;

أوراق من ذكرياتي ..الحلقة «28» 1183

2009-02-28 04:45:29

الهدف حزبي

حاول البعض استغلال الأحداث الطائفية، وهي ليست طائفية، والتأكيد على ذلك أن معظم الوحدات العسكرية في الأسلحة المختلفة من كل أبناء اليمن ليس فيها فرز طائفي، معظم الجنود والضباط من المحافظات الجنوبية بما في ذلك سلاح المدرعات، والفرز ليس له أساس من الصحة.

لقد تكلم المرحوم الشيخ محمد علي عثمان عضو المجلس الجمهوري وقال لهم : أنتم مغفلون، وارتكبتم خطأ فادحاً، وهذا التصرف لا نقبله.. أنتم مخطئون، ثلث الحكومة من تعز، وليس هناك فرز طائفي. الخلاف حزبي، مسيس مرتبط بحركة القوميين في عدن .

ويومها كان للبعثيين قوى سياسية في المؤسسات المدنية، وكان وجودهم في القوات المسلحة محدوداً جداً، وهم يمثلون التيار الوطني الجمهوري المؤمن بواقع اليمن، وكانوا أكثر قرباً للقوى الوطنية ولهم مواقفهم الشجاعة ضد التطرف والنعرات الطائفية.

وما نسب إلى الفريق حسن العمري من كلام لمغرضين حاولوا أن يشوهوا به موقف زعيم وطني بحجم الفريق العمري غير صحيح، ويقيني لم يحدث منه ما يسيء، وإنما حاولوا أن يسيئوا إليه، ويستغلوا أي عبارة يقولها شخص بحسن نية أو بمزحة- يحاولوا أن يصوروها موقفاً، وهذا كلام لم يصدر من الفريق ، الذي عّين عبدالرقيب رئيساً للأركان وزملاءه قادة أسلحة، وكان يميل إلى الإخوة أبناء محافظي تعز وإب والحديدة أكثر مما يميل لأصحاب الحداء، ولم يتعامل مع إخوانه أبناء قبيلة الحداء الذين هم من قبيلته ولا يقبل أهل صنعاء الذين عاش بينهم وهو منهم، ويتكلم على المشائخ الشماليين -إذا جاز التعبير- بقسوة لا حدود لها ويراعي مشائخ وأبناء المحافظات الجنوبية، وكذلك القاضي عبدالرحمن الإرياني سكنه وأهله وصداقته وحياته في تعز، ولولا تلاحم الشعب اليمني وإيمانه بوحدته الوطنية قبل الثورة وبعدها لما انتصر النظام الجمهوري، ولما انتهى الحكم الإمامي إلى الأبد.

وعلينا أن نذكر أن ما حدث لمشائخ محافظة تعز من عبدالله عبدالعالم وجماعته كان نتيجة لمواقفهم الوطنية مع النظام، وكذلك موقفهم ضد العناصر الحاقدة والمريضة، كان المتطرفون ينظرون إلى مشائخ تعز وتجارها على أنهم رجعيون، ويجب التخلص منهم، كما كان مطلبهم أن يتخلصوا من مشائخ الشمال ، وهذا ما يؤكد أن الصراع سياسي، وليس له علاقة بالشمال والجنوب. والمواطنون في تعز وإب والحديدة كغيرهم من المواطنين الشرفاء في جميع محافظات الجمهورية، مع الدولة والنظام والاستقرار.

وكان الفريق حسن العمري يلتقي دائماً بأبناء محافظة تعز، ويشاورهم في كل ما يهم الوطن والمواطن، لأن واجبه أن يكون في خدمة أمته ووطنه.

ولم يكن هناك فرز من أي نوع .. والمشهد المحزن المؤلم تمثل بلقائنا بالقصر الجمهوري في صنعاء، الجانب المنضبط مع الدولة والجانب المتمرد ضد الدولة، وهذه قصة مؤلمة وتحتاج وقتاً للحديث حولها، فقد وجدنا أنفسنا أننا لم نكن مختلفين على شيء بعد صدور القرار بإخراجنا إلى الجزائر من قبل القيادة السياسية ممثلة في القاضي عبدالرحمن الإرياني والفريق حسن العمري وغيرهم من السياسيين الذين وجدوا أن خروج الضباط إلى الخارج هو الحل، وأصبح الجميع ضحية الموقف.

المشهد الأخير من اللقاء حضره رئيس المجلس الجمهوري والفريق حسن العمري والدكتور محمد سعيد العطار واللواء حمود الجائفي وكل الضباط الذين تقرر ذهابهم إلى الجزائر ، وهم قادة القوات المسلحة ومنهم: حسين الدفعي، علي سيف الخولاني ، حميد العذري، حسين المسوري ،عبدالرقيب عبدالوهاب ، حمود ناجي ، عبدالواسع سعيد، عز الدين المؤذن ، حمود بيدر، علي الضبعي ، محمد عبدالخالق، عبدالله الراعي، علي محمد هاشم، محمد الآنسي، سلطان القرشي، يحيى الكحلاني، عبد الرقيب الحربي ، علي أحمد الجبري، محمد محرم، محمد أحمد سعيد، وعددهم 22 ضابطاً من قادة الجيش اليمني.

الجميع نادمون

في أثناء اللقاء بالقصر الجمهوري شعر الجميع بالمأساة، والجانب المتهور شعر بالندم أكثر ، لأنهم واجهوا الدولة وزملاءهم، وحينما أتكلم على الجانب الذي كان مع الدولة أوضح أن هذا الجانب لم يكن مستعدياً لأحد، ولم يتخذ القرار بالقتال، وأحسسنا بأن المأساة وقت علينا جميعاً، وأصبحنا متساوين مع الذين ضربوا مؤسسات الدولة وخرقوا النظام والقانون، وأصبحنا جميعاً في قرار واحد، هو مغادرة البلاد إلى الجزائر، ويعد هذا نفياً إجبارياً.

لقد حصل عتاب شديد فيما بيننا، وعاتب بعضنا بعضاً، وعاتبت أنا كثيراً منهم من الذين أعرفهم ولي علاقة أخوية بهم منهم عبدالرقيب عبدالوهاب الضابط الشجاع المهذب الذي انجر بسذاجة إلى تلك المواقف المؤلمة.

سألت الأخ عبدالرقيب وقلت له: لماذا هذه المأساة التي عملتها يا عبدالرقيب؟ سألته وقلبي يقطر دماً على الوضع الذي وصلنا إليه. وكررت السؤال وقلت: يا عبدالرقيب ما السبب الذي أوصلنا إلى هذا؟ هل ما عملناه يخدم الوطن ؟ الآن نحن في القصر الجمهوري لنسمع قرار النفي من وطننا ومهندس القرار بالنفي الإجباري، الدكتور محمد سعيد العطار لكونه يعرف الجزائر والمسؤولين فيها، ونحن في تلك الأيام نصدق من يعرف الخارج، فالعطار ثقافته فرنسية وله علاقة جيدة مع الجزائريين بحكم موقعه في الحكومة، واعتقدنا أن وضعنا في الجزائر سيكون لائقاً ولن يطول كثيراً، بحسب ما سمعنا من القيادة السياسية ومن الدكتور محمد سعيد العطار.

لقد صدقنا الدكتور العطار بأننا سنذهب إلى الجزائر، وسنكون في ضيافة ومحل تقدير من الحكومة الجزائرية، وقبلنا بهذا الرأي تنازلاً لسلامة الوطن، وهذا الموقف الوطني استغل استغلالاً سياسياً، هندس له الدكتور العطار مع عدد من زملائه وصوروه بأنه صراع بين الضباط، وأنه حل للإشكال، يجب أن نغادر البلاد جميعاً ريثما يتم ترتيب الأوضاع، ونحن بكل سذاجة صدقنا أن الذهاب مؤقت وأنه سيكون في وضع لائق، ولو عرفنا أن القضية ستتحول إلى ما صارت إليه، لكان لنا موقف آخر، كان بإمكاننا أن نزيح النظم من أوله إلى آخره ، وكان بيدنا الوحدات والقوات المسلحة والمال والسيطرة القوية، لكن هؤلاء الضباط الأبرياء الوطنيين أخذوا الموضوع على أنه حرص على سلامة الوطن، ولكي نؤكد أن الخلاف ليس طائفياً كما حاول الحاقدون إثارته في وقته، وكان بالإمكان أن نقوم بانقلاب، لو كان لدينا طموح أو مطامع شخصية خاصة ولكنا تمكنا من السيطرة على الموقف العسكري كاملاً لمصلحة البلاد ولكي تتمكن السلطة الشرعية من المحافظة على النظام.

كنا في موقف قوي، لو أردنا أن ننقلب على الجميع لكنا غيرنا الأوضاع، لكن فضلنا مصلحة الوطن، وسلامة الجمهورية فوق كل المطامع ، ورضينا بالخروج من السلطة لأن رؤيتنا وطنية، وهمنا هو الحفاظ على النظام الجمهوري ووحدة اليمن، وسلامة الوطن واحترام النظام والدستور وهيبة الدولة.. هذه المعاني التي ربينا عليها منذ 26 أيلول/ سبتمبر 1962م- أن نعمل على المحافظة على النظام الجمهوري وأن نذهب جميعاً من أجل بقاء النظام الجمهوري الخالد، هذه هي رؤية الضباط الأحرار ورؤية الضباط القادة، لأننا مشبعون بالحس الوطني وحينما نعود بالذاكرة إلى مثالية ما قبل الثورة متسائلين: هل يكون قائد الثورة ملازماً ثانياً؟ لوجدنا الجواب بوضوح في زهد ضباط الثورة بالسلطة وسنجد أن الزهد ما يزال موجوداً متأصلاً ومتجذراً في نفوسنا، لأن الضباط الأحرار تشربوا الوطنية والإيمان باليمن وسلامته وأن الثورة الجمهورية وثباتها هي الغاية والهدف.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد