شكري عبدالغني الزعيتري
الإشعاع هو عبارة عن طاقة أو حرارة تنبعث من داخل المادة المشعة شبيهة بالضوء غير المرئي وغير المحسوس وله تأثير ضار علي جزئيات الهواء والأجسام الحية ويتوقف هذا الضرر علي كمية ونوعية المادة المشعة وبعدها عن الجسم وخاصة المواد المشعة المصنعة. . . والنشاط الإشعاعي هو ناتج من تفكك ذرات بعض العناصر وانقلابها إلي عناصر أخري. فالإشعاع هو التكشف العام لصور تحرر الطاقة والمادة من ذرات المادة وفي الوقت الذي لا تحمل به الأمواج الضوئية والحرارية والمايكروية طاقة كافية لإثارة الذرات حتى التشرد (أي تغيير اعتدال الذرات ) فان مصادر إشعاعية أخري مثل أشعة (غاما) وأشعة وجسيمات (ألفا وبيتا ) التي تملك سويات طاقية مرتفعة كافية تكون قادرة علي صنع التشرد. . . . و بافتراض عزيزي القاري انك قد قراءت ( الحلقات الثمان السابقة) وتكونت لديك معرفة بمكونات الذرة (أي النواة والالكترونات الدائرة حولها ) نواصل الكتابة بالقول بان بنية النواة تنطوي علي نوعين رئيسيين من الجسيمات هما النترونات معتدلة الشحنة والبروتونات موجبة الشحنة (وتكافئ قدرا لشحنة الالكترونات ) ونظرا لتكافؤ عدد البروتونات والالكترونات في الذرة تحظي باعتدالها الكهربائي. وفي حال حدوث تغيير في هذا التوازن الكهربائي يختل اعتدال الذرة وتصاب (بالتشرد أو التأيين ). وتملك عناصر مادية معينة أعدادا متغايرة من النترونات (في العنصر الواحد) لتشكل ما يعرف بنظائر العنصر. وحيث أن البروتونات تسعي إلي تنافرها نتيجة حملها شحنا متمائله ولكن القوى النووية الشديدة والوجود النتروني يعملان علي معاكسة ذلك ومنع تماسك وجود النواة وانه يمكن لبعض الذرات احتواء عدد كبيرا أو صغير من النترونات إزاء صنع توازن النواة فعندها تصبح هذه الذرات نظائر مشعة وتسعي إلي حال استقرار لها عبر آلية ( التفكك الإشعاعي ) وخلال هذه المرحلة تطلق النواة إشعاعات موجبة (مثل أشعة غاما ) وجسيميه (مثل جسيمات ألفا وبيتا ). ونوضح هذه الإشعاعات بالتالي : ( 1) الجسيمات ألفا : عندما تقوم النواة بقذف بروتونين و نترونين فيؤدي ذلك إلي خفض في كتلتها وتتحول إلي نواة عنصر جديد وتعرف القذائف الايجابية المنطلقة عن هذه النواة بالجسيمات ( ألفا ) وتكون هذه الجسيمات عاجزة عن اختراق قصاصة ورق أو جلد الإنسان نتيجة بطء سرعتها. وتصبح خطرة إذا ما جري ابتلاعها أو استنشاقها. (2) النترونات : تنطلق عادة عبر التفاعل المتسلسل الانشطاري أو بطرق أخري حيث تصدر بأعداد كبيرة وبتوزيعات سرعية مختلفة وتكون النترونات السريعة قادرة علي اختراق البنى الحية لتفعل فيها كما تفعل القذائف (أساس القنبلة النيترونية ). (3) الجسيمات بيتا : إذا ما تسنى لنترون أن يصبح بروتونا عبر إصداره إلكترونا فان الإلكترون المتحرر يسمي (بيتا ) كما يمكن للبروتون أن يتحول إلي نترون بإصدار بوزيتون ( وهو جسيم موجب الشحنة يمكنه الانضمام إلي إلكترون ليشكلا معا أشعة (غاما ) ويمكن للجسيم بيتا المنطلق بسرع قريبة من سرعة الضوء أن يخترق بضعة ملمترات من النسج النباتية والحيوانية وتصبح هذه الجسيمات ضارة أكثر إذا ما تم ابتلاع مصادرها في الجسم. (4) أشعة غاما : وهي تمتلك طاقة عالية تمكنها من اختراق المادة الغليظة كالجدران المنزلية وسبائك الرصاص وبناء علي ذلك فهي تقوم باختراق جسم الإنسان والنباتات والحيوانات وتدمير أنسجتها بكل سهولة. (5) أشعة اكس : وهي إشعاع كهرومغناطيسي يماثل إشعاع غاما ولكن يقل عنه مقدرة طاقية ولو أنهما يتماثلا في صنع أفعالهما ضمن عملية التشرد (التأيين) وفي أنسجة الأجسام الحية بخاصة. . . والخامات النووية يقصد بها خامات عنصري اليورانيوم والثوريوم ومعرفة المستويات الإشعاعية لبيئة أو محيط عمل لابد من معرفة أنواع الإشعاعات المنبعثة والجوانب الفيزيائية لها فمثلا : غاز الرادون ووليداته (222) بنشاء في جو مناجم اليورانيوم عن طريق التسرب المستمر من خلال مسار وفراغات الصخور وعن طريق الذوبان في الماء ثم خروجه عند وصول الماء إلي فراغ المنجم. والعنصر المشع الأم لغاز الرادون هو عنصر الراديوم (226) الذي يقع في سلسلة تحلل اليورانيوم (238). ويتحلل غاز الراديون عن طريق انبعاث جسيم ألفا ليعطي نظير البولونيوم(218) الذي يتحلل بانبعاث جسيم الفاء ويعطي الرصاص (214) الذي يتحلل بانبعاث جسيم بيتا ويعطي البزموث (214) الذي يتحلل بانبعاث جسيم بيتا ويعطي البولونيوم(214) الذي يتحلل بانبعاث جسيم ألفا. وتعتبر هذه النويدات المشعة الأربعة الوليدات قصيرة العمر بالنسبة لغاز الراديون وتتكون جميعها في خلال خمسون دقيقة من وقت نشأت غاز الرادون وتنتهي السلسلة كاملة بعد حوالي 22 سنه عند نظير الرصاص (206) المستقر. والرادون غاز خامل لا يبقي في الجهاز التنفسي ولا يشارك إلا بنسبة قليلة جدا في الجرعة الإشعاعية الداخلية والنسبة الأكبر تكون من وليدات الرادون الأربعة قصيرة العمر التي تترسب علي أنسخة الجهاز التنفسي وينبعث منها جسيمات ألفا. ووليدات غاز الرادون هي فلزات ثقيلة وهي يمكن أن تتواجد منفردة في الهواء ويمكن التصاقها بعوالق الهواء. أما غاز الثورون المشع ووليداته (220) بنشاء من خلال انحلال عنصر الراديوم (224) الذي يقع في سلسلة تحلل الثوريوم ويتحلل غاز الثورون عن طريق انبعاث جسيم الفاء وله عمر نصف 54 ثانية ويعطي نظير البولونيوم (216) الذي يتحلل بانبعاث جسيم ألفا ويعطي الرصاص (212) وتنتهي السلسلة كأمله عند الرصاص (208) المستقر بعد حوالي إحدى عشر ساعة. ولهذا فان الجرعة الإشعاعية للجهاز التنفسي الناتجة من وليدات غاز الرادون أكثر بمقدار حوالي ثمانمائة ضعف الجرعة الإشعاعية الناتجة من وليدات غاز الثورون. ويتكون الإشعاع الخارجي من جسيمات بيتا وأشعة جاما المنبعثان من تسلسل انحلال مجموعة اليورانيوم ومجموعة الثوريوم. وتعتبر معدلات جرعة جسيمات البيتا اقل أهمية بكثير عن جرعة أشعة جاما نظرا لضعف نفاذية جسيمات البيتا. وأهمية جرعة جسيمات بيتا لا توجد إلا في حالات تقدير الجرعة للجلد وهذا الأمر يعطي أهمية خاصة في الحالات التي تؤدي إلي تلوث الأسطح. وفي هذه الحالة تكون هناك أهمية تقدير الجرعة لجسيمات بيتا وكذلك لأشعة جاما. . . تابع بالعدد القادم غدا الحلقة العاشرة بعنوان( من أضرار المواد المشعة )
Shukri -_alzoatree@yahoo. com