بقلم :ممدوح طه
بينما يتابع السياسيون في العالم العربي بقلق ما يمكن أن تسفر عنه نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي تبدأ اليوم، في ظل ما تشير إليه حمى التطرف السياسي في المزاد الانتخابي لدى قادة الأحزاب الإسرائيلية المتنافسة بضراوة للفوز بالحكم إلى الحد الذي تكاد تتلاشى فيه الألوان والمواقف والمواقع بين ممثلي من يصنفون باليسار والوسط واليمين ليصبحوا بالمزايدة على القوة كلهم يمين يوصفون، أو ممثلي من يوصفون بالمعتدلين والمعتلين والمتطرفين ليصبحوا كلهم متطرفين مع تراجع الكلام عن عمليات المفاوضات والمبادرات والسلام وغلبة شعارات القوة والضرب والحرب. . ضرب الفلسطينيين والعرب المنقسمين طبعا!
ومع ما تشير إليه استطلاعات الرأي الإسرائيلية من تحول النسبة الأكبر من الرأي العام الإسرائيلي نحو أحزاب اليمين المتطرف ممثلا في حزب الليكود برئاسة «نتانياهو» خصما من حساب أحزاب الوسط واليسار ممثلة في حزب «كاديما» الذي يوصف بالوسط بزعامة شارون الذي غاب بسبب المرض ثم أولمرت الذى سقط بتهم الفساد وبرئاسة «ليفنى» وزيرة الخارجية التي صعدت لخلافته.
وفي حزب «العمل» الذي يصنف بيسار الوسط برئاسة «الجنرال باراك» وزير الحرب والذي تراجع لأول مرة في تاريخه إلى المركز الرابع، ونمو نسبة اليمين المتطرف جدا ممثلا في حزب «إسرائيل بيتنا» برئاسة «ليبرمان» خصما من حساب أحزاب اليمين الأخرى وفي مقدمتهم «الليكود».
يبدو من الأرجح أن الحكومة الصهيونية المقبلة في كل الأحوال ستكون إما حكومة ائتلافية بين أحد الحزبين الكبيرين كاديما أو الليكود مع أحزاب صغيرة، أو حكومة وحدة وطنية بين الأحزاب الرئيسية الثلاثة كاديما والليكود والعمل مع مايقبل أن ينضم إلى برنامجها من الأحزاب الصغيرة الأخرى. .
لكن السؤال هو ما إذا كان نتانياهو هو الذي سيتمكن من تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسته إذا ما تقدم حزبه الليكود، أم ليفني إذا ما تقدم حزبها، وهي التي فشلت من قبل- بعد سقوط أولمرت في فضيحة الفساد- بتشكيل حكومة ائتلافية لإنقاذ حزب كاديما من دخول انتخابات مبكرة تهدد بتراجعه أمام الليكود. حيث أن أحد الأحزاب الرئيسية الثلاثة كاديما أو الليكود أو العمل لن يتمكن من تحقيق الفوز بالواحد والستين مقعدا برلمانيا من بين المئة وعشرين مقعدا، وهو ما يحرم أي من أحزاب اليمين أو الوسط أو اليسار من الانفراد بتشكيل الحكومة المقبلة.
وبالتالي فعلى الأرجح أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية سوف تسفر عن عدد مقاعد أكثر لكل من الليكود، وإسرائيل بيتنا، وعدد مقاعد أقل لكاديما وشاس الديني وميرتس اليساري والأحزاب العربية التي يتوقع حصولها بعشرة مقاعد.
وفيما قالت تسيبي ليفني «إن كاديما يمثل الوسط، ويمكنني تشكيل حكومة تضم اليمين واليسار في حين أن نتانياهو تمكن من تشكيل الحكومة فسيكون بالضرورة رئيس حكومة متطرفة» وهذا سيقوي بالطبع من زيادة ارتباطها باليمين الليكودي الصاعد. . قال نتانياهو انه يفضل تشكيل حكومة وحدة وطنية بقيادته، تضم حزبي العمل وكاديما، وهذا سيمكنه من فك ارتباطه باليمين الليبرماني المتطرف.
والواقع أنه بعد العدوان الهمجي لحكومة الوسط الصهيونية فلا فرق بين وسط ويمين وبين يمين ويمين متطرف فكلهم عنصريون متطرفون. والأهم الآن قبل أن نواجه أعداءنا الصهاينة بالتجريح هو أن نواجه أنفسنا كعرب وكفلسطينيين بالتصحيح ، من الانقسام إلى الوحدة ومن الضعف إلى القوة ومن أوهام السلام إلى الاستعداد لمواجهة دعاة اللاسلام.