محمد ناصر الحزمي
قبل أشهر قليلة أثار الإعلام في بلادنا قضية نجود التي تزوجت في سن مبكرة وجعل منها قضية عالمية حتى وصل الأمر إلى أن استضيفت هذه الفتاة في أميركا ومنحت جائزة امرأة العام مع أنها فقط سلمت نفسها لمن أراد أن يسترزق منها ومن أراد أن يشتهر على حسابها وانتهى المطاف بنجود وأهلها إلى خلاف حاد مع محاميتها على الدولارات التي استلمتها من أميركا حتى وصل إلى المحاكم. . هذا ما بثته وسائل الإعلام، أما أميركا والغرب فقد وظف الحدث لمأربه الأخرى فجعل منه بداية لحملة على الزواج المبكر العفة المبكرة في بلادنا هذا الأمر ليس من باب التجني فيوم أمس سألتني مراسلة "CNN" أثناء مقابلة معي قائلة: هل أثرت قضية نجود على الرأي العام وعلى مجلس النواب حتى أصدر قراراً بمنع الزواج المبكر؟ فعلاً تحول الإعلام الذي أثار قضية نجود مع أن هناك قضايا أخرى تشبهها ومع هذا فهي حالات فردية وليست ظاهرة كما يصورها البعض أنا وغيري لا يرضى أن تتزوج الفتاة حتى تنضج عقلياً وفسيولوجياً وتعرف ما هي متطلبات وتبعات الحياة الزوجية، ولكننا نختلف في مسألة هل النضوج يتحدد بالسن أم يتحدد بالواقع حسب البيئة والأسرة، ومع هذا فقد اجتهد علماؤنا في لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية في مجلس النواب إلى جعل السن "15 عاماً" فأقول تحول الإعلام إلى الهجوم على الزواج المبكر بدلاً من الهجوم على الجهل المخيم على الآباء والأمهات والمجتمع بأسره حتى وصل ببعضهم إلى شتم العلماء والمعارضين لهذا التوجه بكلمات لا تدل على أخلاق وفكر راق بقدر ما تدل على انحطاط في الخطاب، لتستغله المنظمات العاملة مع الغرب بقصد أو بغير قصد للهجوم على قوانين الأحوال الشخصية والتي تستمد من أحكام الشريعة الإسلامية منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم فبدأوا اليوم بالهجوم على الزواج المبكر ومحاولة منعه ثم سيأتي دور تعدد الزوجات ثم المطالبة بالمساواة في الميراث بين المرأة والرجل وغيرها، ولنا في بعض الدول العربية التي تعلمنت خير دليل، قضية نجود صنع منها هالة إعلامية لما بعدها، واستغلال الوهن الذي يدثرنا والخلاف الذي يمزقنا، ثم تعالوا بنا إلى قضية مقابلة لقضية نجود إنها قضية بريستول "17 عاماً" ابنة سارة بالين نائبة المرشح الأميركي للرئاسة جون مكين والتي اتضح أنها حامل من غير زواج وقالت أمها في تصريح أعلنته إذاعة "سوا" نحن فخوران بقرار بريستول إنجاب الطفل وفخوران أكثر بأننا سنصبح جدين، وأضافت بالين وزوجها أن بريستول والشاب الذي ستتزوجه سيحصلان على حب العائلة بأسرها ودعمها، طالبين من وسائل الإعلام احترام حياتهما الخاصة. أليست هذه القضية أولى بأن يثار الزنا المبكر بدلاً من إثارة الزواج المبكر؟ هذه المسؤولة تطالب باحترام خصوصية عشيق وعشيقته فلماذا لا نطالبهم باحترام خصوصيتنا وثقافتنا التي أرادوا أن يتدخلوا في كل شيء في حياتنا؟ والقضية الجديدة قضية ألفي "13 عاماً" وشانتيل "15 عاماً" البريطانين اللذان أنجبا طفلا "ميسي" من الزنا وقال دينيس باتين "45 عاماً" والد ألفي "إن ابنه ملتزم تماماً بواجباته الأبوية الجديدة" وغيرها من القضايا التي تستحق الوقوف عندها بدلاً من إشغال أنفسهم بنا وادعوا المتحمسين لمنع الزواج المبكر العفة المبكرة أن يراجعوا أنفسهم من خلال هذه المفارقات العجيبة التي يعيشها الغرب المصدر الوحيد لثقافة الانحطاط، ماذا لو كنا نحن المبادرين بالهجوم على الغرب الذي يمنع الزواج ويبيح الزنا، مستغلين الأرقام المذهلة للرق الجنسي والرائجة في الغرب؟ لن نستطيع لأننا ضعاف وهم الأقوياء، ثم ما هو الفرق عند منظمات المجتمع المدني في العالم بين أن تحمل صغيرة السن من الزواج أو تحمل من الزنا؟ إذا كانوا دعاة حقوق كما يزعمون هل سأل دعاة منع الزواج المبكر أنفسهم لماذا لم تثر في الغرب هذه الحالات اللا أخلاقية؟ ولماذا لا تكون هذه المنظمات العاملة في بلادنا متبنية لمثل هذه القضايا وتحمل إلى الغرب ثقافتنا بدلاً أن تحمل إلينا ثقافتهم؟ أم أن المسألة تجارة أم تغريب فكري، أم غفلة إيمانية؟ نسأل الله لنا ولجميع المسلمين الهداية وسلامة الطريق وإلى لقاء آخر إن شاء الله.