;

بين يدي الرئيس.. الجبهة الداخلية سياج الأوطان 686

2009-02-11 04:39:48

عبدالحافظ ناجي الصناعي

(البيت المنقسم على ذاته لا يستطيع النهوض)

بهذه العبارة خاطب الزعيم الأميركي أبرهام لنكولن شعبه المتعدد الأعراق والأديان والطوائف في قارة هائلة المساحة إثر حرب أهلية طاحنة دامت مائة عام أو يزيد، وأتبع خطابه التاريخي بإصلاحات عظيمة أخرجت للعالم لاحقاً هذه الدولة العظمى التي أضحت تغرز أنيابها ومخالبها في كل بقاع الأرض وتتحكم بمصير الشعوب إلى حد بعيد، فنراها تحيك المؤامرات وتفتعل الأزمات وتشعل الحرائق والنكبات هنا وهناك دون خوف من رادع أو عقاب.

ما كان بمقدور هذه الدولة بلوغ هذا الحد من القوة والتجبر والنفوذ والمضي على هذا النحو "إلا بجبهة داخلية موحدة وقوية" لا وجود فيها للتناحرات والمؤامرات التي تنخر الأوطان من الداخل.

باعتبار الجبهة الداخلية صمام أمان وسياج منيع لأمن واستقرار الأوطان ومصدر نهوضها الحقيقي وبدونها لا تجدي الإمكانات ولا الحماسات نفعاً أمام التحديات العاصفة التي قد تهب دون سابق إنذار.

فبسبب غياب هذه الجبهة الموحدة عن الصف الفلسطيني الذي هو أشد حاجة إليها من غيره أمكن لإسرائيل أن تفعل الأفاعيل والمنكرات بحق إخواننا الفلسطينيين فيما هذا الكيان الغاصب يستند إلى جبهة داخلية أشد تماسكاً ومنعة لم يتعرض خلال "60" عاماً من الصراع لطعنة من الخلف أو بيع للولاء أو تخاذل في المواقف ساعة الشدائد.

> يقول "أحمد الهون" وهو آخر ضباط المخابرات المصرية الذين جندوا لاختراق إسرائيل بمعية المخابراتي الشهير "رأفت الهجان زمن عبدالناصر" وقد قضى سنوات طويلة في تل أبيب يقول:

يصعب عليك فهم حقيقة الشخصية الإسرائيلية غير أني خرجت بنتيجة واحدة مفادها أن "قوة إسرائيل تكمن في جبهتها الداخلية المتماسكة".

وهذا الأمر على أهميته وإستراتيجيته البالغة هو ما تفتقده جميع الدول العربية دون استثناء وما حالة الانفصام الواضحة بين الأنظمة وشعوبها التي تجسدت هذه الأيام بأوضح، وأبلغ الصور إلا دليلاً لا لبس فيه على غياب اللحمة الوطنية والتناغم السياسي بين القمة والقاعدة وعلى هشاشة البناء المؤسسي لهذه الأنظمة بمختلف مسمياتها الفضفاضة "ملكيات وجمهوريات".

> لقد صارت السيناريوهات والمخططات المعادية للأمة أكثر انكشافاً وانفضاحاً من أي وقت مضى بفضل الجانب الإيجابي للإعلام الحر وبفضل اليد الضاربة للمقاومة في أكثر من موقع والتي أفشلت الكثير من الحسابات والرهانات لتؤكد مجدداً أن أمتنا لم تزل نابضة بالحياة وعصية على التركيع والخنوع مهما تكالبت عليها الوحوش الكاسرة.

> واليمن ليست بمنأى عن تلك المخططات طويلة المدى حيث من السهل أن تجد لها أرضية خصبة وأيادٍ محلية رخيصة الثمن لتنفيذها فضلاً عن أن اليمن بليت بجيران أكثر سوءاً من الأجنبي السعي الحثيث لإضعاف اليمن في جدول أولوياتهم.

> وبناءً على ما تقدم نضع هذا السؤال: كيف يا ترى حال جبهتنا الداخلية أمام التحديات المحتملة؟ يأتي الجواب بمنتهى البساطة والأريحية "إن البلد الذي يكون فيه الفساد سيد الموقف" تكون جبهته الداخلية أضعف ما تكون عليه الجبهات ذلك لأن الفساد وحده كفيل بانتزاع الولاء الوطني من القلوب وتقطيع أواصر العلاقات المجتمعية التي منها ينبثق السلم والتطور والتوحد الاجتماعي.

فما هو الوطن إن لم يكن حياة كريمة وأحلام ممكنة التحقيق؟ ما هو الوطن إن لم يكن الناس فيه سواسية أمام القانون؟ ما قيمة الوطن ما لم يذوقوا فيه لذة العيش ويأمنوا تقلبات الدهر وعاديات الأيام؟

> ففي ظل فساد كهذا الذي ينخر عظام الوطن بلا رحمة أو توقف يبقى الحديث عن "يمن جديد ومستقبل أفضل" ضرباً من العبث اللا أخلاقي وفسقاً سياسياً يقود إلى خراب محقق لا ينجو منه "حاكم ومحكوم".

الصفقة الراجحة

هناك قناعة أكيدة بأن محاكمة الفساد في اليمن من الأماني المستحيلة بعد كل هذا العمر المديد والتغذية المستمرة له لذا فالناس أكثر واقعية وتواضعاً في أمانيهم "من أين لك هذا؟" معيار لم يعد بالإمكان تفعيله وسط بحر من الفساد. . الممكن هو "وقف الفساد عند هذه الحدود" من أجل سلامة السفينة التي يبحر على متنها الجميع وهذا ما يجب أن يشتغل عليه رئيس الجمهورية بلا هوادة إن أراد وطن محصن أمام العواصف والتحديات بدلاً من سياسة الترقيع والتسويف أو بعثرة الجهود فيما لا يسمن ولا يغني من جوع.

سيما وأن مراكز القوى والفساد قد رأت من المتغيرات والمستجدات العالمية على المستويين "السياسي والمالي" ما يجعلها تستشعر أهمية الاحتماء بالوطن والوقوف في صفه أو هكذا يفترض بها "وعز القبيلي بلاده. . " فتلك البنوك والشركات الأجنبية لم تعد الملاذ الآمن لما يتم نهبه من أموال الشعب كما أن الاستعانة بالأجنبي لحل مشاكل الداخل هو الشر المستطير الذي سيلهب الجميع.

إنها إذاً فرصة ذهبية مؤاتية أمام مراكز الفساد لإبرام صفقة رابحة مع الوطن وفتح صفحة جديدة من التعاطي الإنساني السوي بعد طول استنزاف لخيراته.

> إلجام الفساد عند هذا الحد هو الإنجاز الأهم والأكبر الذي ستنبني عليه أمور كثيرة تنعش الوطن وتعيد الاعتبار لمواطنيه حينها فقط يمكن الإنتشاء والتغني بثقة وتماهي مع شاعرنا العظيم وهو يحتفي:

مات في أنفسنا

معنى الضياع

وتساوى قدرنا

في الارتفاع. <

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد