نبيل مصطفى الدفعي
لا أحد ينكر أن الشباب هم المستقبل وعلى أكتافهم سيمضي الوطن إلى الأمام بأمان وتطور، فالشباب يضحون بلا حدود في الحروب، وفي أوقات السلم هم الذين يشقون الطرق ويعمرون المباني والجسور والأنفاق، وهم من شيد الحضارة اليمنية وقد تعلقوا بالأمل في الخلود فشقوا طريقهم بين الصخور وعمروا ووسعوا المباني والطرقات وعبدوا طريقنا إلى المستقبل في كل مكان من الوطن دون أن يطلبوا من الكبار مقابل تضحياتهم، ففي أوقات الحروب يضحي الشباب لترصع صدور الكبار بالنياشين وأكاليل الورود، وفي أوقات السلم يقيمون العمران ليعيش الكبار في القصور.
والمفترض أن شباب المجتمعات يعتبرون ميزة لها حيث من شأنه أن يدفع في شرايين المجتمع دماء جديدة وفي أوصاله طاقات متجددة وفي عقله الجمعي أفكاراً طازجة ومتدفقة، وفي وجدانه جراءة تعينه على مواجهة التحديات والتغلب عليها وعبورها، ولكن الحال عندنا كما هو عند سوانا من المجتمعات المتخلفة على خلاف هذا، بل على نقيضه ولأسباب عديدة، ولعل من أبرزها هو أن حكومتنا أو أن أولي الأمر فينا يتميزون بنظرة تعتبر الأجيال الجديدة عبئاً يتلخص في أفواه تطلب الطعام وليس في طاقات تجدد حيوية المجتمع وتضيف إليه، وربما يجد أصحاب هذه النظرة مبرراً لها في نظرات اقتصادية إحصائية شائعة في البلدان المتقدمة ولكن تلك النظرات الاقتصادية الإحصائية الشائعة هناك تتحدث في الحقيقة عن مجتمع فعال وشغال.. أما عندنا فالأخطر في نظرية "الأفواه" والنظرة المعدية إلى المجتمع هو ما يكاد يكون نقيض نظرية معدل الإعالة رغم أن من ملامح المجتمع اليمني أنه مجتمع شاب فهو لا يكاد يكون فيه مكان إلا للشيوح حتى أنه ينظر إلى من تجاوز عمرهم نصف قرن من الزمان على أنهم "شباب" أما من هم دون هذا العمر المتوسط وهو بالأحرى العمر المتقدم فهم مجرد عيال.. فهل بوسع مجتمع هذه مقاييسه أن يتجرا على التجريد وأن تكون له شجاعة اقتحام مجالات عديدة؟
هل يمكن أن يكون مجتمعاً ينظر إلى الوراء يستمد إلهامه من الماضي ويتقدم نحوه؟
* * *
سلاح العاجز
اللؤم والخبث سلاحان يتخفى وراءها العاجز، إنهما سلاحاه يشهرهما في وجوه الآخرين ليحصل على ما يريد، أما الواثق من نفسه ومن قيمته فلا يتعامل مع اللؤم والخبث والله من وراء القصد.