عصام المطري
اليابان بلد متطور وهام على الخريطة السياسية العالمية، وله مقدرات وإمكانات هائلة جبارة، وليس أدل على ذلك مما فعله على مضيق مالاكا وهو ممر مائي ضيق ولكن حيوي بين ماليزيا واندونيسيا كان مبتلى بالقرصنة حتى جاء اليابان لإنقاذه وتحريره من القرصنة ومن المعروف على اليابان أنها دولة ترفض المشاركة في محاربة تهديدات دولية إلا أن طوكيو قبلت الأمر، فقامت بتدريب الجيوش المحلية وإقامة مركز لتبادل المعلومات مكن قوات الأمن من الاستجابة بسرعة للهجمات، وقدمت سفناً لحراسة الشواطئ للأسطول الأندونيسي سيء التجهيز، وقد كانت جهود اليابان فعالة جداً وساهمت في تقليص حوادث القرصنة في المنطقة من "150" حادثاً عام 2000م إلى ثلث هذا الرقم بعد ثلاث سنوات، فقد قدمت إبداعاً منقطع النظير وأثبتت أنها قوة قادرة على حماية المياه الإقليمية دون اللجوء وطلب المساعدة، وبهذا تتفوق على دولة الولايات المتحدة الأميركية واليابان في سواحل الصومال يحمي شاحناته فقط من القرصنة.
* إن بلداً مثل اليابان فيه هذه الإمكانات الرهيبة، وهو على مشارف أزمة سياسية يمكن أن تعصف بالبلاد، فالحزب الحاكم من بعد الاستقلال أظنه سيواري الهزيمة أمام خصمه حزب المعارضة، الحزب الديمقراطي الياباني من أجل القضاء على نفوذ الحزب الحاكم الحزب الديمقراطي الليبرالي الذي حكم اليابان دون منافسة حقيقية بالأساس، منذ الحرب العالمية الثانية إذ يعتصر القلب ألماً على مستقبل هذه الدولة التي تحتفظ بمخزون عملة أجنبية قيمتها تريليون دولار عرضت اليابان على صندوق النقد الدولي "100" مليار دولار كقرض، وبإمكانها وبسهولة أن تقدم "200" مليار دولار إضافية حسب ماسا هيروا كاواي، وهو مدير ياباني لمعهد بنك آسيا للتنمية "وهو غير تابع للحكومة اليابانية"، بيد أن اليابان لم تتقدم هذه المرة لإنقاذ العالم من القرصنة بالقرب من سواحل الصومال لأنها لا تفضل التدخل في محاربة تهديدات دولية على الإطلاق.
* واليابان يعاني من وضع اقتصادي سيء ولكن ليس بالمقارنة بالوضع الاقتصادي السيء لبعض الأقطار والأمصار في الدول النامية فهو لديه نفوذ اقتصادي وتغطية من العملة حتى أن عملتهم لم تتأثر من الأزمة المالية ويساهم في أفغانستان في مجال الزراعة والصحة لتقديم الخدمات في البنية التحتية والبنية الفوقية بشكل مساعدات أو بشكل قروض آجلة الدفع، المهم أن اليابان متمكن وإلى حد كبير في إنعاش الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهو لا يفضل المشاركة بقوات دولية في أفغانستان نظراً لسياسته المرنة التي دوخت راعية النظام الدولي والعالمي الجديد الولايات المتحدة الأميركية التي تثأر لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، فدمرت الدول وألحقت الضرر في العتاد والمال والأرواح، فأفغانستان واقعة تحت الاحتلال الأميركي الذي أثيرت حفيظته عندما دخل العراق الكويت، فما الذي تفعله اليوم؟ إنها حتى احتلت الدولة العراقية الشقيقة لم ترض حينما بالخروج من الأراضي العربية والإسلامية، فالإدارات الأميركية المتعاقبة لم تغير سياستها تجاه الشرق الأوسط ذلكم أن وضع السياسات والإستراتيجيات العامة من حظ المؤسسات وليس من حظ الزعيم الفرد وفق ما هو معمول في السياسة العربية والإسلامية حيث أن السياسة الإسلامية والعربية تتأثر بحد كبير على الرئيس والزعيم، فليس عندنا دول مؤسسات تفنن وتشرع كيفما رأت مصلحة البلاد العليا وليس مصلحة أشخاص بعينهم، المهم أن اليابان دولة ذات اقتدار في مكافحة القرصنة إلا أنها لن تنقذ العالم هذه المرة لعدم تأثرها، فهي تحمي سفنها فقط من القرصنة الصومالية وفي هذا زيادة تأثير على مقدرتها الفذة في مجابهة القرصنة على الضرب من السواحل الصومالية الأمر الذي ينعذر بخطر دائم يمكن أن يحل على العالم في القريب العاجل لقاء اختلال موازين القوى.