بقلم /ممدوح طه
الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، والتي كشفت تطرفا صهيونيا نحو اليمين الرافض لاستحقاقات السلام، والملوح بالقوة والعدوان لفرض الشروط الصهيونية على الفلسطينيين والعرب، تشكل تحديا إضافيا وخطرا حقيقيا لا يترك للعرب وللفلسطينيين خيارا إلا الاستجابة الجادة والمسؤولة للاستجابة لهذا التحدي.
وهو ما يدفع الفلسطينيين والعرب إلى التراجع عن مواقعهم الانقسامية المتضادة وإلى مراجعة مواقفهم السياسية المتناقضة، باتجاه صياغة جديدة من موقع جديد وموقف جديد لإدارة الصراع العربي الصهيوني بما يواجه التهديد بالقوة الصهيونية بالاستعداد بالقوة العربية بإعادة التمسك بالثوابت العربية للوحدة والتحرير والعودة، باستعادة الوحدة الوطنية والوحدة القومية وتعميق التضامن العربي الإسلامي بما يشكل القاعدة الحقيقية لكل قوة.
بدا الآن واضحا لكل المنقسمين العرب والفلسطينيين أن العدو الصهيوني هو الذي يمثل التناقض الرئيسي مع قوى التحرر والسلام الفلسطينية والعربية، وليس أي طرف أو فصيل فلسطيني مقاوم أو مفاوض، أو عربي آخر ممانع للاستسلام أو مفاوض من أجل السلام، فهذا العدو هو الذي اغتصب الوطن الفلسطيني وطرد المواطنين الفلسطينيين من ديارهم بالإرهاب والإجرام والقوة، ويحتل أراض عربية لبنانية وسورية بالقوة.
وهذا العدو الذي يرفض الحد الأدنى لاستحقاقات السلام بالانسحاب من الأراضي المحتلة، ومازالت أطماعه التوسعية فى زمن الضعف العربي الناتج عن الانقسام العربي تراوده في إقامة دولته الصهيونية الكبرى «من الفرات إلى النيل»، أو على الأقل سوف يظل هو وحده مصدر التهديد الدائم للأمن القومي العربي بطبيعته العدوانية و بأسلحته النووية ساعيا لفرض شروطه على الأمة العربية.
وفي ظل انقلاب «نتانياهو» من قبل بعد اغتيال «رابين» على اتفاق «أوسلو»، ورفضه لمبادرة السلام العربية ولقرارات الشرعية الدولية وللمفاوضات مع الفلسطينيين، بل وتصريحه برفض الانسحاب عن أي شبر من الأراضي الفلسطينية أو العربية المحتلة باعتبارها «أراضي مقدسة» .
وضرورية لما أسماه «أمن إسرائيل» على حساب أمن وحق الفلسطينيين والعرب، يبدو ضروريا قيام كل الفلسطينيين المقاومين والمفاوضين، وكل العرب الممانعين والمسالمين إلى إعادة النظر في مواقفهم ومواقعهم الحالية والمراجعة الشاملة والتراجع الكامل عن أية شكوك فيما بينهم أو أية أوهام في أعدائهم.
إن المدخل الصحيح لهذه المراجعة الشاملة باتجاه التضامن العربي هو مؤتمر القمة العربية الدورية المقبل في «الدوحة» تحت مظلة الجامعة العربية الذي ينبغي ان يتحول بشكل جدي إلى مظلة اتحادية عربية، وفي ملفات القمم العربية السابقة الكثير من مشروعات «الاتحاد العربي» التي تمت دراستها ولكن توقف السير فيها لأسباب لا ينبغي لها أن تمنع قيام الاتحاد العربي،.
وإلا ما ظهر إلى الوجود «الاتحاد الأوروبي» الحالي رغم اختلاف اللغات ورغم اختلافات المصالح والسياسات ورغم الميراث العميق من الحروب، وما ظهر إلى الوجود «الاتحاد الإفريقي» رغم الميراث الثقيل من النزاعات العرقية والدينية والحدودية بين دول القارة.
إن تجاوز الانقسامات السياسية بين الأنظمة العربية إلى ما هو أعلى وأغلى وأهم لصالح الشعب العربي الواحد في اتجاه «الاتحاد العربي» هو المظلة العربية الضرورية لتجاوز الانقسامات السياسية بين المنظمات الوطنية الفلسطينية تحت مظلة «منظمة التحرير الفلسطينية» حين تتحول إلى جامعة لكل منظمات الشعب الفلسطيني لتكون تعبيرا شرعيا حقيقيا عن كل الشعب الفلسطيني، ولتكون شرعيتها من شعبها الفلسطيني أقوى من شرعيتها من خارج حدود فلسطين ولو حتى بقرار عربي.<