بقلم :ممدوح طه
عدما تعود العرب إبان عهد الاتحاد السوفييتي على دور روسي قوي داعم لقضايا التحرر العربي ضد اعتداءات إسرائيل، وعلى موقف روسي حازم ضد اعتداءات إسرائيل، خاصة إبان العدوان الثلاثي على مصر عام 56 إلى الحد الذي وجه فيه رسالة تهديد غير مسبوقة للقادة الصهاينة «مطالباً بانسحابها من سيناء وإلا سوى إسرائيل بالأرض»، وذلك بعد أن وجه إنذاراً مماثلاً بمطالبة انجلترا وفرنسا بوقف العدوان والانسحاب من قناة السويس وإلا ضرب لندن وباريس بالصواريخ الروسية!!
وهو الموقف ذاته الذي وقفه الاتحاد السوفييتي وتحمل العبء الأكبر في إعادة تسليح وتدريب الجيشين المصري والسوري، حتى أصبح أكثر ما أثار قلق الغرب هو أن الانتصار العسكري الذي تحقق في أكتوبر 73 كان انتصاراً للسلاح السوفييتي على السلاح الأميركي.
تساءل العرب الذين لا يريدون دوراً أميركياً أو أوروبياً منفرداً في غياب دور روسي ودور صيني.. لماذا خفت الصوت الروسي في إدانة إسرائيل والتصدي للعدوان الصهيوني الإجرامي على غزة، وفيما علا الصوت التركي والفنزويلي والجنوب إفريقي والإيراني والبوليفي إبان العدوان الصهيوني الإجرامي على غزة، لم يخرج الموقف الروسي عن الموقف الأوروبي التابع للموقف الأميركي أو بإطار المواقف الرباعية الدولية التي تفرض من الشروط على الفلسطينيين ما يبدو منحازاً إلى إسرائيل بما لا تقبله بعض العواصم العربية ولا قوى المقاومة الفلسطينية.
لكن الذين تساءلوا عن الدور الروسي التقليدي لم يسائلوا أنفسهم عن مدى تقصيرهم في حق أنفسهم بالتنائي عن الأصدقاء والتقرب إلى الأعداء، واستبعاد الدور الروسي ووضع ملف القضية في أيدي الإدارة الأميركية الحليفة الاستراتيجية لإسرائيل، وهرولوا إلى أنابوليس وتباطأوا في الذهاب إلى موسكو بحثاً عن السلام الموهوم مع عدو لا يريد السلام ولا يستعمل سوى لغة القوة.
وهذا الموقف الروسي الجديد فيما بعد الاتحاد السوفييتي هو ما أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بتطابق مواقف روسيا والاتحاد الأوروبي تقريباً تجاه قضية التسوية السلمية في الشرق الأوسط. منوهاً لافروف بأن الهدف من عقد المؤتمر الجديد الخاص بالشرق الأوسط يتمثل في تهيئة الظروف لاستئناف عملية السلام التي أوقفتها العملية الحربية.
فيما أكد أن «الاتحاد الأوروبي وروسيا يقفان مواقف متطابقة في إطار اللجنة الرباعية للشرق الأوسط. وأن الجانبين متفقان على ضرورة دعم الجهود التي تبذلها مصر لتحقيق هدنة راسخة وتجنب اندلاع موجات عنف جديدة في قطاع غزة، وإعادة إعمار القطاع». وهو تقريباً ذات الموقف الأميركي، فلما السباق إذن؟!
وفى جولته الأخيرة إلى المنطقة أكد لافروف ضرورة مواصلة تل أبيب جهود التوصل إلى سلام في المنطقة عبر مؤتمر موسكو، الوجه الثاني لأنابوليس الذي لم يفضي إلى شيء سوى المزيد من العدوان والإجرام والإرهاب الصهيوني، وبينما أشار إلى أنه لن تتم دعوة حركتي حماس وحزب الله إلى مؤتمر موسكو الخاص بالشرق الأوسط.
أكد أن موسكو لم توقف اتصالاتها مع حركة حماس» وإنما على العكس تواصلها الآن «وأن هذه الاتصالات تتواصل من أجل ضمان نجاح لقاء القاهرة للحوار الفلسطيني المقبل. قال لافروف في رام الله: لقد أثبت الزمن أننا كنا على حق عندما واصلنا الاتصالات مع حركة «حماس». ويعترف الكثيرون في العالم الآن بأن عزل «حماس» لا جدوى منه».