محمد أمين الداهية
العالم اليوم يعيش أزمات خانقة متعددة وكأن مرحلة الحرب الباردة قد انتهت وبدأ التمهيد بشكل سريع لاقتحام العالم في خوض حرب عالمية لا تقل ضراوة عن الحرب العالمية الأولى والثانية، احتدام الصراعات السياسية بين دول العالم طغى على الأزمات العالمية الأخرى وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية تسعى الدول الكبرى وعبر تنافس شديد إلى التهافت على الدول النامية أو ما يسمى بدول العالم الثالث لجعل هذه الدول تحت السيطرة التامة أما بالاحتلال واستخدام العنف، أو بكسب ود الدول الأخرى من دول العالم الثالث، وكل الأساليب تعتبر إنجازاً وانتصاراً، ولكن إذا كانت دول العالم الثالث ترى في سياساتها ضرورة الحياد المائل عليها فمثلاً الشعب الفلسطيني والذي لا يمكن أن تكسر قيود الجلادين المحكمة على أرض فلسطين وشعبها ما لم يكن هناك توافق عربي قوي على القضية الفلسطينية وبالتحديد وهو الأهم وحدة الصف الفلسطيني المنعدمة والتي بعثت في بعض الدول العربية نوعاً من التهاون واللامبالاة بالقضية الأم للوطن الفلسطيني، فإذا لم يكن هناك وفاق فلسطيني فمن المستحيل أن نجد وفاقاً عربياً في ظل هذه الظروف والعولمة المفروضة على دول العالم، والتي لاقت كل الترحاب وبالأخص من الدول العربية والتي بدأت عبر بعض العناصر السيئة فيها إلى مجاراة العالم والتوحد معه في مشروع أمركة العالم وأول هذه العناصر المساندة لهذا المشروع وللأسف الشديد بعض الإعلام العربي والذي يكاد أن يقضي على الهوية العربية وقضايا الأمة عموماً، الشعب العراقي الآن ورغم بشائر وسائل الإعلام في إطار مستقبل العراق إلا أن الحقيقة غير ذلك، فاحتلال العراق كان مشروعاً ظلت أميركا تحلم بتحقيقه عقوداً من الزمن، والأطماع الأميركية التي تتصارع مع أطماع أخرى حول ثروات العراق وعلى رأسها النفطية لا يمكن أن تتنازل عنها أميركا أبداً وسيحتدم الصراع حولها حتى تنكشف الأقنعة وتظهر الحقيقة بكل وضوح وسترينا الأيام مستقبل العراق الواعد، المهم أن سياسات الدول العظمى تقوم على عاتق الدول النامية، والأهم من ذلك أن الدول العربية في الآونة الأخيرة قد ظهرت هزيلة جداً وأثبتت أنها عاجزةً تماماً عن أن تكون واجهة قوية لها أثرها تجاه قضايا الأمة العربية، أما الدول العظمى المنهارة اقتصادياً والمستعدة لجر هذا العالم إلى هاويتها في سبيل الخروج من هذا المأزق ولو كلف الأمر ذلك اقتحام العالم فيما لا يريد خوضه فنتائج سياساتها ستظهر قريباً.