عبدالقوي العصفور
تساؤل منطقي ومشروع نستهل به هذه المقالة، إنه تساؤل ينبع من ضمير ووجدان كل صاحب عقل سليم يستطيع أن يرى الأشياء على حقيقتها ويسميها بمسمياتها الحقيقية لقد كان تصرف أولئك النفر القليل عدداً وقيمة الذين ظلوا طوال فترة العدوان الظالم على غزة الحبيبة يدسون رؤوسهم في التراب ويتابعون المعارك وينتظرون بفارغ الصبر متى تنتهي إسرائيل من مهمتها وتخلصهم من حماس، لا يهمهم قتل وتمزيق أشلاء الأبرياء والأطفال، لا يمهمهم قصف المنازل وتدميرها على ساكنيها، لا يهمهم قصف المستشفيات والمدارس ودور العبادة، لا يهمهم أن يهلك الحرث والنسل فالغاية عندهم تبرر الوسيلة، همهم الوحيد أن يتخلصوا من حماس والمقاومة حتى تخلو لهم الساحة ويستأثرون بالسلطة التي لا وجود لها إلا في مخيلتهم، والأهم من ذلك كله همهم المال وما أدراك ما المال؟ كيف لا وهم أصحاب خبرة في المتاجرة بأشلاء الضحايا بعد كل مجزرة ترتكب في حق شعبنا العربي الفلسطيني نعم كانوا ينتظرون بفارغ الصبر لخطة إعلان وقف الحرب ليخرجوا من حجورهم التي ظلوا يتوارون فيها طوال فترة الحرب ويبدأوا في جمع الغنائم، ولأن هدفهم الأول لم يتحقق وهو القضاء على حماس والمقاومة فقد ركزوا وبشراهة على الهدف الثاني وهو وضع اليد على المساعدات والمعونات التي سيتبرع بها الأشقاء والأصدقاء لإعمار غزة وإغاثة منكوبي الحرب، كانت صورهم مزرية ومثيرة للتقزز والاشمئزاز وهم يطلون علينا من على شاشة التلفزة يدلون بالتصريحات تلو التصريحات يطالبون فيها بتسليمهم المساعدات وفي سبيل ذلك لا يتورعون في كيل الاتهامات لأشقائهم المقاومين الأبطال في غزة الذين ضربوا أروع الأمثلة في الاستبسال والصمود يذودون عن حماهم وعن أرضهم وعرضهم، نعم لقد جادوا بدمائهم وبذلوا أرواحهم رخيصة فداءاً لوطنهم وقضيتهم، فهل من يجود بالدم يبخل بغيره من أعراض ومتاع الدنيا؟ وهل من يضحي بالنفس والنفيس يسعى وراء جمع المال والاستئثار بالمساعدات أم أن العكس هو الصحيح، بالتأكيد أن العكس هو الصحيح فالمنطق يقول ذلك والانتهازيون وحدهم هم الذين يدفعون غيرهم للتضحية ثم يأتون بعد ذلك للمتاجرة بأشلائهم ودمائهم، وقد ابتلي وطننا العربي وشعبنا الفلسطيني المكافح بالكثير من هؤلاء المتسولين، فكانوا هم سبب الهزائم والانتكاسات، فعلى مدى سنوات طويلة وهم يتاجرون بالقضية الفلسطينية ويقدمون التنازلات تلو التنازلات همهم الوحيد الاحتفاظ بالسلطة وأن تدر عليهم المساعدات من هنا وهناك حتى ضاعت القضية الفلسطينية واختزلت في سلطة هزيلة فاقدة للسيادة والصلاحية فهل مثل هؤلاء يؤتمنون على إعمار غزة وإيصال المساعدات إلى مستحقيها؟
الإجابة بالتأكيد هي لا، فالأحرى بهم إذا أن يذهبوا بماء وجوههم ويتركوا إعمار غزة لمن صد وضحى واستبسل في الدفاع عنها طوال "22" يوماً من العدوان الغاشم لا من دس رأسه في التراب وتآمر عليها، فهل يعون ذلك؟ ويتنحون جانباً ويتركون أهلها وشأنهم نتمنى ذلك!