عصام المطري
نكبات تلو النكبات، ونكسات تلو النكسات، والشعب الإسلامي والعربي يمارس حق الفرجة، ففي الأمس القريب كان جيش الاعتداء الصهيوني الإرهابي على موعد مع هذه الأمة في جنوب لبنان على سبيل التصفية القذرة لحسابات كانت مؤجلة مع الإسلام، وتصاعدت المقاومة وتكبد جيش الاحتلال الصهيوني الخسائر تلو الخسائر إلا أن آلام الأمة الإسلامية والعربية تضاعفت مضاعفة كبيرة جراء الاستلاب السياسي وخنوع الأمة الإسلامية والعربية لقاء التزلف لساداتنا والتملق الممجوج القذر.
واليوم كان جيش الاحتلال الصهيوني على موعد آخر مع الأمة الإسلامية والعربية، ولكنه اليوم مع قطاع غزة حيث استخدم الأسلحة المحرمة دولياً وعربد في الأرض ودمر الحرث والنسل، وأصاب في مقتل البنية التحتية لقطاع غزة، واستهدف الأبرياء من المواطنين العزل، وقتل الأطفال والنساء، فعدد الشهداء مضاعف وكذلك أعداد الجرحى، ولم يخشى هذا الكيان من أحد، فالمظاهرات والمسيرات الشعبية والجماهيرية في عواصم الدول الإسلامية والعربية كانت عند مستوى الحدث، وأثبتت الأمة الإسلامية والعربية أنها حاضرة على مستوى الشارع الإسلامي والعربي الشعبي والجماهيري، وغائبة على مستوى القيادات الإسلامية والعربية، فلم يسجل أي زعيم عربي وإسلامي موقفاً يرتقى إلى مستوى الحدث، بل جعلوا الصهاينة يمعنون تقتيلاً ودماراً في أمتنا من غير أن يحركوا ساكناً، فحجم الخسائر في الممتلكات البشرية والمادية قد بلغ رقماً خيالياً إلا أن الأمة الإسلامية والعربية انتصرت في غزة انتصاراً كبيراً على الآلة الحربية الصهيونية التي لم تحقق أهدافها بنجاح في تلك الحرب.
- إن الأمة الإسلامية والعربية حاضرة على مستوى المحيط الشعبي والجماهيري، وهي مؤهلة لأن تلعب دوراً بارزاً في الصراع الصهيوني العربي حيث توحد الشارع الإسلامي والعربي، وبدا وكأنه في حالة من حالات العافية الشديدة إذ تمكن من التعبير عن رفضه للعدوان والاعتداء، وسجل موقفاً هاماً وبارزاً هو مشكوراً عليه، ذلكم أنه أقض مضجع العدو الصهيوني، وأصابه في مقتل، وحشد آلاف التأييد مع حركة حماس الذي أراد المحتل الأجنبي الدخيل أن يقتلعها من الجذور، لكنه زاد في تقويتها، ووجه الشارع الإسلامي والعربي إلى حشد التأييد الشعبي والجماهيري لها مما زادها قوة وصلابة، وهذا لعمري ما أحرز النصر لإخواننا الفلسطينين على أعدائهم، فالنصر على الأعداء كان من أبرز ملامح اللحمة الفلسطينية التي توقدت لتكسر شوكة الفرقة واليأس، والارتكان إلى الماضي السحيق، إنه النصر حليف إخواننا الفلسطينيين الذين تمكنوا من تدويخ العدو وإنزال الطامة عليه وإصابته في مقتل الأمر الذي فرض نوعاً كبيراً من الهستيريا لدى القيادات والزعامات الصهيونية مما حذى بهم إلى استخدام الأسلحة المحرمة دولياً وأسلحة هي في طور التجارب حيث تفيد الأنباء عن خطورتها وتورط العدو الصهيوني في استخدامها ما يفرض سرعة المطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب من الصهاينة وإذلالهم إذلالاً كبيراً فقد ضربت عليهم الذلة والمسكنة.
إننا حريصون من هذا المنبر الحر المستقل المحايد أن نوضح الالتباس الذي وقع فيه عامة الناس، فالذين يرون نصر إسرائيل هو هزيمة إزاء بكل المقاييس وعلينا أن نستوعب درس غزة استيعاباً كبيراً فقد استفدنا في درس غزة أن الأمة الإسلامية والعربية في الإطار الشعبي والجماهيري هي أمة موحدة الأهداف والغايات ولها قواسم مشتركة من المحيط إلى الخليج ومن الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، وهي صاحبة قضية موحدة هي القضية القومية والإسلامية والوطنية الفلسطينية، كما استفدنا من درس غزة أن الشعوب الإسلامية والعربية شعوب حية، وأن حكامها هم الذين يخذلوهم، فالحكام العرب عشاق الكراسي هم يعبدون الكرسي الذي هو من نار جهنم ويعشقون الدولارات واليورو، فقد قبضوا الثمن مقدماً وتعاموا عما أصاب إخواننا الفلسطينيين في غزة فهم غثاء كغثاء السيل أصابهم الوهن والضعف والموت المحقق، فهم ليسوا بأحياء، تجمعهم صفارة وتفرقهم عصا، فأرواح الأبرياء في غزة في أعناقهم إلى يوم القيامة، فهم شركاء مع المحتل الأجنبي الدخيل.
إننا نبرأ من الله منهم، ونحملهم كامل المسؤولية على ما حدث وسوف يحدث، فهم حفنة من عملاء جميعهم، فالصف العربي العربي مشطر لصالح الكيان الصهيوني، والأمة الإسلامية والعربية على مستوى القيادات والزعامات العربية والإسلامية مشطرة ومشتتة، وينطبق عليهم قول رب السماوات العلى: "تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى"، فهم مختلفي الأفئدة والقلوب، وتحركهم المصالح الضيقة ليس إلا، وتجمعهم المصالح والمنافع الضيقة الآنية، فلن يتحركوا إلا بمصلحة، فقد خلوا السبيل بين الكيان الصهيوني والفلسطيني حتى أشبعوهم تقتيلاً فحسبنا الله ونعم الوكيل في قيادات وزعامات الفعل العربي الإسلامي والعربي المشترك وحسبنا الله في الزعامات والقيادات الإسلامية والعربية والله من وراء القصد. <