شكري عبدالغني الزعيتري
عند انصدام احد النيوترونات الشاذة في الجو بنواته يتحول جزء من كتلة النواة الأصلية إلي طاقة هائلة تعادل ملايين المرات قدر الطاقة المنطلقة من اتحاد ذرة الكربون مع الأكسجين في الاحتراق العادي ويطلق علي هذا التفاعل النووي (بالاحتراق النووي الانشطاري ) . ولكن هذا التفاعل لا يجري من تلقاء نفسه في الوقود النووي إلا بفعل نيوترون شارد إذ يتم تهيئة الظروف لكي يكون التفاعل متسلسلا أي بمجرد أن يبدأ فانه يستمر من تلقاء نفسه وهذا ما يحدث في المفاعلات النووية ولهذا الغرض صنعت المفاعلات النووية حيث يتم تهيئة الظروف لكي يكون التفاعل متسلسلا ولإحداث تصادم احد النيوترونات الشاذة في الجو بنواته لتحويل جزء من كتلة النواة الأصلية إلي طاقة هائلة ... إذ يتم خروج وانقسام نواة اليورانيوم إلي نواتي الباريوم ويمكن تشبيه هذه الانقسام كقطرة من الماء تنقسم إلي قطرتين صغيرتين بشكل تدريجي فتبدءا أولا القطرة بالتطاول ثم يحدث في منتصفها اختناق يبقي يتناقص حتى ينعدم فتنفصل القطرتان الصغيرتان الناجمتان عن القطرة الأصلية . ويساعد هذا الانقسام التنافر الكهربائي القائم بين أجزاء النواة . إذ أن القطرتين المتولدتين تتنافران بقوة شديدة بسبب ما بينهما من تنافر كهربائي (لان كلا منهما تحمل شحنة كهربائية موجبة ) فتخرجان من حادثة الانشطار بطاقة عظيمة ناتجة من أن مجموع كتلتهما اصغر من كتلة نواة اليورانيوم الأصلية المنشطرة وهذا النقص في الكتلة يكافئ وفقا لعلاقة اينشتاين التي تربط الكتلة بالطاقة إذ تنتج من حادثة الانشطار في نصفي النواة المنشطرة طاقة عالية .. وبعد اكتشاف الانشطار انتبه بعض الفيزيائيين بظهور التفاعل المتسلسل بان يحدث خروج نترونات من النواة المنشطرة لتديم الانشطار في نوى أخرى لم تنشطر بعد فتولد هذه بدورها نترونات تشطر نوى جديدة وهكذا بالتتالي في تفاعل متسلسل يتضخم عدد المشاركات فيه من النوي بشكل سريع جدا فتتولد بذلك طاقة عظيمة جدا في زمن قصير جدا أي يحدث انفجار عظيم أعظم من اشد الانفجارات الكيميائية بملايين المرات وهذا الانشطار لا يحدث في اليورانيوم الطبيعي وإنما يحدث في النظير(235) اليورانيوم القابل للانشطار وهو نادر جدا في الطبيعة ولا يحدث في النظير الشائع (238) الذي يتكون منه كل اليورانيوم الطبيعي تقريبا إذ أن النظير (238) يكون عائقا أمام انشطار النظير(235) الأخف قليلا لان النظير (238) يمتص كثيرا من النترونات دون أن ينشطر ويحول بينها وبين أن تولد الانشطار في النظير(235) ولهذا سعى العلماء النوويون إلي فصل النظيرين (235) عن النظير (238) اليورانيوم الطبيعي . وكان من أوائل من درسوا التفاعل المتسلسل الفيزيائي (جوليو كوري) في مخبره وكانت التجارب تتلخص في وضع منبع للنوترونات في مركز برميل مائع قد حل في اليورانيوم وقياس مقادير النترونات داخل المائع من مركزه إلي محيطة وتسمح هذه القياسات بتمييز النترونات الأصلية الصادرة من المنبع من النترونات الثانوية المتولدة من انشطار نوى اليورانيوم الموجودة في المائع فإذا كان عدد النترونات الثانوية المتولدة من الانشطار يساوى عدد النترونات المولدة للانشطار أو أكثر منها كان التفاعل متسلسلا . ولان نواة اليورانيوم تحتوى علي نسبة من النيوترونات تزيد عن النسبة في العنصرين الناتجين عن الانشطار فان هذا الانشطار ينتج عنه بعض النيوترونات المحررة يفرض بعضها نفسه علي الشطرين إلي الحد الذي يشعبها تماما وبذلك تكون كل نواتج الانشطار عبارة عن نظائر مشعة بدرجات مختلفة وتظل بعد ذلك نيوترونات محرره لا تجد لها مكانا وبالحساب وجد العلماء أن أي تفاعل انشطاري لليورانيوم ينتج عنه بالإضافة إلي النظائر المشعة اثنين أو ثلاثة نيوترونات محرره لكل انشطار واحد فإذا كانت الظروف مناسبة كما يحدث في قلب المفاعل النووي تقوم هذه النيوترونات المحررة بإحداث تفاعلين أو ثلاثة تفاعلات انشطارية في انويه مجاورة وبالتالي ينتج عن هذه الانشطارات الجديدة نيوترونات محررة تقوم بعمل مزيد من الانشطارات وهكذا يصبح التفاعل متسلسلاً بل متزايداً وبسرعة كبيرة مع انطلاق طاقة هائلة ... وهذا ما استفاد منه الأمريكيون من حادثة الانشطار لنواة اليوانيوم (235) القابل للانشطار ومن التفاعل المتسلسل لبناء القنبلة الذرية الأولي عام 1940م ... تابع بالعدد القادم غدا الحلقة الثامنة بعنوان( المواد المشعة ).<
Shukri -_alzoatree@yahoo.com