محمد مرشد الإدريسي
بعض النساء يلمن الأزواج وسوء تصرفه معهن ولا ينظرن إلى أنفسهن قبل الحكم على أولئك الأزواج أو الرجال، ولا يمكن أن يتصرف الزوج معها بما يسوءها إذا هي التزمت بآداب العشرة مع الزوج كما روي أن أسماء بنت خارجة الفزاري قالت لابنتها عند التزويج: إنك خرجت من العش الذي فيه درجت فصرت إلى فراش لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فكوني له أرضاً يكون لك سماء، وكوني له مهاداً يكون لك عماداً، وكوني له أمة يكون لك عبداً، لا تلحي به فيقليك ولا تباعدي عنه فينساك إن دنا منك فاقربي منه، وإن نأى فابعدي عنه، واحفظي أنفه وسمعه وعينه، فلا يشم منك إلا طيباً، ولا يسمع إلا حسناً، ولا ينظر إلا جميلاً، وقال رجل لزوجته:
خذي العفو مني تستديمي مودتي ... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
ولا تنقريني نقرك الدف مرة ... فإنك لا تدري كيف المغيب
ولا تكثري الشكوى فتذهب بالهوى ... ويأباك قلبي والقلوب تقلب
فإني رأيت الحب في القلب والأذى ... إذا اجتمعنا لم يلبث الحب يذهب
فالقول الجامع في آداب المرأة من غير تطويل: أن تكون قاعدة في قعر بيتها لازمة لمغزلها، لا يكثر صعودها وإطلاعها، قليلة الكلام لجيرانها، لا تدخل عليهم إلا في حال يوجب الدخول، تحفظ بعلها في غيبته، وتطلب مسرته في جميع أمورها، ولا تخونه في نفسها وماله، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن خرجت بإذنه فمختفية في هيئة رثة، تطلب المواضع الخالية دون الشوارع والأسواق، محترزة من أن يسمع غريب صوتها أو يعرفها بشخصها، لا تتعرف إلى صديق بعلها في حاجتها، بل تتنكر على من تظن أنه يعرفها أو تعرفه، همها صلاح شأنها وتدبير بيتها مقبلة على صلاتها وصيامها، وإذا استأذن صديق لبعلها على الباب وليس البعل حاضراً لم تستفهم ولم تعاوده في الكلام غيرة على نفسها وبعلها، وتكون قانعةً من زوجها بما رزق الله، وتقدم حقه على حق نفسها وحق سائر أقاربها، متنظفة في نفسها مستعدة في الأحوال كلها للتمتع بها إن شاء، مشفقة على أولادها، حافظة للستر عليهم قصيرة اللسان عن سب الأولاد ومراجعة الزوج.
وكما قيل:
وكيف الصبر عمن حل مني ... بمنزلة اليمين من الشمال
إذا لعب الرجال بكل شيء ... رأيت الحب يلعب بالرجال
وأيضاً لا تتصرف في أمر من الأمور إلا بعد مشاورة زوجها أو أقرب الناس لها لأنها ناقصة عقل ودين بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن"، ثم لتعلم أنها مسؤولة أمام الله عن العشرة بينها وبين زوجها فإن أحسنت جازاها الله إحساناً وإن هي أساءت فالجزاء النار بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء"، بسبب كفرانهن للعشير أي لو أحسن إليها الدهر ثم رأت منه شراً قالت ما رأيت منك خيراً قط، ولو لم يكن من حق الرجل على المرأة إلا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لما له من الحق عليها"، وأيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: "لو تفجر وجه الرجل قيحاًَ وصديداً ثم لعقته المرأة بلسانها حتى تنظفه ما أعطت عشر معشار حقه" من كتاب "الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين" للعلامة الوادعي، ونسأل الله أن يصلح حال المسلمين والحمد لله رب العالمين.