عبدالباسط الشميري
شدتني مقولة لكاتب غربي حائز على جائزة عالمية صدرت له قصة في بداية القرن الحالي حملت عنوان "مصطبة" أو "قاعدة" وظهرت للوجود بالتزامن مع أحداث 11 سبتمبر والقصة إياها تروي وقائع موظف في وزارة الثقافة أصبح عشيق مسؤوله في شركة سياحية وبدلاً من ان تقتصر الحكاية على مغامرات غرامية عادية تحولت بسبب هذا اللقاء إلى سرد لمجهودات العشيقين من أجل بناء قرى سياحية في آسيا أو أميركا اللاتينية تستهوي كل من يلهث وراء السياحة الجنسية وفي القسم الأخير من القصة يشن الكاتب هجوماً شديداً ضد الإسلام والعرب والفلسطينيين وقد أجرت معه إحدى المجلات لقاءً وسألته فيه عن سر هجومه على الإسلام؟ وهل يبحث عن المواضيع التي تصدم وتثير السخط؟ فيجيب بالقول: "لا أبحث عن تلك المواضيع ولكني اصطدم بها، فقد أثار انتباهي شيء نتيجة التقاء هذين الموضوعين يتمثل في السياح العرب الذين يترددون على بانكوك كنت أتصور بكل بلاهة أن كل المسلمين طيبون لكني تبينت أن كثيرين لا عقيدة لهم ويعيشون في تفاهة في تايلند يكونون أشد سعاراً من الغربيين في بحثهم عن اللذة.
الغريب في الأمر أن الصحافي الذي استجوبه يعود فيسأله هل يرجع سبب حقدك على الإسلام لكون أمك اعتنقته؟
فيرد الرجل: كلا لأني لم أخذ إسلامها مأخذ جد، لكنها وجدت في ذلك آخر وسيلة تزعج بها الناس بعد سلسلة تجارب لا تقل عن الإسلام تفاهة، ثم يواصل: والواقع أني شعرت في سيناء حيث تلقى موسى الوصايا العشر بنوع من الوحي السلبي يدفعني لرفض كل الديانات التوحيدية، قلت في نفسي: إن الاعتقاد في إله واحد لا يصدر إلا عن غبي أبله.
وسأله محاوره "إن بطلك الرئيسي ينطق بهذه الجملة "كلما عرفت أن إرهابياً أو طفلاً فلسطينياً أو امرأة فلسطينية حبلى سقطت تحت الرصاص في قطاع غزة تعتريني نشوة ارتياح" فيكون جوابه:
الانتقام شعور لا أعرفه، لكن الوضع الذي يوجد فيه ميشيل "بطل القصة" يدفعه إلى قتل أكبر عدد ممكن من المسلمين، إن الإسلام دين خطر، ومن حسن الحظ أنه محكوم عليه بالزوال من جهة؛ لأن الله غير موجود، ومن جهة أخرى لأن الإسلام ملغوم من الداخل بالرأسمالية.
ومن هذا الباب نجد أنفسنا كمسلمين أمام معادلة جديدة، بل هي قديمة أصلاً، فالإسلام بإمكانه التعايش مع الآخر، وهناك تجارب لكن هل بمقدور هذا الآخر التعايش مع الإسلام كدين ودولة؟
الإجابة بكل تأكيد لا، لماذا؟ لأن شعور هذا الآخر بجنون العظمة وهو نقص ليس إلا وهذا الأمر ما يدفع ببعض تلك العقول القائمة على الإقصاء وإلغاء الآخر وكما نرى الصهاينة وغيرهم، بل تنظرون أنهم يصعدون في الانتخابات على دماء وأشلاء النساء والأطفال والحقائق ماثلة.
إن أحلام هؤلاء تتبدد بل تتبخر في السماء وكلنا شاهد كيف كانوا يظنون القضاء على حماس وبتلك القوة المفرطة لكن إرادة الله شاءت غير ذلك، وذهبت أحلامهم أدراج الرياح، والمستقبل نقولها وبكل فخر هو الإسلام لا يقصد من هذا الحديث بناء نظريات جديدة مثل نظرياتهم الخرقاء، بل هي حقائق الإسلام دين ودولة باقي وقائم وسوف يبلغ مبلغه، وقد كان ولا ينقصنا كعرب إلا الإرادة والإيمان لنطلق بقدراتنا وإمكانياتنا .. حدثني أحد الأصدقاء زار اليابان مؤخراً أن كل التطور الذي يرى لم يكن إلا بالعلم والاهتمام بالنشء، وكل ما يقومون به في سبيل ذلك لا يخرج عن إطار البيئة وبأبسط الإمكانيات لكن العقول تعمل وبجد وبلا هوادة لا يمتلكون من مواد الخام إلا الشيء اليسير ورغم ذلك تجدهم يبحثون في الصخر لبناء بلدهم والانطلاق نحو العالمية، والسؤال الأبرز متى سننطلق؟ وكيف نحول بيئتنا المتواضعة إلى وسائل لبناء الإنسان اليمني، خصوصاً والعربي عموماً لتكون لنا الريادة؟ وإن غداً لناظره قريب والله الموفق!
abast 66 @ hotmail.com