بقلم / أحمد عرابي
هل يصمد «اتفاق بناء الثقة وحسن النوايا» الذي وقعت عليه كل من حكومة السودان و«حركة العدل والمساواة» الدارفورية في الدوحة؟ لمعرفة إجابة قاطعة وحاسمة عن هذا السؤال فعلينا أن ننتظر صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن طلب مدعي عام المحكمة لويس أوكامبو بتوقيف رئيس الجمهورية السودانية عمر البشير، فإذا جاء قرار المحكمة بالموافقة على طلب المدعي العام، فإن موقفاً جديداً تماماً سيفرض نفسه.
وأغلب الظن أن السمة الأبرز لذلك الموقف ستكون تراجع الحركة الدارفورية المسلحة عن اتفاق الدوحة. شيء من هذا القبيل ظهر بالفعل خلال أيام التفاوض بين وفد الحكومة السودانية ووفد «العدل والمساواة» بوساطة قطرية ومشاركة جبريل سولي الوسيط المشترك بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي حين انطلقت إشاعة قوية تناقلتها وسائل الإعلام الغربية العالمية بأن قضاة المحكمة الجنائية الدولية توصلوا فعلاً إلى قرار بتوقيف الرئيس السوداني وتوجيه اتهامات إليه بارتكاب جرائم حرب في دارفور وجرائم ضد الإنسانية.
على الفور وعلى خلفية العملية التفاوضية في الدوحة تحدث قائد الحركة الدارفورية خليل إبراهيم إلى مؤتمر صحفي معلناً اغتباطه ب «الخبر» ومتوعداً بأن الحركة ستقوم بملاحقة الرئيس البشير لاعتقاله وتسليمه إلى مقر المحكمة الدولية في لاهاي. من فرط تعجله لم يتريث قائد الحركة للاستيثاق من أمر الإشاعة، بذلك تأكد أن «العدل والمساواة» تراهن على تحرك دولي ضد السودان ونظامه الحاكم أكثر من مراهنتها على وساطة خارجية لإحلال السلام في دارفور.
الاتفاق الذي جرى التوقيع عليه في الدوحة إجراء أولي يهدف من ناحية إلى تسهيل وصول الإغاثة إلى معسكرات اللاجئين في الإقليم ومساعدتهم في العودة إلى قراهم ومدنهم بما يتطلب تهدئة في الاقتتال، ويهدف من ناحية أخرى إلى ترتيب عملية لتبادل المساجين والمعتقلين، وقد حدد للتنفيذ مدة أسبوعين أو أكثر قليلاً يجتمع بعدها الطرفان للتفاوض حول «اتفاق إطاري» يفضي إلى مفاوضات مفصلة حول القضايا الجذرية وفي مقدمتها مسألة اقتسام السلطة والثروة بين إقليم دارفور والحكومة المركزية.
ووفقاً لاتفاق «النوايا» فان على الطرفين ان يتوصلا إلى اتفاق السلام النهائي في غضون ثلاثة شهور. والسؤال الذي يطرح هو: إلى أي مدى تمثل «حركة العدل والمساواة» أهل إقليم دارفور بالكامل؟ رغم أنها الحركة الأقوى بين الحركات الدارفورية إلا أنها لا تمثل سوى القبائل الإفريقية في الإقليم الذي يشتمل أيضاً على قبائل عربية. ربما يتم تصحيح هذا الخلل التمثيلي لاحقاً ولكن إذا صدر قرار سالب في المحكمة الدولية في هذه الأثناء فانه قد ينسف العملية السلمية برمتها. <