;

أوراق من ذكرياتي ..الحلقة «21» 1782

2009-02-19 05:29:30

وبعد عدة أيام سمعنا بحركة 5 تشرين الثاني / نوفمبر 1967م ولم تشارك فيها الشخصيات التي تأخرت في القاهرة، ولم يكن لدينا علم بالحركة رغم اللقاء مع القاضي في القاهرة، وكنا نبحث معه ماذا سنعمل في اليمن؟ وهو التفكير في حركة ما، ولا يمكن الخروج من دون رؤية، والتساؤلات كان الغرض منها الإشارة إلى هذه الحركة، لكننا لم نجد جواباً من القاضي إذ لم يكن لديه رؤية للمستقبل عنده، فهذا كان سبب تأخرنا في القاهرة.

وبعد عودة الإخوان إلى صنعاء علمنا أنهم التقوا المشير عبدالله السلال- الله يرحمه- في الحديدة، وكان في اللقاء نوع من دعاباته، مزح مع الجماعة الذين عادوا من القاهرة، وتحدث مع زملائه الذين كانوا معه، وقال لهم: هؤلاء جاءوا من هنا وهؤلاء من هنا ، وهو يعرف مواقف كل الجماعات منه ومن الوضع والأحداث، بعدها سمعنا بحركة 5 تشرين الثاني 1967م ولم يكن لنا شرف المشاركة فيها، على الرغم أننا من المؤيدين لها، بل كان تساؤلنا مع القاضي عبدالرحمن لكي نصل إلى هذه النقطة. . وأريد أن أذكر نقطة هامة من تاريخ اليمن وأحداثها المحزنة والمؤلمة حينما حدثت الاعتقالات والإعدامات، وممن أعدم العميد محمد الرعيني عضو مجلس قيادة الثورة ونائب رئيس الجمهورية وعبدالحميد الرياشي والشيخ علي محسن هارون وآخرون، وكذلك هادي عيسى وغيرهم.

والمرحوم محمد الرعيني- الله يرحمه- كان مرناً في تعامله مع كل الجهات المختلفة في معالجة الأحداث ومرونته وقدرته على التعامل مع الآخرين بمرونة فائقة جعلته يعتقد في نفسه أنه ما دام يتعامل مع الجميع وضد الاعتصام الذي حدث من الضباط في العرضي فإن موقفه سيكون مقبولاً عند القيادة المصرية ولدى رئيس الجمهورية المشير عبدالله السلال.

وبهذا التصور اعتقد أنه كان قادراً أن يقنع الآخرين برجاحة عقله وحسن تعامله وصبره مع رئيس الجمهورية، لكن هذه القدرة والمرونة لم تشفع له لدى القيادة العربية، لقد ذهبنا مع بعض الإخوان إلى بيته في شارع جمال، وطلبنا منه أن يذهب معنا إلى القاهرة ، وكذلك ذهب إليه الأخ علي أبو لحوم وأنذره وقال له:أنت مستهدف ولابد أن يقع لك شيء فعليك بالخروج إلى خمر، هذا الإنذار من الأخ علي أبو لحوم شيء فعليك بالخروج إلى خمر، هذا الإنذار من الأخ علي أبو لحوم كان بعد ذهابنا إلى القاهرة، هذا ما عرفته وسمعته من علي أبو لحوم وغيره ممن حضر الموقف وأكد له أن بقاءه في صنعاء سوف يضر به، وأن مرونته لن تشفع له ، لأن هناك قراراً بتحديد من معنا ومن علينا، كان الشهيد محمد الرعيني ضحية هذا الموقف،وهو الرجل الوطني الذي استطاع أن يكسب كثيراً من المغرر بهم إلى صف الجمهورية.

أما ما حدث للشهيد العميد هادي عيسى فقد كان متوقعاً أن يحدث، لأنه- يرحمه الله- كان معروفاً بانفعاله وتشدده في بعض المواقف وبخلافاته السابقة مع القيادة المصرية ومع المشير عبدالله السلال والمرحوم الشهيد العميد هادي عيسى شخصية وطنية ثائرة، هذا وما مارسه في ظل المرحلة الأولى من قيام الثورة لم يكن قراره وحده، ولم يقر الإعدامات، وبعد شهر من قيام الثورة كبرت مكانته وذاع صيته بأنه المنفذ لكثير من الإعدامات.

شهرة هادي عيسى

ربما بدأ ينفرد هادي عيسى بعد شهرين أو ثلاثة من قيام الثورة ببعض التصرفات التي لم أكن مطلعاً عليها، ولا أستطيع أن أشهد بذلك، لكن ما سمعته أنه كان يقوم بأعمال فردية أو باعتقالات فردية لبعض الشخصيات التي لا تستحق الاعتقال أو الإعدام، وكان يمنعه العميد حسين الدفعي من تلك التصرفات، ولقوة شخصية اللواء حسين الدفعي كان له تأثير كبير في هادي عيسى، فكان يوقفه، وكانت له مواقف خلافية مع المشير السلال ومشادات كثيرة حدثت في بيت المشير كما علمت فيما بعد، وكان يمارس في بعض الأحيان تصرفات فردية تسيء إلى النظام الجمهوري، وتسيء إلى القياديين، هذا ما اشتهر به في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ الثورة، وفي الفترة الأخيرة ابتعد عن ممارسة الأعمال الرسمية، وكان بعيداً عنا ، ولم يشارك في الأحداث الأخيرة وتطوراتها، وتوقف عند نقطة معينة.

لكن كانت الحملة عليه شديدة وكبيرة، وكان بعيداً عن الأحداث خاصة بعد مؤتمر خمر. . وغير صحيح ما قيل من أنه كان وراء قصف القيادة العربية، ولكنهم أشاعوا ذلك مبرراً لما عملوه، ولكي يوجهوا صدمة كهربائية إلى مجموعة من الشخصيات المعروفة وغير المعروفة، من أمثال الملازم محسن الرياشي، ضابط صغير ضحية، وضابط ممتاز ليس له ذنب ، بل لأنه كان مسؤولاً عن بوابة العرضي ويقوم بالواجبات خلال الاعتصام، وكذلك عبدالحميد الرياشي، والاهجري كان ملكياً وعاد إلى الصف الجمهوري، ومن التصرفات الخاطئة التي لن يغفرها التاريخ إعدام الشيخ علي محسن هارون ، شهيد ، ابن شهيد أبوه من ثوار 48 وهو شيخ مشايخ بني الحارث، أعدموه بلا مبرر، هذه المسرحية العبثية ليس لها مبرر، وكانت تصرفات هوجاء من غير محاكمات ، ولم يحدث شيء من هؤلاء الناس، والتهم التي عليهم لا يقبلها عقل ولا منطق ولا قانون ولا شرع ولا أخلاق ، وأساءت إلى النظام الجمهوري،ولكل القيم الأخلاقية، وللدور المصري، ولذلك اعتبر ما جرى نقطة سوداء وغلطة كبيرة وأفرغت السياسة المصرية من مصداقيتها وعدالتها في اليمن وفي المجتمع العربي والدولي.

اللقاء بالمشير السلال وتسليم الرئاسة طواعية

بعد أن وصل الإخوان إلى الحديدة التقوا بالمشير السلال، واتفقوا معه على صيغة جديدة بأن يتولى رئاسة الدولة القاضي عبدالرحمن الإرياني في أثناء غياب الرئيس، وقال لهم: إذا اردتم أن تعملوا انقلاباً اعملوه. . وقال لزملائه: هؤلاء جاؤوا من هنا وهؤلاء من هنا لن يتركوني، أو يدعوني، ثم قال : أنا مسافر إلى بغداد،وأنتم وما أردتم يا قاضي عبدالرحمن، يوجه كلامه إليه في حضور بعض الإخوان ومداعبة المشير معروفة، كان صاحب نكتة وصاحب دعابة في أحاديثه في أصعب المواقف، وأكثرها تعقيداً وخطورة خاصة في السنوات الأولى للثورة، لكنه كان متأكداً أن شيئاً ما سيحدث بعد مغادرته.

وبعد مغادرته عاد الجميع إلى صنعاء وهم مهيؤون نفسياً للحركة التقوا بالإخوان المشائخ أحمد علي المطري،وعبدالله الأحمر، وسنان أبو لحوم ، وأحمد عبدربه العواضي وغيرهم من رجالات القبائل الوطنية، وكذلك بعض الضباط والشخصيات السياسية الذين كانوا في خمر عادوا من بيروت ودمشق واتفقوا على الحركة.

ولقد سمعت أن المشير عبدالله السلال تكلم مع كثيرين وقال لهم: حافظوا على النظام الجمهوري الذي ضحينا من أجله واختلفنا من أجله، أوصى بهذا العواضي وغيره ، وكان لا يهمه منصبه، وكان صادقاً ومخلصاً لأنه رجل المواقف الصعبة وقائد الثورة وبطلها ورئيسها، كل همه وغايته الحفاظ على النظام الجمهوري وبقاء الثورة شامخة برجالها وأبطالها. . في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1967م قامت حركة بيضاء تجمع كل اليمنيين وتجمع الشخصيات الموجودة في الخارج والداخل، وتضمد جراح الماضي، وكانت حركة مباركة باركناها وباركها كل يمني، ولولاها لما ثبت النظام الجمهوري في مواجهة الأعداء.

 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد