شكري عبدالغني الزعيتري
بالرغم من التطورات التكنولوجية الرائعة التي أنجزت في مجال تصميم وبناء مفاعلات نووية متقدمة في العديد من الدول الصناعية إلا أن هاجس السلامة والأمن من الحوادث النووية المحتملة في مثل هذه المنشات والإخطار المحتملة من النفايات المشعة الناتجة عن المفاعلات النووية أصبح مهيمنا علي الرأي العام العالمي خاصة بعد وقوع حادث (ثري مايل ايلاند ) في بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية في عام 1978م وحادث انفجار احد مفاعلات محطة تشرنوبيل لتوليد الكهرباء بالاتحاد السوفيتي (سابقا) في عام 1986م. ومن ناحية أخرى هناك مصادر للمخاوف من التلوث الإشعاعي ناشئة من الأنشطة النووية القائمة حالياً في محطات الطاقة النووية في الدول المختلفة والتي تعمل محطاتها النووية وفقاً لتقنيات نووية لا ترتقي إلي كفاءة اعلي لمعايير السلامة فيها مع أن هناك تطورات تقنية أجريت والتي تتعلق بالمفاعلات من نوع RMBK المشابهة لمفاعل تشرنوبيل الأوكراني والذي حل به الدمار في ابريل 1986م وعمت آثار التلوث الإشعاعي منه أجزاء كبيرة من نصف الكرة الأرضية الشمالي. . . . وتتباين مخاطر تلوث البيئة من المفاعلات النووية وفقاً لطاقتها حيث لا تتساوى مخاطر مفاعلات إنتاج الطاقة الكهربائية والتي تبلغ في العادة قدرة 1000 ميجاوات مع مفاعلات الأبحاث والتي عادة ما تكون في حدود الواحد إلى 30 ميجاوات فقط. من جانب آخر تشكل اعتبارات السلامة وتقنيات السلامة الهندسية أحد أهم المعايير إذ على سبيل المثال تفاقم حادثة آثار مفاعل تشرنوبيل لتقنياتها نتجت من أن هذا النوع من المفاعلات لم يكن يتضمن في الأسس التصميمية له وجود مبنى حاوي لقلب المفاعل والذي يعمل على احتواء المواد المشعة في حال وقوع حادث نووي لقلب المفاعل والذي قد ينتج للعديد من الأسباب مثل فقدان سوائل التبريد وبالتالي منع انتقالها إلى البيئة وانتشارها. وعليه فإن الاستخدام المعقول للطاقة النووية المبني على أساس فهم كل من المخاطر والفوائد سيكون مطلوبا لمواجهة هذا التنافس من أجل البقاء على قيد الحياة والحصول علي الطاقة المطلوبة. . ومن أضرار ومشكلات مفاعلات الطاقة النووية ما يلي : (1) التلوث الحراري : ويقصد بذلك تفريغ فضلات الحرارة من محطات توليد الطاقة النووية إلى مصادر المياه الطبيعية إن فضلات الطاقة غير محصورة في محطات الطاقة النووية. فالمحطات التقليدية لا بد لها من أن تتخلص من الحرارة الفائضة التي ينطلق معظمها في الجو مباشرة بواسطة المداخن، وعلى شكل غازات حارة. وهناك محاولات تبذل لتسخير هذه الحرارة الفائضة من المحطات النووية في الزراعة وتربية الكائنات المائية "كالربيان والأسماك" غير أن هناك من يخشى أن يؤدي التفريغ الهائل لهذه الطاقة الحرارية الفائضة إلى اضطراب في توازن البيئة الأرضية. (2) التنقيب عن اليورانيوم : إن مراحل التنقيب عن الوقود النووي وطرق استعماله وطرحه محفوفة بالمخاطر وذلك لاحتوائها على غاز الرادون حيث أن اليورانيوم يوجد في الطبيعة مع الراديوم وسلسلة تحلله التي من بينها غاز الرادون. (3) إن كل عمليات التنقيب تنطوي دائماً على مخاطر وأضرار إذ أن معدل الحوادث الناجمة عنه يفوق معدل الحوادث الناجمة عن أي من الصناعات الكبيرة. غير أن الكلفة الكلية لعمليات التنقيب عن الوقود النووي أقل بكثير من التكاليف المترتبة على التنقيب عن الفحم الحجري. ولعل السبب في ذلك يعود إلى صغر كمية اليورانيوم اللازمة لتوليد كمية معينة من الكهرباء مقارنة بالكمية التي يحتاج إليها من الفحم الحجري في المحطات التقليدية (النسبة تقريباً 10000/1). (4) الإطلاق الرتيب لكمية من المواد المشعة : فعند تشغيل المفاعل بصورة اعتيادية يتم إطلاق منتظم لكميات صغيرة من المواد المشعة إلى الهواء والماء الخارجين.
(5) تخزين الفضلات الإشعاعية : ومن أهم الصفات غير المرغوبة في توليد الطاقة من الذرة بواسطة الانشطار احتواء قضبان الوقود المستعملة في إنتاج هذه الطاقة على كميات كبيرة من الفضلات المشعة التي تشكل بحد ذاتها خطراً على حياة الإنسان. وقد استخدمت عدة طرق للتخلص من هذه الفضلات. (6) نقل الفضلات المشعة: إن المخاطر الناجمة عن نقل الفضلات المشعة ولعل أكثر الأشخاص تعرضاً لهذه الفضلات سائق الحافلة التي تحمل الوقود المستهلك ولكن الاحتمال في أن تكون الإصابة بسبب حادث تصادم تزيد بمقدار يتراوح بين 2000و 120000 مرة على تلك المحتملة من أسباب إشعاعية. (7) الكوارث المميتة : وهناك سبب رئيسي مثير للاهتمام هو زيادة الاحتمال بحدوث كارثة مميتة بازدياد عدد المفاعلات العاملة. يتمثل في استخدام مخلفات الوقود النووي المستخدم لإنتاج الطاقة النووية كمثل (البلوتونيوم ) في صناعة أسلحة دمار شامل والقنابل النووية واسعة التدمير. . . تابع بالعدد القادم الحلقة الخامسة عشر بعنوان( إنتاج الكهرباء بالطاقة النووية )
Shukri -_alzoatree@yahoo. com