بقلم :احمد عمرابي
في سياق تحقيق صحافي مطول لاحظت مجلة «الاكونومست» البريطانية أن هناك تطورات تؤشر إلى بداية تحول في تعاطف الرأي العام الأميركي مع إسرائيل، إنها ملاحظة جديرة بالتتبع والتقصي. ابتداءً تقر المجلة بأن غالبية الأميركيين مازالوا يؤيدون إسرائيل في تصميمها «للدفاع عن نفسها».
وتقول إنه وفقاً لأحدث استطلاعات للرأي فان أربعة من كل خمسة مواطنين أميركيين يتعاطفون مع الدولة اليهودية .وان جماعة «المسيحيين الانجيليين» النافذة دينياً لا تزال تعتقد أن دولة إسرائيل قامت بناءً على وعد إلهي لتسيطر تماماً على «الأرض المقدسة»، ولكن سرعان ما تستدرك «الاكونومست» لتقول للقارئ: دقق النظر في تفاصيل نتائج الاستطلاعات لترى تحولاً في المواقف الأميركية خاصة وسط صفوف «الحزب الديمقراطي» وبين شباب اليهود الأميركيين.
هناك بداية فجوة بين «الديمقراطيين» والجمهوريين فيما يتعلق بتأييد إسرائيل. على أن أكثر ما يجتذب الانتباه قيام جماعة جديدة تعلن عن نفسها بأنها إذ تدعم إسرائيل فإنها أيضاً تدعم «السلام» وبالتالي فإنها تنادي بأن يفسح المجال في الولايات المتحدة لوجهة النظر الفلسطينية، هذه الجماعة الجديدة تعارض علناً «أيباك»: التنظيم المظلي الذي يجمع المنظمات اليهودية الصهيونية في الولايات المتحدة..
بقدر ما تعارض الجماعات اليهودية الأخرى التي ظلت تؤيد إسرائيل على طول الخط انطلاقاً من مشاعر تعصبية. الجماعة الجديدة تمارس معظم نشاطها في أروقة الكونغرس وبدأت تحقق مكاسب في جهودها لاجتذاب أعضاء في كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ لدعم آرائها وتحركاتها.
وضمن هذه الجهود فان قيادة الجماعة بلغت بها الجسارة السياسية حد دعوة أعضاء الكونغرس وغيرهم من المسؤولين الأميركيين إلى الانفتاح على حركة «حماس»، وتنقد الجماعة في أدبياتها تنظيم أيباك المظلي قائلة بمنتهى الصراحة إن هذا التنظيم قد أضر بأمن إسرائيل.. من حيث إنه شجع الدولة اليهودية على ممارسة سياسات لن تقود إلى السلام مع الشعب الفلسطيني.
مجلة «الاكونومست» تعتبر لسان حال الشرائح الرأسمالية الحاكمة في الغرب والموالية عموماً للحركة اليهودية العالمية. ومن هذا المنظور فان تقريرها يكتسب مصداقية إخبارية لا يستهان بها، لكن لماذا هذا التحول في المسرح السياسي الأميركي.. رغم انه مجرد بداية لم تتخذ زخماً بعد؟ أغلب الظن أن التحول هو أحد الإفرازات وردود الفعل الناشئة عن الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بالاقتصاد الأميركي. فقد تكشف أن السبب الرئيسي لانفجار الأزمة المسلك اللا مسؤول لكبرى المؤسسات المالية الأميركية.
خاصة في القطاع المصرفي وقطاع البورصات التي يملكها يهود أفراد أو مؤسسات يهودية، لذا سيكون السؤال التالي في أوساط الرأي العام الأميركي هو: لماذا تواصل الولايات المتحدة وهي على شفا الإفلاس تمويل الدولة اليهودية بسخاء.<
