية في جميع مجالات الحياة المتعددة والمتنوعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والأمنية والعسكرية والتربوية والتعليمية والإعلامية على نحو أفقد معه العيش الكريم الهادئ للأمصار والأقطار الإسلامية والعربية، فالخلافات العربية العربية هي من تحكم الراهن العربي في هذه الأثناء، ونحمد الله سبحانه وتعالى من تصفية الخلافات بين كل من السعودية وسوريا وقطر ومصر في اتجاه إعادة اللحمة للوطن العربي الكبير، فنحن أمة الإسلام يجب أن نقوي من عزائم الارتباط فيما بيننا ونصنع مجتمعاً موحداً لإنجاز المشروع القومي النهضوي في ضمان حق العيش الهادئ والأمن للمواطن العربي في مختلف الأقطار والأمصار الإسلامية والعربية.
ولقد كانت مأساة غزة مقدمة حتمية للمصالحة العربية العربية حيث تمكن العرب من استشعار المسؤولية، ووقوفهم أمام مطالب الشعب العربي الكبير الذي جاب بالمظاهرات والمسيرات عواصم الأقطار الإسلامية والعربية مندداً بالصمت الرسمي المطبق مطالباً القيادات والزعامات العربية من اتخاذ مواقف محددة وواضحة، فكانت القيادات والزعامات العربية عند مستوى الفعل العربي الشعبي والجماهيري، فانقشاع غمة الخلافات السياسية بين بعض الأقطار والأمصار العربية سيمكن من اتخاذ مواقف طيبة وإيجابية إزاء الأمة العربية، وهو كما يقولون رب ضارةٍ نافعة، فلقد أيقظت مأساة غزة الحكام العرب الذين وقفوا متفرجين إزاء المذبحة والمجزرة من شذاذ الآفاق والعصابات الصهيونية لقاء انقسام الصف العربي واهتراء الفعل العربي والعمل العربي المشترك.
ونتمنى أن نتجاوز الخلافات الفلسطينية وتعود اللحمة بين جميع فصائل المقاومة الفلسطينية، فكم نتمنى أن تتحد حركة حماس وحركة فتح، وتنهض لتحمل المسؤولية الجسيمة في بناء وإعمار ما هدمته الحرب الشرسة وليكن مرجعهما عند الاختلاف كتاب الله وسنة رسوله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم الذي ما ترك شاردة أو واردة إلا وقال فيها قوله الفصل والله المستعان.
إن المهانة العربية قد بلغت حداً لا يطاق، فالدم العربي المسلم لا يمكن له، فهذه المجزرة والمحرقة في الأراضي العربية والإسلامية في فلسطين المقدسة أرض الإسراء والمعراج يرخص فيها الدم العربي المسلم، فكم من شهداء؟ وكم من جرحى؟ وأعلن الكيان الصهيوني عن وقفه لإطلاق النار وسحب قواته المتوغلة من قطاع غزة، وكأن الأمر لم يحدث شيئاً، فأين دماء المسلمين العرب؟ كيف ذهبت هباءً منبثا؟ وهل تعامينا عن رد الصاع صاعين وتأديب الولايات المتحدة الأميركية وابنها المدلل الكيان الصهيوني اللعين؟ هل جبنا؟ فما إن أعلن الكيان الصهيوني عن وقف إطلاق النار فرحنا وقلنا "فكه جاءت من مكة" فأين دم سعيد صيام القائد الميداني لحركة حماس ذلك الصنديد الذي لن يترك الدم العربي المسلم يسير هباءً منبثا؟ لقد تعاظمت المهانة العربية وأصبحنا فاقدي الإحساس لا نقدر أي شيء، فمن سيحمي الأطفال والنساء والأرامل؟ ومن سيأخذ على عاتقه الانتقام لأبناء الأمة الإسلامية والعربية.