بقلم/ممدوح طه
فيما كانت «غزة» تحت الإدارة المصرية و«الضفة» تحت الحكم الأردني انطلقت منظمة التحرير الفلسطينية مع بداية العام 1965فى رعاية حركة المقاومة الوطنية المسلحة التي بدأتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ضد العدو الصهيوني انطلاقا من الأراضي الأردنية، وتجلت فاعلية الدعم العربي للمقاومة الفلسطينية في أول انتصاراتها في معركة «الكرامة» ضد الدبابات الإسرائيلية بإسناد من الجيش العربي الأردني، وتسليح وتدريب وإعداد من الجيش المصري والسوري. وليس مثلما يجري الآن من مقاومة للمقاومة عبريا وعربيا.
بعد عامين من النضال الفلسطيني العربي المشترك، وقع العدوان الصهيو أميركي عام 67 لإجهاض مسار العمل العربي المشترك عبر مؤتمرات القمة العربية، ومسيرة المقاومة الفلسطينية المسلحة ضد المحتل الصهيوني، لتنتهي المعركة بهزيمة عسكرية، وباحتلال إسرائيل لغزة والضفة، مع سيناء المصرية والجولان السورية وأراضي أردنية..
وبإصرار رسمي وشعبي عربي وفلسطيني على رفض الهزيمة واستمرار النضال لتصفية آثار العدوان تجلى في قمة الخرطوم العربية، توحدت الجهود العربية من جديد على مواصلة النضال السياسي والعسكري استعدادا لمعركة الثأر القادمة لتحرير الأرض المحتلة العربية والفلسطينية معا. وبينما سكتت المدافع على الجبهات العربية الثلاث مؤقتا، انطلقت المقاومة الوطنية الفلسطينية في غزة والضفة، لتنطلق المدافع العربية من جديد على الجبهتين المصرية والسورية وليتحقق انتصار عسكري عربي مزلزل في جبهتي قناة السويس وهضبة الجولان على العدو الصهيوني وقهر جيشه الذي لا يقهر..
لكن تعدد اجتهادات الاستثمار السياسي لنتائج النصر أثار الانقسامات السياسية العربية والفلسطينية من جديد ليغذي كل منهما الآخر عبر مراحل مختلفة، أولها مطالبة منظمة التحرير باستقلال القرار الفلسطيني، وفك ارتباط الصفة بالأردن وغزة بمصر ،لتقرر قمة الرباط العربية عام 74 أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد.
غير أن التحول الأساسي الذي جعل الانقسام الفلسطيني حاداً هو تغيير بنود الميثاق الوطني في جلسة المجلس الوطني بغزة بحضور الرئيس الأميركي كلينتون، بما يعني التخلي عن الكفاح المسلح والتركيز على التفاوض السياسي، والقبول بدولة بحدود 67 فقط، بما يعترف ضمنا بإسرائيل.. ثم جاء توقيع اتفاق «أوسلو» ليعمق الانقسام الفلسطيني العربي .
والفلسطيني الفلسطيني من جهة أخرى، ومع عدم وصول التفاوض السياسي إلى نتيجة خصوصا بعد «كامب ديفيد الثانية»، ومع رفض عرفات شروط السلام الصهيو أميركي وتفجر الانتفاضة الثانية، ظهرت على الساحة منظمات جديدة كحماس والجهاد وغيرهما لا تعترف بإسرائيل وتعتمد الكفاح المسلح لتحقيق هدف التحرير.
ليبدو الخلاف واضحا بين دعاة المقاومة ودعاة المفاوضة فلسطينيا وعربيا، والذي تفاقم بعد اغتيال الشهيد أبو عمار إلى درجة الاقتتال بين الفريقين، بما فصل الحكومة الحمساوية المنتخبة عن رئاسة السلطة الفتحاوية المنتخبة، وبما فصل واقعيا الضفة عن القطاع الذي تمت محاصرته عبريا وغربيا وعربيا، مع غياب مجلس وطني جامع لكل المنظمات يكون ساحة طبيعية للحوار الوطني الفلسطيني..
وهذا هو ما غيب دور منظمة التحرير، ونمى دور السلطة الفلسطينية على حسابها. ليكون المستفيد الوحيد من الانقسام والخلاف والمواجهة هو العدو الصهيوني.. وليبقى إصلاح المنظمة والحوار الفلسطيني والعربي هو الحل.
ومازال الحصار والانقسام مستمرين، من حول فلسطين بين المفاوضين والمقاومين.<