شكري عبدالغني الزعيتري
بعد اكتشاف التفاعل المتسلسل ظهر طلب ملح في بناء أداة يمكن أن يبدءا بها التفاعل المتسلسل المستمر وأصبح هذا هو الهدف الرئيسي للعلماء النوويين في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا. وفي عام 1942م تكللت الجهود بالنجاح في إنشاء وتطوير أول مفاعل نووي وكان من المعروف حينها أن النترونات البطيئة أكثر جدوى بكثير من النترونات السريعة في توليد انشطار نوى اليورانيوم. وحين اكتشاف التفاعل المتسلسل الذي برهن انه ينتج في حادثة الانشطار عدد من النترونات يتراوح بين اثنين وثلاثة مقابل نترون تمتصه النواة فتنشطر. وكان إمكان بناء مفاعل نووي أي جهاز تتواصل فيه حادثة التفاعل المتسلسل فتولد طاقة قابلة للاستعمال العامل الأساسي في بناء مفاعل نووي ليزيد من نسبة عدد النترونات في جيل إلي عدد النترونات في الجيل الذي يسبقه (الأب) فيكون العدد الناتج اكبر من الواحد (الأب) وهنا يمكن تشبيه التوالد كتكاثر الأسرة بان (أب وأم ) ينتج لهم العديد من الأطفال ومن ثم الأطفال يكبرون وينتج لهم عدد من الأبناء وهكذا يحدث بالتفاعل المتسلسل تكاثر النترونات وتواصل التفاعل المتسلسل الذي يحدث في المفاعل النووي وإذا ما استمر عددا كافيا من الأجيال (النترونات) ويشتد إلي أن يصل إلي مرحلة الانفجار. إذ يتم استخلاص الطاقة النووية من نواة الذرة بطريقتين هما الانشطار والاندماج. ففي الانشطار يتم فلق نواة اليورانيوم (235) القابل للانشطار إلي نواتي عنصرين اخف منه ولذلك يطلق علي هذه الطاقة الانشطارية. . أما في لاندماج فيتم التحام أربع انويه هيدروجين لتكون نواة هيليوم. . . وهنالك نوعان من التفاعلات النووية التي يمكن عن طريقها إنتاج الطاقة وهما : النوع الأول الاندماج النووي : ويحدث عند اندماج نواتين لذرتين خفيفتين مثل الهيدروجين مع بعضهما البعض لتكوين ذرة واحدة كبيرة هي الهيليوم الذي تقل كتلته عن مجموع كتلتي الهيدروجين وهذا الفرق يتحول إلى طاقة هائلة تماماً كما يحدث داخل الشمس لتوليد الطاقة الشمسية. . والنوع الثاني الانشطار النووي : ويحدث عند تهشم بعض الذرات الكبيرة مثل اليورانيوم لتكوين ذرتين أو أكثر أصغر حجماً مولدة بذلك طاقة هائلة لفرق الكتلة بين مجموع الكتل المتولدة والكتلة الأصلية حسب معادلة إينشتاين : (الطاقة = الكتلة الفانية * مربع سرعة الضوء). . . وتمر البشرية حاليا بمرحلة استغلال الطاقة الانشطارية ويعتبر وقودها الأساسي هو اليورانيوم. وتسمي المفاعلات التي يتم فيها إنتاج هذه الطاقة بالمفاعلات النووية. . والمفاعلات بصفة عامة هو تجهيز يتم فيه إنتاج الطاقة الحرارية بواسطة حرق الوقود النووي وهذه هي الفكرة الأساسية في المفاعل النووي حيث يستخدم الوقود النووى لإنتاج الطاقة الحرارية. . و المفاعلات النووية المنتشرة في العالم والمستخدمة في إنتاج الطاقة النووية أنواع مختلفة وبدرجات ومميزات مختلفة منها مفاعلات تستخدم لإغراض العلم والأبحاث. . وهناك أنواع عديدة من مفاعلات الانشطار النووي يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسيين : (1) مفاعلات اليورانيوم المخصب : ويستعمل في هذه الحالة عادة الماء الطبيعي كمهدئ للنيوترونات ولنقل الحرارة ومن الأمثلة على ذلك مفاعلات الماء المغلي ومفاعلات الماء المضغوط، وقد طورت الولايات المتحدة الأمريكية هذا النوع من المفاعلات. . (2) مفاعلات اليورانيوم الطبيعي : وفيها يستعمل الماء الثقيل كمبرد ومهدئ للنيوترونات ومن الأمثلة على ذلك مفاعلات "كندو" الكندية والمفاعلات المبردة بغاز ثاني أكسيد الكربون البريطانية. ووفق الاستخدام فان هناك أنواع مختلفة من المفاعلات مفاعلات تستخدم لإغراض الزراعة. . ومنها مفاعلات تستخدم لإغراض الطب. . ومنها مفاعلات تستخدم لإغراض إنتاج الطاقة الكهربائية. . . وقد تزايد في الفترة الأخيرة استخدام الطاقة النووية في الفروع المختلفة للنشاط الإنساني من ذلك استخدام النظائر المشعة في الطب والصناعة والزراعة ولإغراض البحث العلمي وكذلك هناك الاستخدامات السلمية للطاقة النووية في إنتاج الكهرباء والاستخدامات العسكرية. . والجديد بالذكر أن هذا المفاعل المنتج يولد وقوداً نوويا أكثر مما يستهلك. وبذلك يفوق احتياطي الوقود النووي أضعاف احتياطي الوقود التقليدي مجتمعاً. . . وهناك علاقة واضحة بين طاقة المفاعل النووي وتصميمه والمخاطر المتوقعة منه فآثار الحوادث الإشعاعية للمفاعلات ذات القدرة الكبيرة مثل مفاعلات إنتاج الطاقة الكهربائية أوسع جغرافياً من أثار المفاعلات ذات القدرة الصغيرة مثل المفاعلات النووية البحثية. إلا أنه ونظراً للاعتبارات التصميمية الصارمة للمفاعلات النووية الكبيرة فإنه وفي معظم الحوادث لا يتعدى انتشار أثارها (50 كم) حيث يتم تطبيق الإجراءات الاحترازية في هذا النطاق. ولكن في حوادث مثل حادثة مفاعل تشرنوبيل وهو بذاته حالة نادرة لظروف تصميمه وتشغيله التي أدت إلى الحادث فقد تم زيادة مستوى تطبيق الإجراءات الوقائية إلى مسافة اكبر بكثير مثل : عدم تناول المنتجات الزراعية في المناطق الملوثة وغيرها من التحذيرات والإجراءات الوقائية للبشر. . . وقد تم تطوير المفاعلات من نوع مفاعل تشرنوبيل العامة حالياً بحيث تم تقليل فرص وقوع حوادث مشابهه لحادثة تشرنوبيل. وعلى سبيل المثال فإن حادثة مفاعل جزيرة الأميال الثلاثة في أمريكا والذي وقع في أواخر السبعينات أي قبل نحو عشر سنوات من حادثة تشرنوبيل يعتبر الأسوأ من الناحية الهندسية إذ حصل تلف لقلب المفاعل إلا أن وجود المبني الحاوي لقلب المفاعل ساهم وبشكل كبير في تقليل عواقب هذا الحادث وعدم انتشار المواد المشعة في حين أن مفاعل تشرنوبيل لم يكن يتضمن الحاوي لقلب المفاعل والذي يعد من خطوط السلامة الأساسية في تصاميم مفاعلات القوى النووية. . . . تابع بالعدد القادم غدا الحلقة الرابع عشر بعنوان( من مخاطر وأضرار مفاعلات الطاقة النووية). <
Shukri -_alzoatree@yahoo. com