كروان عبد الهادي الشرجبي
قد نضطر إلى القيام بأفعال لا نريدها ونتبنى آراءً لا نؤمن بها حقيقة، ونقول أشياء لسنا مقتنعين بها فقط لكي تتجنب كلام الناس.
وقد نلجأ إلى تلوين الحقائق واختلاق أكاذيب دفاعية نحصن بها أنفسنا من أقاويل الناس التي تنهش لحمنا وسيرتنا من دون رحمة، بل قد نضبط حياتنا ونبرمج قراراتنا بما يجنبنا كلام الناس.
فإذا كان كلام الناس لا يقدم ولا يؤخر كما يفترض، فلماذا نعمل له حساب؟
أحياناً يطعننا كلام الناس كخنجر يجرحنا ويدمينا فنوشك على الموت دون أن نسلم الروح
إن حياتنا اليومية مليئة بالعديد من القصص والأفعال لأن حياتنا مرتبطة بعلاقات إنسانية واجتماعية مع أناس آخرين لذلك نحن دائماً في مواجهة مستمرة مع منغصات كلامية تحمل في طياتها تأثيراً أحد من السيف.
لذا نجد من يقع ضحية لأنه يقيم لكلام الناس وزناً فمثلاً أنا أعرف شابة مثقفة وذات أخلاق عالية لا أقول ذلك تجميلاً لها ولكنها الحقيقة فهي على قدر عال من الأخلاق فهذه المسكينة لم تكن تظن أن طلاق والدتها سيتحول إلى شبح يطاردها ويلاحقها أينما حلت ولم تكن تعتقد أن كلام الناس سيصل إلى حد المساس بالسمعة.
إن المسألة في ظاهرها قد لا تحمل ملامح مشكلة ولكن طلاق والدتها في أعين الناس كان فضيحة ولم تسلم هي منها على اعتبار أن والدتها طلبت الطلاق "لتدور على حل شعرها" وبالتالي تلك الفتاة لن تجد من يراقبها وسوف تسلك طريق والدتها انطلاقاً من المثل القائل " إقلب الجرة على فمها تطلع البنت لأمها" ولم يكن يخطر على بال تلك المسكينة أن كلام الناس سيباعد بينها وبين حلمها فحين تقدم لها شاباً للزواج منها تطوع أكثر من فاعل خير لينقذه من الوقوع في شرك ابنة "المطلقة سيئة السمعة" لأنها بنظرهم تعيش بلا رقيب وهنا لم يتحمل ذاك الشاب ما سمعه وسمعه أسرته فولى هارباً دون عودة.
إذن كلام الناس هل يؤثر أم لا؟ طبعاً يؤثر فنحن نخطئ حين نقول أن كلام الناس لا يؤثر فينا فكلام الناس يقدم ويؤخر مما يجعل العديد من الناس يسلكون سلوكيات وهم ليسوا مقتنعين بها فالبعض يلجأ إلى الكذب باعتباره طوق نجاة قد ينقذ أحدهم من ورطة أو مأزق لا مخرج منه إلا عن طريق خلق أكذوبة لدفع كلام الناس.
فكلام الناس إذن هو الذي يصنع سمعة الفرد وهو الذي يدمرها سواء كان بالنسبة إلى الرجل أم المرأة إلا أن أثره يكون أشد وطأة على المرأة منه على الرجل.
KARAWAN2001@HOTMAIL.COM