بقلم :ممدوح طه
ليس أدل على وحدة المقاومين المسيحيين والمسلمين العرب من وقوف سماحة الكاردينال « كابوتشي» مطران «القدس» المناضل مع علماء مسلمين ضمن المناضلين العرب لكسر الحصار على الشعب الفلسطيني في مقدمة سفينة «الأخوة» اللبنانية التي مارست عليها قوات الاحتلال المحاصرة لغزة جريمة القرصنة والبلطجة قبالة شواطئ غزة الفلسطينية.
كما ليس أدل على وحدة المسلمين السنيين والشيعيين المقاومين ضد الاحتلال والعدوان على لبنان وفلسطين من الإعلان الشجاع لعالم بارز من علماء المسلمين المصريين هو فضيلة الدكتور علي جمعة مفتى الديار المصرية بأنه « لا فرق بين مسلم سني ومسلم شيعي، وأن من يسعى لتدمير العلاقات بين السنة والشيعة يخدم أعداء المسلمين، وأن العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة بمذابحه الوحشية هو إبادة جماعية وهولوكوست صهيونية وجرائم ضد الإنسانية لا تقرها الشرائع السماوية ولا القوانين الأممية».
وإذا كان ما هو إنساني أوسع بالقطع مما هو ديني أو قومي أو سياسي، بدليل توقيع كل دول العالم على ميثاق أممي واحد وعلى إعلان إنساني واحد لحقوق الإنسان، واتفاقهم على قانون دولي واحد يجرم العدوان، والاحتلال أو المشاركة فيه، ويجعل المقاومة الشعبية الوطنية، بكل الوسائل، ضد الاحتلال والعدوان واجبا وطنيا مشروعا..
وعلى قانون إنساني واحد يجرم ارتكاب جرائم الحرب والحصار والعنصرية وكل أشكال الإرهاب والإجرام ضد المواطنين المدنيين، أو المشاركة فيه، ويحرم الطرد أو التجويع أو الإيذاء المادي أو المعنوي أو انتهاك الكرامة أو الحقوق الإنسانية في المناطق المحتلة، وتعتبرها جرائم ضد الإنسانية كلها تستحق الإدانة والملاحقة والمحاكمة الدولية.
و إذا كان ما يجمع بين المؤمنين بالرسالات السماوية من القيم السماوية المشتركة أكثر مما يفرقهم، لأن مصدر الرسالات السماوية واحد وقيمها العليا واحدة وإن اختلفت شرائعها وشكل عباداتها، بدليل أنه لا يوجد دين سماوي صحيح واحد لا يحض على صناعة الخير ومقاومة الشر، أو يجيز الظلم أو العدوان أو الاغتصاب، بل يدعونا الإسلام لدعوة أهل الكتاب إلى كلمة سواء بيننا وبينهم ألا نعبد إلا الله الأموال.
فمن البديهي أن ما يوحد المسلمين على اختلاف قومياتهم وألوانهم ومذاهبهم، الذين يوحدهم الإله الواحد والكتاب الواحد والنبي الواحد والصلاة الجامعة الموحدة باتجاه القبلة الواحدة، أكبر بكثير مما يفرق صفوفهم ويبعدهم عن قبلتهم الواحدة سواء كانت في «القدس الشريف» أو في «مكة المكرمة»، بلا فضل لعربي على عجمي، ولا بين مسلم سني ومسلم شيعي إلا بالتقوى والعمل لنصرة الحق على الباطل والعدل على الظلم والدفاع عن أوطان ومقدسات المسلمين.
ولا يخفى على أحد أن الورقة الطائفية والورقة المذهبية والورقة العرقية بعد تفكك الدولة الإسلامية، ظلت في يد الاستعمار الصليبي والصهيوني هي الورقات الثلاث التي لعب بها لعبته الشريرة لتمزيق الأمة الإسلامية وتقسيم الأمة العربية، وإشعال الحروب الأهلية في الأوطان العربية، وكانت الورقة الطائفية والورقة المذهبية هي الأكثر خطرا على وحدة الشعوب العربية والإسلامية في وجه الأطماع الاستعمارية والصهيونية..
لكن الوعي الديني والقومي والوطني للعلماء العقلاء الشجعان في المسجد والكنيسة في فلسطين ولبنان والعراق وفى مصر والسودان كثيرا ما أحرق الورقة الطائفية في أيدي الأعداء، كما وحدت المقاومة العربية الإسلامية السنية في فلسطين، والشيعية في لبنان، والسنية والشيعية في العراق، كل المقاومين ضد الاحتلال والعدوان والظلم والحصار، فأحرقت الورقة المذهبية أيضا في أيدي المعتدى الصهيوني والأميركي.<