شهاب الدين المحمدي
يتعرض فضيلة القاضي العلامة/ حمود بن عبدالحميد الهتار وزير الأوقاف والإرشاد في هذه الأيام لحملة ظالمة شعواء يتولى كبرها بعض الأفاكين من كتاب وأقلام مأجورة ومغمورة تمارس في كتابتها الابتزاز بأبشع أشكاله وصوره وألوانه علماً بأن هذه الكتابات مليئة ومحشوة بالأكاذيب والأراجيف والإفتراءات والمغالطات وتكتب في صحف العمالة والإرتزاق في الصحف الصفراء التي يعيش أصحابها كالطفيليات والديدان في المياه الراكدة والآسنة. وينطبق على وزير الأوقاف قول القائل: السلامة من كلام الناس عزيزة المنال وإن شئت فقل: هي ضرب من المُحال وخصوصاً إذا كان المرء ممن يتصدر ويقوم بجلائل الأعمال.
قال أبن حزم رحمه الله في كتابه الأخلاق والسير في مداوات النفوس ، من قدر أن يسلم من طعن الناس وعيبهم فهو مجنون.
ووزير الأوقاف والإرشاد يقوم بما تقتضيه الحكمة من استفراغ الجهد وتحري الصواب ومداراة الناس ونحو ذلك ثم ناله ما ناله من الطعن والقدح والنقد الظالم فأعرض عن ذلك كله ومضى فيما هو بصدده من الأعمال التي ترضي الله وتنفع الناس مستشعراً أن كلام هؤلاء المرتزقة لا يضره إلا إذا اشتغل به، مستحضراً بأن النقد الظالم إنما هو اعتراف ضمني بقدرته وعلو كعبه فذلك دليل كبر النفس وسعة الصدر وبعد الهمة وحسن التدبر للعواقب.
ولا بأس هنا أن نورد نصيحة الشيخ/ طاهر الجزائري لتلميذه/ محمد كرد علي حيث قال له: إذا أحببت النجاح في هذا البلد فلا تلق بأذنك لما يقال فيك من خير وشر وارم ببصرك فقط إلى الهدف الذي يعنيك الوصول إليه مستحضراً قول القائل:
ولقد أمر على السفيه يسبني
فأقول ثمة هذا لا يعنيني
ولا تلتفت ذات اليمين ولا ذات الشمال، وإذا وضع لك واضع حجراً في طريقك فتنح عنه وعد إلى سلوك محجتك.
قال الأستاذ: محمد كرد علي: تقبلت هذه النصيحة وما عبئت بعدها بسماع أقوال المثبطين ولا بمصانعة المداحين وعرفت مع الزمن أن أصوات أهل هذه الفئة تضيع في الهواء كالهباء وأنهم كسالى لا يعملون ويشق عليهم أن يروا أحداً يعمل وكثير من الأقلام المأجورة يكتبون للشغب والكشف عن المساوئ والظهور على الأقران وكل صعلوك مغمور يحاول في العادة أن يشتهر بالنيل من هم أفضل منه وما أفلح من ساروا على هذه الطريقة ودخلوا في الاعتراض.
وصدق من قال: الثرثارون الطعانون يقضون أعمارهم في حسرة ولا يأتون ما ينفعون به أنفسهم ولا غيرهم.
وأخيراً لا ريب أن ؟؟؟ في الحكم ليس من مسلك العقلاء الباحثين عن الحقيقة الذين يبنون أحكامهم على دراسة متأنية ونظرة ثاقبة وشاملة وعدل وإنصاف بعيداً عن العجلة والمجازفة وغلبة الهوى قال الله جل وعلا: "وإذا قلتم فاعدلوا".
وقال: "ولا يجرمنكم شنآن قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى".
قال ابن حزم رحمه الله: وجدت أفضل نعم الله تعالى على المرء أن يطبعه على العدل وحبه وعلى الحق وإيثاره، وأما من طبع على الجور واستسماله وعلى الظلم واستخفافه فلييأس من أن يصلح نفسه وأن يقوم طباعه أبداً وليعلم أنه لا يفلح في دين ولا خلق محمود.<