احمد عمرابي
عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية مدرسة في قطاع غزة تابعة لهيئة الأمم المتحدة شهد حينئذ على الجريمة شاهد من أهلها. . أي من المنظمة الأممية نفسها. الآن وبعد نحو ثلاثة أسابيع من توقف العدوان الإسرائيلي تصدر وكالة دولية أخرى تابعة للمنظمة بياناً رسمياً يبريء إسرائيل. . فماذا نفهم من ذلك؟
لقد راح ضحية حادثة المدرسة 40 فلسطينياً كانوا بين مئات من المدنيين الذين قصدوا مبنى المدرسة بحثاً عن ملجأ آمن من الغارات الإسرائيلية. وكان معهم أحد كبار المسؤولين في وكالة غوث اللاجئين الأونروا التابعة للأمم المتحدة. . ولم يكن متاحاً للقيادة العسكرية أي مبرر أو عذر لأن المدرسة حصانة قانونية، حيث أنها إحدى المؤسسات التابعة لوكالة الغوث.
على الفور على الهواء مباشرة تحدث المسؤول الأممي إلى العالم عبر قنوات تلفزيونية حيث أدان حادثة قصف المدرسة واعتبرها خرقاً للقانون الدولي وجريمة حرب. الآن تتراجع المنظمة الدولية عن موقفها ممثلة في «مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية». فقد أصدر هذا المكتب بياناً قال فيه ان منسق الشؤون الإنسانية «يود ان يوضح أن القصف وعمليات القتل حصلت خارج المدرسة وليس داخلها»! إذا كان الأمر كذلك. . كيف يمكن إذن تفسير حقيقة ان العشرات من جثث الضحايا وجدت في غرف المدرسة وفنائها وليس خارج المبنى؟
هذا السؤال لا يتعرض له بيان المسؤول الدولي. وقياساً على مسلك الأمين العام للأمم المتحدة أثناء العدوان الإسرائيلي وبعده يبدو الأمر في إجماله موضع ريبة.
بعد توقف إطلاق النار قام بان كي مون بزيارة إلى قطاع غزة قصد عمداً ان تكون خاطفة. فقد انتصر برنامجه السريع المقتضب على تفقد مقار الأمم المتحدة التي تعرضت للقصف متجاهلاً تماماً عائلات مئات الآلوف من المدنيين الفلسطينيين المقيمين في العراء بعد ان سوت الهجمات الإسرائيلية منازلهم بالأرض لم يتحدث الأمين العام مع أي من هؤلاء.
وغني عن القول إنه تحاشى أيضاً الحديث إلى أي أحد من قيادات حكومة «حماس». إن الأمم المتحدة مطالبة وفقاً لميثاقها بإجراء تحقيق رسمي حول ما جرى في قطاع غزة من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية منسوبة إلى القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية وضباطها الميدانيين. لكن لا يبدو أن السيد بان متحمس لذلك.
فقد قبل تعهداً من الحكومة الإسرائيلية بأنها ستجري تحقيقاً بنفسها أي ان يتولى المتهم أمر التحقيق مع نفسه. من الواضح ان هذا الرجل سمح لنفسه بالتجاوب مع الضغوط الأميركية الإسرائيلية. لا عجب إذن ان يحذو حذوه كبار مساعديه. <