يحي أبوزكريا
وكنت تقولين لي :
أبو الطيب المتنبي أولى من البطاطا
والبحتري أولى من الباذنجان
و الزمخشري أولى من الكمثرّى
و الزجّاج أولى من الفجل
و أبو الأسود الدؤلي أولى من الشمّام
و صاحب صناعة الإنشاء أولى من المحشّى
والقرطبي أولى من الباقلاوة
و أبو الشمقمق أولى من الفستق
و الفارابي أولى من البصل
و إبن سينا ذو الصيت أولى من الزيت
و الأفغاني أولى من الرمّان
و العقّاد أولى من الجمبري و الجراد
و إبن زيدون أولى من الزيتون
ووشكرا لك أماه ،فأنا مدين لك بكل حرف تعلمته ،وبكل كتاب قرأته ،وبكل عبارة إستوعبتها و كل علم تفتّق ذهني عليه ،وكل فكر صاغ شخصيتي ,,,
لكن يا أمّاه ،يا مهجتي وناصيتي ،عندما حان وقت سداد الدين و تعويضك عن سنوات الجمر و الصعاب ،فرقّوا بيننا .
و لن أقول أبدا وداعا ،و تاللّه لن أقول وداعا ،فإمّا لقاء قريب ،و لن يكون شيئ آخر ،وكل حياتي أصبحت محطة إنتظار ،محطة يعود فيه الفرع إلى الأصل ،و الجزء إلى الكل ،و الروح إلى الجسد ،و الرؤية إلى البصر ووووووووووووووووووووووووو.
و إذا شاء الله و ألحقك بالرفيق الأعلى قبلي ،فأبشرّك بأن روحي ستفيض بعدك مباشرة ،وعندها نلتقي عند ربّ العالمين و سوف يجمع بيننا في دار الخلد ،في دار لا ظلم فيها ولا إستبداد ،وسوف يقتصّ من كل ظالم فرقّ بين أم وإبنها .
أما إذا فارقت أنا الحياة قبلك أمّاه ،فساعدك الله ،وساعدني ،وشكرا لك على كل شيئ ،و سأظلّ أقبّل قدميك كما كنت أفعل دائما إلى أن ألقى الله تعالى .
أتذكرين عندما كنت أطرحك أرضا وأقبّل قدميك ،فعلتها رضيعا وطفلا و فتيّا وكهلا ،و حتى لما تقدمّ بي العمر ما زلت أقبل قدميك قدميك .
وكنت أقول لإخوتي إشهدوا لي أمام الله أنني كنت أقبّل قدمي أمي يوميا ،وكنت لا تقبلين مني هذا الفعل و كنت تنهرين عن ذلك ،بحجة أنني كبير في السنّ و الموقع الإعلامي و الثقافي ،وكنت تقولين لا يجب عليك القيام بهذا بذلك .
و كنت أقول لك : يا أماه دعيني قرب جنّتي ،فقد يأتي عليّ يوم لا أستطيع فيه تقبيل قدم من سعى لتكويني و تربيتي ،و كنت أقول لك أماه رجاءا لا تحرميني من الجنة ،فالجنة غالية وهي تحت قدميك ،و ما زالت هذه الجنّة تحت قدميك ،و أنا بعيد عنك و عن الجنة ،ولذلك دعيني أقول لك : لقد قتلتني جهنم الأحزان وسقر الفراق ،ولظى العذابات يا أعذب ما في الوجود ،و أصدق من أحبّ و أقدس من وطأ البسيطة ،يا أمّاه .
و إلى لقاء قريب ........................................إبنك يحي أبوزكريا.<