كروان عبد الهادي الشرجبي
نجلس نتحسر ونتألم ونحتار ماذا نفعل تجاه معاناتنا وتغلي الدماء في عروقنا ونتساءل لماذا وكيف وصلنا إلى درجة أن نشعر بكل هذا الألم والمهانة والذل؟ متى وكيف نسترد ما بقى لنا من كرامة؟ نسينا أو تناسينا لا فرق، أن ما حدث لنا يدخل ضمن دائرة مشيئة الله والإيمان بالقدر خيره وشره، فالابتلاء من الله، ولا ابتلاء من دون ذنب ولن يرفع عنا ما نحن فيه إلا بالاعتراف والتوبة فهل نعرف ما اقترفنا؟
إني أجزم بأننا نعلم ذنوبنا لكن كل منا يلقيها على الآخر ويبرئ نفسه، فالكذاب يتكلم عن الكذابين وكأنه هو الصادق، والمتآمر يتكلم عن الخيانة وكأنه هو الطاهر، واللص يتهم الشرفاء وكأنه هو العادل، ونتعمد إخفاء الحقيقة حتى عن أنفسنا!
وأصبح كل منا يخفي وراء ظهره سكيناً ليطعن به أقرب الناس إليه عندما تأتيه الفرصة المناسبة.
أصبحنا نتكلم أكثر مما نعمل، ونكره أكثر مما نحب، ونخون أكثر مما نخلص حتى ضاعت قيمنا مع سبق الإصرار والترصد، وفقدنا المعاني الجميلة فضاعت معها أمور كثيرة، وأصبحت بلا لون ولا طعم ولا رائحة.
لا البكاء ولا الصراخ ولا الشكوى أصبح لها معنى، لهذا لم يصبح أحد يتألم، ولا أحد يسمع أنينه، أو تحركه مأساته، رغم أن الله في جميع الديانات السماوية ألزمنا بالأخلاق، وأن يكفل بعضنا بعض.
ما الذي حصل حتى باتت لغة المصالح هي القانون في التعامل؟ فاختفت العلاقات الحميمة وتوارت الصداقة وتراجعت علاقات القرابة والرحم والحقوق والواجبات.
نعم لقد امتلأت حياتنا بالذنوب حتى أصبحنا أقل كيفاً وأكثر كماً، نعم ذنوبنا كثيرة ورغم ذلك تحول كل منا إما إلى واعظ أو ناصح، ولم يعد منا من يرى عيوبه وأن رآها غفرها لنفسه والتمس لها ألف عذر، فعجبت لزمن يتحدثون فيه عن الطهارة والشرف والأمانة والنقاء، والأساليب الملتوية تتعمق وتنتشر فيه.
KARAWAN2001@HOTMAIL.COM